فجرت دعوة رئيس البرلمان التونسي، راشد الغنوشي، إلى إنشاء تكتل إقليمي مغاربي قائم على ليبيا والجزائر وتونس موجة غضب في موريتانيا واستياء في المغرب وهما الدولتان اللتان استثناهما الغنوشي من هذه العملية.
وقال الغنوشي في حوار له مع إحدى الإذاعات المحلية إنه “يراهن على تحقيق فتح الحدود بين تونس وليبيا والجزائر، وتوحيد العملة في مابينها؛ لأن مستقبل هذه الدول واحد”.
وتابع في معرض حديثه لإذاعة “ديوان أف.أم” الخاصة أن “هذا المثلث يجب أن يكون منطلقا لإنعاش حلم اتحاد المغرب العربي، الذيسيساعد على حل المشكلات التي تعيشها تونس في إطار إقليمي”.
وسارع إخوان الجزائر إلى تأييد دعوة الغنوشي، وفيما نددت أوساط سياسية موريتانية بها، اعترض حزب العدالة والتنمية الذي يقودالائتلاف الحكومي في المغرب على هذا “الكلام الذي لم يكن فيه الغنوشي موفقا”.
ويرى مراقبون أن الغنوشي أراد الهروب من المشاكل الداخلية في بلاده، والتي باتت تحاصره مع تنامي المعارضة لكيفية إدارته مجلسالنواب (البرلمان) وتبلور رأي عام مناهض لحركته في الشارع مع تزايد حدة أزمة تونس السياسية من خلال النفخ في رماد اتحاد المغربالعربي الذي يتم إحياء ذكرى تأسيسه يوم 17 فبراير من كل سنة.
وقال الغنوشي الذي تحمّله أوساط سياسية كثيرة في تونس مسؤولية الأزمات التي تمر بها البلاد إن “هذا منطلقنا لإنعاش حلم المغربالعربي، ونحن من دون هذا الإطار لا نقدر على حل مشكلات تونس”.
وفي أولى ردود الفعل رحب رئيس حركة مجتمع السلم، أكبر الأحزاب الإخوانية في الجزائر، بدعوة الغنوشي قائلا خلال مؤتمر صحافي عقدهالسبت “نحن نتفق مع طرح الغنوشي، فقط هو ذكر تونس والجزائر وليبيا ونسي موريتانيا ونحن نضيفها”.
نورالدين قربال: الغنوشي أراد أخذ ليبيا كمتنفس لمشاكله في ظل الصراع مع سعيد
وأثار هذا التوافق بين إسلاميي تونس والجزائر، الذي يستهدف استبعاد المغرب وموريتانيا من الترتيب لنواة جديدة لاتحاد المغرب العربي،استياء في الرباط، بينما عبرت أوساط سياسية في موريتانيا عن سخطها من دعوة الغنوشي.
وقال نورالدين قربال، عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية الإسلامي وعضو في لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلاميةوالمغاربة المقيمين في الخارج إن “الغنوشي وإخوان الجزائر يريدون أخذ ليبيا كمتنفس لمشاكلهم الداخلية سواء لما يحدث بالجزائر أوالصراع بين المؤسسات داخل تونس خصوصا البرلمان الذي يترأسه الغنوشي ومؤسسة الرئاسة”.
وأضاف قربال في تصريح لـه أنه “يجب النظر إلى الوحدة المغاربية انطلاقا من النموذج المغربي الذي فتح حدوده للأشقاء في ليبيابكل شفافية ودون تدخل في شؤونهم بل هيّأ لهم ظروف الاجتماع والتوافق والتفاهم بينهم، وبالتالي لا يمكن لليبيا أن تقبل هذا التوجهالإقصائي من المقري والغنوشي”.
ووجه مراقبون انتقادات لاذعة لدعوة الغنوشي باعتبارها تكرس المزيد من التقسيم بين دول المغرب العربي الذي بدأ حلم توحيده يتلاشىتدريجيا.
وقال محمد الطيار الباحث المغربي في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، إن “دعوة الغنوشي التي باركها حزب إسلامي فيالجزائر تدخل في إطار الحرب الإعلامية التي يشنها النظام الجزائري وتدخل في نفس إطار ما تقوم به الآلة الإعلامية الرسمية الجزائرية”.
وأضاف الطيار “بالنسبة إلى الغنوشي فقد كان لاجئا عند النظام العسكري الجزائري، في مايو 1989، ومن الضروري أن يتماهى بشكلملحوظ مع كل أطروحات هذا النظام، وقد ندد من قبل في الإذاعة الجزائرية بتصريحات وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيس وكذلك الرئيسالتونسي الأسبق المنصف المرزوقي حيث حمّلا معا المسؤولية للنظام العسكري الجزائري في عرقلة بناء الاتحاد المغاربي”.
وفي موريتانيا، نددت أوساط سياسية بدعوة الغنوشي إلى تكتل إقليمي مغاربي يُقصي الرباط ونواكشوط.
وندد رئيس حزب الجبهة الشعبية، محمد محمود ولد الطلبة، بدعوة الغنوشي مستحضرا “ماضي الغنوشي وحركة النهضة اللذين دمرّا تونس”.
وقال ولد الطلبة في تصريحات أوردتها وسائل إعلام موريتانية “الغنوشي وحركة النهضة دمرا تونس، ودفعا بآلاف الشباب التونسي إلىالتنظيمات الإرهابية في سوريا وليبيا والعراق، والمدعومة بالأموال الخليجية والحركة الإخوانية العالمية” وفق قوله.