المغرب يبحث خطط اعتماد عملة رقمية

ماموني

بدأ المغرب بالتفكير رسميا في اعتماد عملة رقمية لمواكبة التطور المتسارع للعملات الرقمية وازدهار عملة البيتكوين، وفي هذا السياق أطلق البنك المركزي لجنة للعمل على دراسة المشروع وكشف كافة أبعاده ومكاسبه، في ظل تسارع الرهانات العالمية على العملات المشفرة.

قرر بنك المغرب (البنك المركزي) إحداث لجنة خاصة لدراسة موضوع العملة الرقمية، وكشف المكاسب التي ستحققها هذه الخطة للنظام المالي والاقتصاد ككل، في ظل اهتمام الحكومة بمواكبة التطور الحاصل لاستخدامات العملات المشفرة.

وأطلق بنك المغرب لجنة للعمل على تحديد وتحليل أبعاد ومكاسب طرح “العملة الرقمية للبنك المركزي” بالنسبة للاقتصاد الوطني.

وستعمل اللجنة على النظر في التطور الحاصل على استخدامات العملات المشفرة على المستويين الوطني والدولي، ودراسة الآثار المترتبة عن اعتماد العملة الرقمية للبنك المركزي على السياسة النقدية والاستقرار المالي في المغرب.

وأشار الخبير الاقتصادي محمادي اليعقوبي في تصريح له، إلى “أن فكرة الدرهم الافتراضي أو الإلكتروني بدأت تجد أرضية بين المسؤولين، لمواكبة التطور الحتمي للعملات الرقمية وازدهار عملة البيتكوين”، مضيفا “أنّ المغرب بدأ يفكر بجدية في مجال العملات الرقمية والمدفوعات غير النقدية”.

وارتباطا بالسيادة النقدية سيكون من اختصاصات البنك المركزي مراقبة تطور هذه العملة إذا تم تقرير تفعيلها، وقد لفت الخبير الاقتصادي إلى أن المعطيات الجديدة دفعت المغرب إلى وضع لجنة مخصصة لدراسة هذا الموضوع، رغم أن تطبيق العملة الرقمية لن يرى النور إلا على المدى المتوسط أو الطويل، ومن الضروري الاستعداد لذلك الآن.

ويأتي تأسيس اللجنة داخل بنك المغرب كنوع من المراجعة بعدما حذرت سابقا، كلّ من وزارة الاقتصاد والمالية وبنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل، رسميا في العام 2017 من التعامل بعملة البيتكوين في البلد، لأن الأمر يتعلق بنشاط غير منظم، وينطوي على مجموعة من المخاطر المرتبطة بغياب إطار حمائي للزبون المتعاطي لهذا النشاط، وتقلب سعر صرف العملات المشفرة.

ويضمن البنك المركزي الحسابات المصرفية ضد الاحتيال والسرقة، عكس العملات الرقمية التي لا تتمتع بنفس تدابير ومعايير السلامة، لهذا يؤكد عدد من الخبراء أن هذا الأمر يفرض على المؤسسات المالية الرسمية التكيف مع هذه المتغيرات، حماية للعملة الوطنية والحسابات المصرفية من أي تلاعب.

محمادي اليعقوبي: الدرهم الافتراضي بدأ  يكتسب أرضية بين المسؤولين

ونبهت المؤسسات المالية المغربية الرسمية إلى أن مخاطر استعمال العملات الافتراضية تتجلى في غياب حماية قانونية لتغطية الخسائر التي قد تنتج عن تعطل منصات التبادل، وغياب إطار قانوني خاص بحماية مستعملي هاته العملات عند إنجازهم للصفقات، لاسيما في حالات السرقة أو الاختلاس.

ومن المخاطر أيضا تقلب سعر صرف هذه العملات الافتراضية مقابل عملة متداولة قانونيا، إذ يمكن لهذا السعر أن يرتفع أو ينخفض بحدة في مدة قصيرة وبشكل غير متوقع، فضلا عن استعمال هذه العملات لأغراض غير مشروعة أو إجرامية.

وأعلنت بعض الشركات العالمية والبنوك المركزية إمكانية الاستثمار والتداول بالبيتكوين كعملة أصول، خصوصا بعدما واصلت العملة الرقمية المشفرة صعودها وتسجيلها رقما قياسيا ليصل سعرها إلى 50 ألف دولار.

وأشار خبراء اقتصاد مغاربة، إلى أن الاستثمار في العملات الرقمية مرتبط بمخاطر عالية نتيجة عدم وجود مرجعية مؤسسية من طرف المصارف والشركات الخاصة والعمومية، مضيفين أن الجهات الرقابية المغربية حذرة في كيفية المرور إلى الترخيص للتعامل بهذه العملة.

وفي مارس من العام 2020، غير بنك المغرب موقفه بخصوص العملات المشفرة، خلال مؤتمر دولي حول التحول الرقمي بالرباط، حيث قال عبداللطيف الجواهري إن البنوك المركزية مدعوة إلى “وضع حلول مؤقتة للأصول المشفرة في ظل غياب مرجع قانوني يخول لها ذلك”.

ولهذا اعتبر الخبير الاقتصادي محمادي اليعقوبي أن “هذه العملة الجديدة تجلب فرصا ولها مخاطر، لذلك يجب اغتنام الفرص والسيطرة على المخاطر، ومن الممكن فعلا أن يطلق المغرب نسخته الإلكترونية من الدرهم، لكن هذه النسخة ستبقى تحت سيطرة بنك المغرب”.

ونبه مكتب الصرف بدوره من كون المعاملات بهذه النقود الافتراضية، يشكل مخالفة لقانون الصرف الجاري به العمل، ويعرّض مرتكبيها للعقوبات والغرامات المنصوص عليها في النصوص ذات الصلة.

والعملات الافتراضية أو المشفرة هي وحدة حساب المركزية، لا يتم إصدارها من طرف دولة أو اتحاد نقدي، بل من قبل مجموعة من الأشخاص (ذاتيين أو معنويين)، استنادا إلى سجل يضم كافة المعاملات، ويتم تحيينه على مستوى جميع وحدات الشبكة (تقنية قاعدة البيانات التسلسلية).

ويتم تبادل العملات الافتراضية على الإنترنت فقط، وبالتالي فلا وجود لها في شكل قطع أو أوراق نقدية، ويصل عدد أنواع العملات الافتراضية، وفق بلاغ المؤسسات الثلاث الصادر في سنة 2017، إلى أكثر من 5000، والبيتكوين هي أكثرها انتشارا.

ومنذ ظهور التجارة الإلكترونية بالمغرب، ظلت أغلب العمليات، تتم خارج المنظومة البنكية باستعمال قنوات رقمية، من قبيل فيسبوك وإنستغرام ومواقع أخرى، وتشترط الأداء نقدا.

ومع تزايد القلق من عمليات النصب الإلكتروني والاحتيال في تداول البطاقات الائتمانية، بدأ الكثير من البائعين على المواقع الإلكترونية إلى صرف النظر عن الفرص التجارية التي تأتيهم من الإنترنت، ومع ظهور البيتكوين، لا يمكن أن يتم التراجع أو إبطال العملية بعد البدء بها، مما شجع التجار على قبول المعاملات الدولية بكل طمأنينة.

وكشفت دراسة حديثة لـ”سينيرجيا” أن التجارة الإلكترونية بالمغرب تواصل نموها بشكل ملحوظ، مسجلة أعلى نسبة نمو خلال السنة الماضية، وأوضحت الدراسة أن جميع المؤشرات تؤكد هذا الارتفاع، على مستوى عدد المواقع الخاصة بهذه التجارة، إذ تجاوزت ألف موقع، نصفها تأسس في 2019، و300 منها باشرت عملها السنة الماضية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: