الاستقالات تعمّق أزمة حزب الأصالة والمعاصرة المغربي

ماموني

تفاقمت الأزمة التنظيمية التي يمر بها حزب الأصالة والمعاصرة، أكبر أحزاب المعارضة في المغرب، على وقع استقالات تقدم بها برلمانيون وقيادات جهوية ما يضع حظوظ الحزب في الانتخابات العامة المقبلة على المحك.

وحمّل الأعضاء المستقيلون سواء البرلمانيون أو غيرهم قيادة الأصالة والمعاصرة مسؤولية الأزمة داخل الحزب رغم أن مراقبين يقولون إن هؤلاء يمهدون للانضمام إلى أحزاب أخرى مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية ضمن ما بات يعرف بـ”السياحة الحزبية”.

ابتسام عزاوي تقرر تجميد عضويتها لرفضها المواقف والقرارات المعبر عنها من قبل قيادة الحزب

وأكد محمد أبودرار البرلماني والقيادي بالحزب أن “الاستقالات ليست وليدة اللحظة، فالحزب شهد وما يزال هجرة الكثيرين مع توالي الخروقات غير المسبوقة في تاريخ الحزب والمجال السياسي المغربي ككل”.

وحمّل أبودرار قيادة الحزب مسؤولية الأزمة الداخلية قائلا “لطالما حذرنا من هذا النزيف لكن تكبّر القيادة صمّ آذانها عن جميع الأصوات المنتقدة، وعوض التحرك وصفت المنتقدين بأوصاف قدحية ساهمت بشكل كبير في تأجيج المشاكل” متوقعا المزيد من الاستقالات مع اقتراب الاستحقاقات الانتخابية.

وكان محمد أبودرار قد جمّد عضويته في جميع هياكل الحزب، وقال “إنها إشارة واضحة إلى أنني أجمع حقائبي ولم أعد أرى أي إمكانية لتغيير الأوضاع داخل الحزب فقد وصلنا إلى الحضيض، ويصعب عليّ الاشتغال مع قيادة تروج لها قضايا في المحاكم بالتزوير واستعماله”.

وقررت ابتسام عزاوي النائبة عن الأصالة والمعاصرة تجميد عضويتها في الحزب مبررة قرارها برفضها للعديد من المواقف والقرارات المعبر عنها من قبل قيادة الحزب، وآخرها الطعن في قانون تصفية معاشات البرلمانيين أمام المحكمة الدستورية.

وأكد سمير بلفقيه البرلماني وعضو المكتب السياسي السابق أن “قيادة الحزب عازمة ومصرة على إنتاج ضدّ ما أنشئ من أجله هذا الحزب، وهو العمل السياسي بشكل مغاير وتحرير الطاقات”.

وقبل أسابيع قليلة قدم عدد من المنتخبين بمجلس الرباط المحلي استقالاتهم من الحزب والتحقوا بحزب التجمع الوطني للأحرار احتجاجا على ما أسموه “حرب التزكيات” التي اندلعت داخل الحزب بجهة الرباط على خلفية الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. كما استقال 25 عضوا بكل من الخنافيف وسبت الكردان والمهادي التابعة لإقليم تارودانت جنوب المغرب.

وعزا هؤلاء أسباب استقالتهم من الحزب والتحاقهم بالتجمع إلى “الوضع غير السليم” داخل الأصالة والمعاصرة منذ المؤتمر الأخير، وتداعيات التزكيات للانتخابات المقبلة التي خلفت استياء في أوساط عدد من المنتخبين الذين لم يحظوا باختيار لجنة الانتخابات.

ويرجع مراقبون وخبراء الاستقالات الجديدة التي هزت حزب الأصالة والمعاصرة إلى ظاهرة “السياحة الحزبية” التي تعود إلى الواجهة مع كل استحقاق انتخابي.

محمد أبودرار: قيادة الأصالة والمعاصرة تتحمل مسؤولية أزمة الحزب

وأكد رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية أن “استقالة القيادات من الأصالة والمعاصرة مرتبطة بسعيهم إلى ضمان مواقع في الحزب الأول”، متوقعا أن يشهد أكبر حزب معارض “ترحالا سياسيا جارفا” مع اقتراب انتخابات 2021 تجاه أحزاب الاستقلال والعدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار.

ويرى رشيد لزرق في تصريح لـه أن “الإشكال يكمن في عدم الحسم في التصويت، وهل أن التصويت على البرامج أم على الأشخاص؟ لدينا تشريعات تحاصر ظاهرة السياحة الحزبية طيلة العهدة البرلمانية لكن زمن الاستحقاقات تعود هذه الظاهرة إلى الواجهة، وهنا يتم الاعتماد على الأعيان بدل المناضلين، والصراعات يتم حسمها خارج الآليات الديمقراطية”.

وقرر عبداللطيف وهبي رئيس حزب الأصالة والمعاصرة إعفاء عادل بركات الأمين الجهوي للحزب بجهة بني ملال خنيفرة وسط المغرب من مهامه. وعزا وهبي قرار إعفاء بركات رئيس فريق الحزب بمجلس المستشارين إلى “بعض الحيثيات والأخطاء المرتبطة بتدبير شؤون الأمانة العامة الجهوية للحزب”.

وتضامنا مع عادل بركات استقال الأمناء الإقليميون الخمسة بجهة بني ملال خنيفرة. كما قرر برلمانيون بمختلف أقاليم جهة بني ملال ورئيسا مجلسين إقليميين بذات الجهة وجل أعضاء المجلس الوطني تجميد عضويتهم في الحزب.

ويرى محمد أبودرار أن “القيادة الحالية للحزب تفتقد للحكمة والتبصر في التعامل مع المشاكل، إذ تلجأ إلى أسهل الحلول رغم كارثيتها متناسية أنها تتعامل مع هيئة سياسية تضم تيارات من مشارب مختلفة، كما حصل في إعفاء المنسق الجهوي بجهة بني ملال وهو الشيء الذي تسبب في موجة استقالات متتالية تنذر بزلزال كبير للحزب في هذه الجهة”.

ومنذ المؤتمر الرابع للحزب الذي أفرز عبداللطيف وهبي أمينا عاما للحزب خلفا لحكيم بنشماش لا يكاد الأصالة والمعاصرة يخرج من أزمة حتى تطفو على السطح أزمة أخرى.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: