تحت عنوان: الرئيس الجزائري يريد الإمساك بزمام بعد غياب لثلاثة أشهر؛ كتبت صحيفة ‘‘لوموند’’ الفرنسية أنه عشية مظاهرات مرتقبة بمناسبة ذكرى مرور سنتين على بدء الحراك الشعبي في الجزائر، وفي خطاب وجهه للجزائريين بعد رحلة العلاج الثانية في ألمانيا، أعلن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون حل البرلمان، كما أصدر عفوا رئاسيا عن معتقلين من الحراك. ففي خطاب إلى الأمة مدته 20 دقيقة حاول تبون السيطرة على الأوضاع من جديد، لاسيما السياسية، ومعالجة جائحة كورونا التي أضرت به شخصيا وضيعت عليه فرصة الاحتفال بمرور سنة على توليه الحكم، حسب تعبيره. فحل البرلمان والدعوة لانتخابات تشريعية مبكرة في موعد لم يحدد بعد، هو قرار متوقع حيث تفوح من البرلمان الحالي رائحة الفساد، بين شراء المقاعد، والأصوات، والتزوير الذي ميز الانتخابات التشريعية السابقة، تقول لوموند.
بعد رحلة علاج في ألمانيا دامت ثلاثة أشهر اضطر الرئيس الجزائري إلى التعامل مع هذا الملف كأولية، في وقت أثار غيابه الشكوك حول قدرته على تولي مهامه. من جهة أخرى يدرك عبد المجيد تبون أن الذكرى الثانية لانطلاق الحراك الشعبي ( 22 فبراير) قد اقتربت، وسط تخوف من التهاب شعلته مجددا بعد أن تم تعليق المسيرات بسبب جائحة كورونا، تضيف الصحيفة.
يدرك تبون أن الذكرى الثانية لانطلاق الحراك قد اقتربت وسط تخوف من التهاب شعلته مجددا بعد أن تم تعليق المسيرات بسبب جائحة كورونا
كما أعلن الرئيس الجزائري عن تعديل وزاري خلال 48 ساعة على الأكثر، سيشمل القطاعات التي تسجل إداراتها عجزا في تسييرها، وهو ما يشعر به المواطنون وقوات الأمن. لكن هذه العودة إلى صناديق الاقتراع والوعد بـمؤسسات جديدة لا تخلو من الحسابات. من جهة أراد الرئيس الجزائري سحب البساط من تحت أقدام المتظاهرين من خلال جذب جزء من المعارضة أو حتى شخصيات من الحراك كما يأمل، مقابل الوعد بإجراء انتخابات منفصلة عن المال والفساد وشفافة.
من جهة أخرى، تبون الذي كان يأمل أن يرفع من شعبيته من خلال الاستفتاء الدستوري الذي تم تنظيمه في الأول نوفمبر عام 2020. لكن الاقتراع تحول إلى إخفاق ذريع مع تسجيل عزوف انتخابي قياسي، بعد أن شجبت المعارضة ما أسمته الاستدراج الدستوري، ورفض النظام الاستجابة لمطالب المتظاهرين بالتغيير.
كل ذلك يضاف إلى شرعية انتخابية مطعون فيها بالنسبة للرئيس الجزائري الذي ينظر إليه على أنه جيء به من طرف الجهاز العسكري، وأنه مرشح الراحل الفريق أحمد قايد صالح. وبمجرد عودة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى الجزائر من رحلة العلاج في ألمانيا، أجرى مشاورات مع ستة أحزاب سياسية، خمسة منها مؤيدة عموما للرئيس وواحد في المعارضة، حيث حظيت المبادرة الرئاسية بترحيب متفاوت، تحالف المعارضة المعروف باسم ميثاق البديل الديمقراطي رفض دعوة الرئيس الجزائري، معتبرا أن النظام الجزائري في الحقيقة لا يريد حوارا، بل إن مشاورات الأعذار التي دعى إليها هدفها حشد عدد من الفاعلين السياسيين لإعطاء زخم لخارطة الطريق التي يحضر لها الرئاسة الجزائرية.
أما بالنسبة لحزب جبهة القوى الاشتراكية أقدم حزب معارض في البلاد، فقد اختار تلبية دعوة رئيس الدولة، لكنه طالب بـإجراءات التهدئة على غرار إطلاق سراح سجناء الرأي، كشرط مسبق للشروع في أي خطوة سياسية جادة. وهو طلب يبدو أنه وجد آذانا صاغية من طرف تبون الذي أعلن توقيعه على مرسوم رئاسي يقضي بالعفو على حوالى ثلاثين معتقلا حكم عليهم وآخرون لم يحكم عليهم بعد، وكلهم حوالي ستين معتقلا سيعودون إلى أحضان عائلاتهم.
دافع تبون عن سجله منذ تسلمه رئاسة البلاد بالتعبير عن رضاه بالطريقة التي أدارت بها حكومته الأزمة بسبب انخفاض عائدات المحروقات وجائحة كورونا
دافع الرئيس الجزائري عن سجله منذ تسلمه رئاسة البلاد، بالتعبير عن رضاه بالطريقة التي أدارت بها حكومته الأزمة الصحية في البلاد. وأوضح أن الدولة لعبت دورا مهما في امتصاص الصدمات، من خلال زيادة الحد الأدنى للأجور الذي وصل إلى 20000 دينار (أي 125 يورو)، وإلغاء الضريبة على الدخل الأدنى، على الرغم من انخفاض مداخيل الخزينة العمومية من عائدات المحروقات، إلا أن المال يذهب للجزائريين حسب تعبير عبد المجيد تبون.
كما قال تبون إن الدول الأقوى اقتصاديا وعسكريا وماليا في العالم تضررت بشدة من جائحة كورونا، وأن الجزائر تمكنت من التأقلم مع الأوضاع. وقبل أن يختتم خطابه هنأ تبون نفسه وأعلن عن إبرام اتفاق بين الجزائر وموسكو لإنتاج اللقاح الروسي سبوتنيك في محليا في غضون ستة إلى سبعة أشهر.