مناورات خصوم المغرب تصل إلى الكونغرس الأميركي

ماموني

يضغط اللوبي الموالي لأطروحة جبهة البوليساريو الانفصالية داخل الكونغرس بهدف إقناع الرئيس جو بايدن بالتراجع عن اعتراف الإدارة الأميركية السابقة بمغربية الصحراء، وهي ضغوط لا تلاقي صدى داخل إدارة بايدن الجديدة المؤيدة لمبادرة الحكم الذاتي المغربية والمتمسكة بعلاقات إستراتيجية قوية مع المملكة.

يقود اللوبي الموالي لأطروحة جبهة البوليساريو الانفصالية حملة داخل مجلس الشيوخ الأميركي ضد مصالح المغرب بعد فشل مناوراته السابقة، وذلك بهدف إقناع الرئيس جو بايدن بالتراجع عن اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء.

ووجه السيناتور جيم إنهوف إلى جانب 26 عضوا من مجلس الشيوخ رسالة إلى بايدن ، تطالبه بـ”إعادة التزام الولايات المتحدة بإجراء استفتاء تقرير المصير في الصحراء”، معتبرين أن “قرار الإدارة السابقة كان خطأ ولا يعكس السياسة الأميركية طويلة الأمد تجاه قضية الصحراء”.

وحسب ما ذكرته تقارير إعلامية، كنوع من ممارسة الضغط اعتبر أعضاء اللوبي الذي يدعم رؤية الجزائر بالكونغرس أن القرار الذي اتخذته الإدارة السابقة في ديسمبر الماضي، بالاعتراف رسميا بسيادة المغرب على صحرائه، “قصير النظر ويقوض عقودا من السياسة الأميركية التي عرفت بها مما تسبب في استياء عدد كبير من الدول الأفريقية”.

وأكدت مصادر دبلوماسية أن “الإدارة الأميركية لن تتراجع عن قرار الرئيس الأسبق دونالد ترامب، لأسباب جيواستراتيجية متعلقة بتفاهمات واشنطن والرباط ترتبط بالأمن القومي لكلا الطرفين”، مشيرة إلى أن “قرار واشنطن ليس ظرفيا وإنما مضبوط بقواعد أساسية تم الاشتغال عليها على مدى سنوات”.

محمد الطيار: تحرك اللوبي المعادي للمغرب لن يؤثر على قرار الإدارة الأميركية

وهذا ما ذهب إليه مستشار وزارة الخارجية الأميركية المكلف بشؤون الشرق الأوسط آرون ديفيد ميلر، مؤكدا في مقال له نشره موقع قناة “سي.أن.أن” أن بايدن لن يتراجع عن قرار الرئيس ترامب القاضي بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء.

ووفق بيان لوزارة الخارجية الأميركية، كان بايدن قد شدد في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على دعم الولايات المتحدة لتطبيع العلاقات مؤخرا بين إسرائيل ودول من العالم العربي والإسلامي، في إشارته إلى المغرب والإمارات والبحرين والسودان.

وكرد ضمني على ضغوط خصوم المغرب، وضعت وزارة الخارجية الأميركية الأربعاء خارطة المملكة المغربية كاملة بصحرائها في جميع مواقع التواصل الخارجي عبر العالم، في خطوة تعكس تمسك واشنطن بالاعتراف بمغربية الصحراء.

ويشير محمد الطيار الباحث في الدراسات الإستراتيجية والأمنية، في حديثه ، إلى أن “تحرك اللوبي المعادي للمغرب لن يؤثر على قرار الإدارة الأميركية المتعلق بالصحراء المغربية”. ويعزو ذلك إلى كون هذا القرار جاء في خضم تراكمات برزت منذ إدارة بيل كلينتون وعبر قانون المالية سنة 2014 في عهد باراك أوباما، حيث أقر الكونغرس بتوسيع المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة للمغرب لتشمل صحراءه الجنوبية.

ولفت الطيار إلى أن زيارة وفد عسكري أميركي رفيع المستوى خلال الأيام القليلة الماضية رفقة وفد عسكري مغربي إلى “قطاع المحبس” قرب الحدود الجزائرية رسالة أخرى توجهها الولايات المتحدة في ما يخص اعترافها بمغربية الصحراء.

وأوضح بالقول “لترسيخ الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء قررت كل من واشنطن والرباط هذه السنة أن تشمل مناورات ‘الأسد الأفريقي’ منطقتي الداخلة والمحبس وبمشاركة حوالي 10 آلاف جندي من مختلف الدول”.

ويستحضر باحثون في العلاقات الدولية المحاولات السابقة الفاشلة للوبي المناوئ للمملكة. وكان جون بولتون فشل في تنفيذ خطته الداعمة للانفصاليين حينما كان مستشار الأمن القومي للرئيس السابق، وكذلك عندما كان يتولى منصب مساعد المبعوث الأممي السابق جيمس بيكر وسفيرا للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة خلال الفترة ما بين 2005 و2006.

الإدارة الأميركية لن تتراجع عن قرار الرئيس الأسبق دونالد ترامب باعتراف واشنطن بمغربية الصحراء لأسباب جيواستراتيجية ترتبط بالأمن القومي لكلا الطرفين

ويشير هؤلاء إلى أن المؤسسات الرئيسية كالخارجية الأميركية والبنتاغون والاستخبارات لها رؤية مغايرة لمجموعات الضغط الداعمة للجزائر وبوليساريو.

وتعاقدت الجزائر مع شركة العلاقات العامة “ديفيد للاستشارات” المملوكة لمؤسسها ديفيد كين في العام 2018، الذي يعتبر من بين الأصدقاء المقربين لبولتون، بل الأكثر من ذلك أن بولتون كان هو السبب في تعرف هذه الشخصية على الجزائر قبل زهاء عقدين من الزمن ووراء اهتمامه بقضية الصحراء.

وحسب المتابعين، لم تستسغ الجزائر ومناصروها تشبث الولايات المتحدة بدعم موقف المغرب، خاصة حينما وصف ترامب أعقاب توقيعه الاتفاق القاضي بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، مقترح الحكم الذاتي بالجاد والواقعي، وأنه الأساس الوحيد لحل عادل ودائم من أجل السلام والرخاء.

وتبعا لذلك تحاول الجزائر عبر توظيفها الإعلام وعلاقاتها مع شبكات الضغط في واشنطن التشويش على مكاسب المغرب في ملف الصحراء.

ورأى سمير بنيس، الباحث والمحلل السياسي من واشنطن، أنه على المغرب التحرك بسرعة من أجل إحباط مخططات الجزائر وحلفائها في واشنطن والحيلولة دون تفكير بايدن في إلغاء قرار الاعتراف بمغربية الصحراء ومنع الجزائر من فرض سرديتها، منبها إلى أن “خصوم المغرب عاقدون العزم على الضغط على الإدارة الأميركية من أجل إحراجها وجعل هذا الملف موضوع رأي عام”.

ويستنتج الطيار أن اللوبي الأميركي الموالي للجزائر حاول إثارة موضوع الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء في جلسة المصادقة على وزير الخارجية الذي لم يسلم من ضغوطه. وختم بالقول “هي مجرد محاولة ضعيفة ولن تؤتي أكلها وهي محاولة كغيرها، على اعتبار أن هؤلاء يقومون بمهمتهم ليستمر تدفق مال الشعب الجزائري إلى جيوبهم”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: