المغرب يضبط خطة تعويض الواردات بالإنتاج المحلي

Belbazi

يركز المغرب بالاستعانة بخبراء الاقتصاد على بلورة خطة وطنية تحقق تعويض الواردات بالإنتاج المحلي لتقليص عجز الميزان التجاري، وذلك بالاستفادة من المواد الأولية لتقليل كلفة الاستيراد والاستعانة بصندوق محمد السادس للاستثمار لإعطاء دفعة قوية للشركات الكبرى لدعم هذه الخطط.

يطمح المغرب إلى تعويض جزء من الواردات بالإنتاج المحلي وذلك من أجل تمكين النسيج الاقتصادي من الانطلاق من جديد على أسس متينة بعد الأزمة الصحية المرتبطة بفايروس كورونا المستجد.

وقال الخبير الدولي أمين لاغيدي رئيس الجمعية المغربية للمصدرين “أسميكس” إن “تعويض جزء من الواردات لا يقل عن 34 مليار درهم (3.8 مليار دولار) بالإنتاج المحلي هو أمر مرتبط بالميزان التجاري الذي يعاني من العجز منذ فترة طويلة”.

وأشار إلى أن “المرة الوحيدة التي لم يشهد فيها الميزان التجاري المغربي عجزا كانت عندما فُرضت عمليات المراقبة على الواردات والعملة”.

أمين لاغيدي: المغرب يجب أن يتحول إلى قطب للتجارة الدولية والتداول

وأوضح “يتعلق الأمر بمشكلة هيكلية ينبغي التعامل معها بشكل مختلف. يجب أن تأخذ المقاربة المعتمدة في الاعتبار نموذجا يجعل من المغرب قطبا للتجارة الدولية والتداول وتحويل طنجة والداخلة إلى مناطق تجارية دولية مثل سنغافورة ودبي”.

وعلاوة على الصناعة والإنتاج الوطنيين يغطي هذا الجانب المتعلق بالتجارة أيضا الاستيراد من أجل إعادة التصدير، وميزة هذه العملية أنها ستمكن من الحصول على المواد الأولية بكميات كبيرة وبتكلفة أقل، وبعد ذلك تصديرها بشكل مكثف وهو ما سيقلص تلقائيا من تكلفة التصدير.

وشدد الخبير على ضرورة “الاستفادة من البنى التحتية المتميزة التي تتوفر عليها المملكة من أجل الحصول على المواد الأولية لإعادة التصدير ولتحقيق إنتاج وطني قوي”.

وأضاف “بالنظر إلى أن الأمر يتعلق بتجارة تتسم بالكثافة، فإنها ستمكن من تحقيق رقم معاملات ضخم وخلق مصادر وطنية جديدة للتمويل ومواصلة تعزيز وهيكلة رأس المال الوطني”.

وتابع “الشركات المغربية تعاني اليوم من ضعف الرسملة، وتكاليف التصدير واقتناء المواد الأولية أعلى من تلك الخاصة بمنافسينا”.

ولفت إلى أن “هناك قطاعات تاريخية مثل النسيج لا نتوفر فيها على سلسلة القيمة بأكملها. ومع التجارة والتداول (تريدنغ) ستكون المادة الأولية متاحة تلقائيا وبتكلفة أقل”.

ويجمع خبراء على أن تعزيز القدرة التنافسية للصناعة المحلية لا يجب أن يرتكز على الإنعاش فقط بالتمويل أو المواكبة المالية أو رعاية الشركات المنتجة بالتمويلات، وإنما من خلال تركيز الطلب الوطني.

وقال الخبير إن “المحفز هو إنشاء مراكز شراء وطنية ستحول الطلب الوطني المجزأ والذي ثبت أنه مكلف بالنسبة إلى المواطن المغربي”.

وبموجب ذلك ستكون مراكز الشراء هذه قادرة على التفاوض مع الموردين لخفض تكاليف الاستيراد، وكذلك مع المصنعين المغاربة لتحديد الاحتياجات من حيث الجودة والكمية والسعر.

وتستهدف الخطة تشجيع القطاع الصناعي المغربي على التكتل سواء تعلق الأمر بالتكتل على مستوى رأس المال (اندماج، استيعاب، شراء) أو التكتل الإستراتيجي في شكل مشاريع مشتركة.

وستعبر مراكز الشراء عن طلب معين ومهيكل، والذي ستتم تلبيته من خلال عرض إنتاج وطني قوي ومتنوع يتكون من شركات كبيرة ضمن تجمع وبشراكة مع مقاولات صغرى ومتوسطة ومقاولات جد صغيرة تتسم بالديناميكية.

وستسمح هذه المنظومة للاقتصاد المغربي بالاستفادة من العديد من المزايا. ويتعلق الأمر بالرسملة والابتكار والوصول إلى الموارد الإستراتيجية والمرونة والتخصص والتنويع في نفس الوقت.

وقال الخبير إن “مراكز الشراء ستنتقل لاحقا إلى العمل على المستوى الدولي، وبالتالي التحول إلى قاطرة للتصدير والتوزيع في الخارج مما سيسمح للنسيج الصناعي والخدماتي والزراعي المحيط بها بأن يصبح أكثر قوة وأن يشرع في التوسع”.

Thumbnail

ويرى الخبير أن تواجد المغرب اليوم ضمن اقتصاد متخصص في ما يتعلق بالصادرات يحتم ضرورة تشجيع ظاهرة العلامات التجارية الفاخرة، نظرا لأن الأمر لم يعد يتعلق بالحجم، وإنما بالقيمة المضافة والصورة والمكون الثقافي والتاريخ والحضارة.

كما أنه من الضروري ضمان جودة الصادرات، ومن هنا تأتي أهمية المراكز المتخصصة الخاصة. ويعد ضمان استمرارية السلسلة وتجنب نفاد المخزون أحد الجوانب ذات الأولوية.

وأضاف الخبير أمين لاغيدي “يجب أيضا تشجيع العلامة التجارية ‘صنع في المغرب’ بشكل مطلق، بمكونها الثقافي وتاريخها وخصوصا المنتج الأصلي. وسيسمح هذا التوجه ببروز طبقة متوسطة قوية في الوسطين القروي والحضري”. وشدد على ضرورة العمل من أجل فرض المغرب كقطب لتجارة الرفاهية من أجل جذب الاستثمار والمواد الخام بتكلفة أقل.

وسيتمكن الإنتاج الوطني الذي سيبلغ مستوى تعويض الواردات من خلق فرص عمل كافية في المناطق القروية والحضرية وسيضمن زيادة الصادرات مما سيمكن من تقليص العجز التجاري.

كما سيساهم صندوق محمد السادس للاستثمار في إعطاء دفعة قوية للشركات الكبرى لكي تلعب دور القاطرة من خلال مساعدتها على مزيد من الرسلمة والتصدير والتصنيع بشكل أكبر، فضلا عن الموارد البشرية ذات الجودة.

وكل ذلك حتى تتمكن هذه الشركات من جذب الشركات الصغرى والمتوسطة نحو التصنيع داخل المغرب. وستكون هذه القاطرات قطاعية (زراعة، صيد بحري، صناعات ثقيلة) وهو ما سيعطيها ديناميكية جديدة.

ويتعلق الأمر هنا بمواكبة المجموعات المغربية الكبيرة والمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة في إطار تدويل أنشطتها لاسيما في اتجاه القارة الأفريقية التي تكتسي أهمية كبيرة.

ويهدف الصندوق إلى تشجيع التصنيع وخلق فرص العمل والجودة، كما يعتبر رافعة لإضفاء الطابع الرسمي على العديد من الشركات خصوصا الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة التي يتعين عليها أن تكون مهيكلة وأن تحترم الالتزامات الاجتماعية والبيئية من أجل العمل مع الصندوق مباشرة أو مع الشركات الكبرى.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: