المغرب يدعم الأحزاب ماليا لمواجهة العزوف الانتخابي

ماموني

يثير إقرار مشروع قانون تنظيمي يستهدف الرفع من الدعم المالي العمومي للأحزاب السياسية المغربية تساؤلات عما إذا كان هذا الدعمسيجعل هذه الأحزاب تنجح في الحد من ظاهرة العزوف السياسي لاسيما زمن الانتخابات.

وأقر المجلس الوزاري الأخير الذي رأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس مشروع قانون تنظيمي ينص على الرفع من الدعم العموميللأحزاب بغية الرفع من أدائها ما ينعكس على جودة التشريعات والسياسات العمومية.

وينص هذا المشروع على أن يتم الرفع في قيمة الهبات والوصايا والتبرعات النقدية والعينية للأحزاب السياسية من 30 مليون سنتيم الحالية(30 ألف دولار) إلى 50 مليونا لكل متبرع، بالإضافة إلى السماح لها بتأسيس شركات التواصل والأنشطة الرقمية من أجل الحصول علىعائدات مالية إضافية.

ويرى مراقبون أن التعديلات التي تضمنتها القوانين الانتخابية الجديدة تستهدف تقوية حضور الأحزاب سواء في علاقتها بالقواعد أو علىمستوى علاقتها بالمواطنين.

أمين السعيد: السنوات الأخيرة عرفت تراجعا كبيرا في منسوب الثقة ليس في البنية الحزبية فقط، وإنما في السياسةبشكل عام

وشدد أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية، أمين السعيد، في تصريح لـه، على أن الجانب المالي ينبغي إحاطته بمجموعة منالضمانات لكونه مالا عموميا ويخضع لرقابة القضاء المالي المتمثل في المجلس الأعلى للحسابات، وحكامة المالية الحزبية يفترض ألا تبقى حبيسة القيادة المركزية، لذلك يجب على المشرع أن يبحث عن صيغ منفتحة لجعل التمويل يذهب إلى الكفاءات والقواعد على المستوى المحلي.

وكانت أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان قد اقترحت تقسيم 90 في المئة من الدعم المالي السنوي الإضافي المخصص للتأطير بالتساوي بين الأحزاب الممثلة في مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان)، والتي غطت 30 في المئة على الأقل من الدوائر التشريعية، وحصلت على أكثرمن 1 في المئة من الأصوات برسم الانتخابات التشريعية العامة، مع استفادة الأحزاب غير الممثلة في البرلمان بـ10 في المئة من هذا الدعم.

وينص مشروع القانون الجديد على تخصيص جزء من الدعم الإضافي للأحزاب لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار، حيث تم إقرار أحكام تنص على صرف دعم سنوي إضافي لفائدة الأحزاب يخصص لتغطية المصاريف المترتبة عن المهام و الدراسات والبحوث التي تنجز لفائدتها من طرف الكفاءات المؤهلة.

وكشف استطلاع للرأي أنجزه معهد الدراسات الاجتماعية والإعلامية حول آراء المغاربة من الانتخابات العامة لسنة 2021، أن حوالي 60 فيالمئة من المستجوبين لا يثقون بالأحزاب السياسية.

وأكد السعيد أنالسنوات الأخيرة عرفت تراجعا كبيرا في منسوب الثقة ليس في البنية الحزبية فقط، وإنما في السياسة بشكل عام،موضحا أنه بالرغم من الدينامية التي عرفها المغرب في سياق التحولات السياسية لما بعد أحداث الربيع العربي والإصلاح الدستوري وتقوية الأحزاب السياسية وعودة المتابعة لكل تفاصيل وجزئيات العمل السياسي، فإن محطة أكتوبر 2016 الانتخابية والطريقة التي انبثقت من خلالها حكومة سعدالدين العثماني أعطتا تفسيرا باهتا لدور الأحزاب السياسية.

ويحذر مراقبون وخبراء من اتساع الهوة بين الأحزاب والشارع المغربي، حيث لفت إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات إلى أن غياب الحوكمة في تدبير الدعم المالي العمومي الذي تستفيد منه الأحزاب من شأنه أن يؤثر على مصداقيتها لدى المواطنين، وبالتالي مشاركتهم في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

ويستند الدعم المالي للأحزاب السياسية على الفصل 10 من الدستور المغربي، والذي يعطي الحق لكل حزب في الاستفادة من التمويل العمومي وفق مقتضيات القانون الذي يحدد أهداف الدعم المالي، منها مساعدتها على الاضطلاع بأدوارها في مجال تنظيم وتأطير المواطنين وتعزيز انخراطهم في تدبير الشأن العام من جهة، ومن جهة أخرى منع لجوء هذه الأحزاب ومرشحيها إلى طرق غير مشروعة في مجال التمويل السياسي والانتخابي.

وتلقي الدعم من ميزانية الدولة لم يفلح في نهوض الأحزاب السياسية بمسؤولياتها كاملة، نظرا للصراعات الداخلية ما جعلها تجد صعوبة في استقطاب عناصر جديدة من المواطنين ومنهم نخبة واسعة من الشباب والنساء لإعطاء نفس جديد للعمل السياسي، ما سيؤثر على نسبةالمشاركة في الانتخابات المقبلة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: