الدعم الحكومي لا يكفي لإنقاذ الشركات المغربية من الإفلاس

ماموني

لم تسعف حزم الدعم الحكومية الشركات المغربية على مواصلة نشاطها، حيث اضطر عدد كبير منها إلى الإغلاق وتسريح العمالة رغم إجراءات الحكومة التي شملت قروضا إضافة إلى تأجيل سداد المستحقات وتخفيف التكاليف، إذ حدت البيروقراطية من وصول الدعم إلى العديد من المؤسسات في ظل الآثار الجسيمة لكورونا والتي فاقت في تداعياتها قدرات الدولة.

تأثرت الشركات المغربية المتوسطة والصغيرة بشكل كبير من تداعيات كوفيد – 19، ما دفع العديد منها إلى تعليق أنشطتها وإعلان إفلاسها بسبب تراكم إشكاليات التمويل بفعل ضغوط كورونا، ما يحمل إشارات حسب خبراء عن جسامة الخسائر وعجز الدولة عن ترميمها بسبب البيروقراطية وسوء التسيير الإداري للأزمة.

حسب آخر دراسة صادرة عن مكتب الدراسات أنفوريسك، بلغ عدد الشركات التي تم تسجيل إفلاسها في سنة 2020 ما مجموعه 6612 شركة، أي ما يشكل انخفاضا بنسبة 21.6 في المئة مقارنة مع سنة 2019.

وكشف تقرير أنجزته مؤسسة التأمين الائتماني الفرنسية “يولر هيرميس” أن 8439 شركة أعلنت إفلاسها في المغرب في عام 2019 بزيادة معدلها 5 في المئة مقارنة مع العام الذي قبله.

زكرياء الزرزاري: الشركات الصغيرة والمتوسطة أكبر المتضررين من كورونا

وبالرغم من أن سنة 2020 كانت سنة أزمة بامتياز بالنسبة إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة بسبب تداعيات جائحة كورونا، فإن معدل الشركات المفلسة كان أقل مقارنة بالسنوات الماضية.

وأفادت أنفوريسك، في دراسة بعنوان “صعوبات مغرب 2020.. سنة استثنائية”، أن الانخفاض المسجل في معدل الشركات المفلسة خلال سنة 2020 يعتبر انخفاضا استثنائيا بالنظر إلى كون 2020 سنة أزمة بامتياز وسنة سجل فيها المغرب أدنى معدلات النمو الاقتصادي بناقص 7 في المئة.

ويعزى هذا الانخفاض في معدل الشركات المفلسة إلى إجراءات الدعم التي قدمتها الدولة لفائدة الشركات في إطار منتجات القروض المضمونة التي أفرجت عنها كـ“ضمان أوكسجين” و”ضمان إقلاع”، فضلا عن الإجراءات المرافقة والمتعلقة بتأخير سداد العديد من المستحقات.

وأكد الأستاذ الباحث بكلية الاقتصاد والتدبير بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة زكرياء الزرزاري في تصريح لـه ، أن الشركات الصغيرة والمتوسطة وبحكم بنيتها المالية الضعيفة تعد من أكبر المتضررين من الجائحة على الصعيد المحلي، ومنها قطاعا السياحة والتموين والنسيج بعدهما قطاعا البناء والخدمات.

وأعلن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عن تمديد استفادة العاملين في القطاع السياحي من التعويض الجزافي الشهري الممول من الصندوق الخاص بتدبير جائحة كوفيد – 19 لفترة إضافية برسم أشهر يناير وفبراير ومارس.

وحسب تقرير المندوبية السامية للتخطيط في أبريل 2020، فإن من أصل 57 في المئة من الشركات بالمغرب التي عرفت توقفا تاما، هناك 98 في المئة مشكلة من الشركات المتوسطة والصغيرة.

وحسب مندوبية التخطيط سنة 2019، تشكل الشركات الصغيرة والمتوسطة حوالي 93 في المئة من النسيج الاقتصادي بالمغرب موزعة بين 64 في المئة، كشركات صغرى ونحو 29 في المئة كشركات متوسطة بينما 7 فقط مكون من الشركات الكبرى.

وأكد الزرزاري أن “المغرب قام بمجموعة من التدابير الاستعجالية من أجل إنقاذ الشركات الصغرى والمتوسطة، مثل التخفيف من التكاليف ودعم مالية الشركات ودعم الاستثمار وتسهيل الدخول إلى الأسواق وتسهيل الخدمات الرقمية”.

وأوضح أنه “رغم أهمية وتنوع تلك التدابير تبقى موجهة للقطاع المهيكل، في حين 30 في المئة لا يزال قطاعا غير مهيكل أي حوالي 30 في المئة من الشركات الصغرى والمتوسطة لم تصلها هاته التدابير”.

وتمثل الشركات الصغيرة والمتوسطة 0.8 في المئة من الشركات المفلسة، فيما بلغت نسبة الشركات الكبيرة المفلسة 0.3 في المئة. وأوضحت دراسة أنفوريسك أن 99 في المئة من الشركات المفلسة هي شركات صغيرة جدا، أغلبها لم يتمكن من الولوج إلى القروض المضمونة التي أعلنت عنها الدولة.

قطاع السياحة أكبر متضرر من كورونا

وأفاد الأستاذ الباحث بكلية الاقتصاد والتدبير بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة أن من الأسباب التي أدت إلى إفلاس تلك الشركات صعوبة الوصول إلى البرامج المتعلقة بالتمويل نظرا إلى بعض العقبات البيروقراطية وسوء استعمال تلك البرامج من طرف بعض الشركات التي لا تتوفر فيها الشروط اللازمة، مما حرم مجموعة من الشركات الصغيرة والمتوسطة من الوصول إلى هذه البرامج.

وأشارت الدراسة إلى أنه تم الإبقاء على الإجراءات التي تهم الآلاف من الشركات، والعديد منها لم يقو على البقاء دون دعم الدولة، مؤكدة أن أعراض الأزمة تجلت أساسا في التوقف المؤقت للنشاط وتقليص مدة العمل وتسريح العمالة وخفض عدد المستخدمين.

واعتبر الزرزاري أن البنية الاقتصادية الهشة للشركات الصغيرة والمتوسطة لا تمكنها من انتظار المساعدات عن طريق البرامج في آجال تتجاوز 30 يوما.

وقالت المندوبية السامية للتخطيط بالمغرب (هيئة رسمية مكلفة بالإحصاء) إن 57 في المئة من مجموع الشركات في البلاد أوقفت نشاطها بشكل مؤقت أو دائم بسبب فايروس كورونا، وأضافت أن أزيد من 135 ألف شركة اضطرت إلى تعليق أنشطتها مؤقتا، فيما أقفلت 6300 أخرى بصفة نهائية.

وقرر المغرب في مارس 2020 إنشاء صندوق خاص لتدبير ومواجهة الفايروس لمواكبة القطاعات الأكثر تأثرا بفعل انتشار كورونا، كالسياحة، والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الأزمة.

وتوقع مكتب الدراسات أنفوريسك أن تكون 2021 سنة أزمة أكبر بالنسبة إلى إفلاس الشركات، بالنظر إلى حجم ملفات الشركات المتراكم بمحاكم المملكة والتي لم تعالج بعد، فضلا عن الأوضاع الاقتصادية التي تعرفها البلاد جراء تداعيات جائحة كورونا بالرغم من المجهود الذي قامت به الدولة لحماية الشركات من الإفلاس.

ومن أجل إعادة الحيوية للشركات المتوسطة والصغرى، اقترح زكرياء إقرار نظام تمويلي على المدى البعيد وبشكل دائم حتى تتمكن من اللجوء إلى تمويل مناسب وبفائدة مناسبة.

وشدد على مواكبة الشركات المتضررة مع تمكينها من تمويل إضافي إلى حدود 2025 حتى تتمكن من العودة إلى مستوياتها الإنتاجية والخدماتية ما قبل جائحة كوفيد – 19.

ومن المنتظر استفادة الشركات المتوسطة والصغرى من دعم “صندوق محمد السادس للاستثمار”، بعدما صادقت عليه الحكومة الخميس الماضي، حيث أكد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني أن الحكومة تعمل لتحقيق الإنعاش الاقتصادي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: