المغرب يسعى لتقوية تنافسية المنتج المحلي وحمايته

ماموني

يتطلع المغرب إلى تقوية المنتج المحلي وحماية تنافسيته في ظل انتشار استهلاك المنتجات المستوردة، ما أضر بالنسيج الاقتصادي الوطني وتسبب في عجز الميزان التجاري واستنزاف احتياطي النقد الأجنبي، الأمر الذي دفع الحكومة إلى اتخاذ تدابير عاجلة لتحفيز الصناعات المحلية.

أدت سياسة الانفتاح الاقتصادي التي اعتمدها المغرب خلال العقود الثلاثة الأخيرة، إلى بروز مجموعة من التحديات الاقتصادية، حيث تسبب فتح الباب للاستيراد في تقليص الإقبال على المنتج المحلي، مما قلص تنافسيته وهو ما دفع إلى اتخاذ قرارات لتشجيع المنتجات الوطنية.

ويرى اقتصاديون، أن المواطن المغربي يفضل استهلاك المنتجات المستوردة نتيجة ضعف تنافسية المنتجات الوطنية وغياب ثقافة استهلاكها، وهو ما أدى إلى الإفراط في الاستيراد وتكريس عجز الميزان التجاري واستنزاف الاحتياطي من العملة الصعبة.

وأكد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني في جلسة برلمانية مؤخرا، أن “الحكومة وضعت برنامجا، واتخذت جملة من التدابير الرامية إلى دعم المنتج الوطني والتشجيع على استهلاكه والرفع من تنافسيته في السوق الوطنية والأجنبية”.

ويرى رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة بالغرفة الأولى رشيد العبدي، أنه من أجل إعطاء أهمية للمنتج المحلي، يتعين الحرص على إلزام الشركات الوطنية، بحد أدنى من استهلاك المنتج المحلي، وذلك رغم كون رئيس الحكومة التزم إلى حد ما، بتطبيق الأفضلية الوطنية في الصفقات العمومية.

ومن أجل تشجيع الإنتاج المحلي وتقليص عجز الميزان التجاري، أقرت الحكومة الرفع من نسبة رسم الاستيراد المطبق على بعض المنتجات مكتملة الصنع من 25 إلى 30 في المئة، بمقتضى القانون المعدل للمالية 2020، ثم إلى 40 في المئة بالنسبة لبعضها في قانون المالية 2021.

ويتعلق الأمر بمنتجات غذائية، مثل البن والكاكاو والتوابل وعصائر الفواكه والخضر والمياه المعدنية وزيوت المائدة والسكر الخام أو المكرر والملابس والأحذية، وتجهيزات منزلية، مثل الثلاجات والأفرنة وغسالات الملابس والسيراميك وطاولات المدارس.

وتتضمن الزيادة الأدوية والمنتجات الصيدلية والتجهيزات الطبية والأسِرَّة الطبية، إلى جانب قطع غيار السيارات والمركبات النفعية، ومجموعة من مواد التأثيث المنزلي.

سعدالدين العثماني: الحكومة اتخذت قرارات للتشجيع على استهلاك المنتج المحلي

وفي هذا السياق أكد النائب البرلماني عن حزب الاستقلال لحسن حداد، على أن “الأفضلية الوطنية يجب أن تكون القاعدة وليس الاستثناء”، مشيرا إلى “أن المنتج الوطني إذا لم يكن مدعّما وذا جودة عالية، لا يمكن أن تكون له تنافسية محليا ودوليا”.

وأضاف حداد، في كلمة له خلال الجلسة الشهرية للأسئلة الموجهة لرئيس الحكومة بمجلس النواب، أن “موضوع إعطاء المناعة والقوة للمنتج الوطني لا يعني الانعزال أو نزعة قومية ذات نفحة اقتصادية، ولكن تحقيق الجودة والتنافسية للتموقع أحسن في العولمة”.

وقال الخبير الاقتصادي إدريس الفينة  إنه “من الضروري الانتباه لما يجري من تحولات عالمية واستخلاص للدروس”، مشيرا إلى أنه “رغم أن القانون المالي لسنة 2021 أعطى الأسبقية للمنتج الوطني والشركات الوطنية، لا تزال الأمور على حالها، وهو ما يمكن الاطلاع عليه من خلال رصيد الميزان التجاري والميزان الخارجي للخدمات”.

ولفت الفينة إلى أن الإدارة لوحدها خلال 2019 استنزفت ما يزيد عن 10 مليارات درهم (1.1 مليار دولار) من الخدمات المقتنية من الخارج، أو هي خدمات كان بالإمكان اقتناؤها داخليا بالعملة الوطنية.

ويؤكد مهنيون على تضافر الجهود لكل من القطاع الخاص وهيئات ممثلة للمستهلكين وممثلي العمال والمشغلين بغية الاتفاق على سياسات تكاملية، تهدف بالأساس إلى الرفع من تنافسية المنتج الوطني ومستوى الطلب الداخلي، مع الحفاظ على التوازنات الاقتصادية والمالية للبلاد.

وأكد العثماني حرص حكومته على تشجيع المنتجات المغربية، حيث تم إلزام أصحاب المشاريع أيضا بمنح الأفضلية لهذه المواد والمنتجات، خصوصا التقليدية منها أو المصنعة.

وأضاف المسؤول المغربي، أنه تم حصر اللجوء للمواد المستوردة في الحالات التي لا يتوفر فيها منتج مغربي يستجيب للمعايير التقنية المطلوبة.

وأقدمت الحكومة على دراسة وتقييم مجموعة من اتفاقيات التبادل الحر، حرصا منها على تطبيق تدابير الحماية التجارية كلما استلزم الأمر ذلك، من خلال مقتضيات قانون يسمح بتصحيح الاختلالات الناجمة عن بعض ممارسات المنافسة غير المشروعة عند الاستيراد.

واعتبر رئيس الفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة بالغرفة الأولى، أن سياسة الانفتاح التي انتهجها المغرب من خلال إبرام العديد من اتفاقيات التبادل الحر، لم توازيها الحكومة بإجراءات الدعم والمواكبة للشركات الصغرى والمتوسطة، والعمل على تعبئة الفرص التي تتيحها لتسويق المنتجات الوطنية وتنويع الأسواق الخارجية.

وسبق لوزير الصناعة والتجارة والاقتصاد حفيظ العلمي، أن أشار إلى أن هناك عددا من المواد التي يستوردها المغرب بقيمة تصل إلى 43 مليار درهم (4.8 مليار دولار) يمكن تصنيعها بالمغرب.

ووضعت الحكومة خطة، من خلال برنامج “تطوير”، لمواكبة الاستثمارات في إنتاج المواد التي يمكن صناعتها في المغرب، ويتعلق الأمر بالمساهمة بنسبة 30 في المئة من قيمة الاستثمار، وتحمل 80 في المئة من كلفة الخبرة التقنية وعدد من الامتيازات الأخرى.

وأفاد البرلماني رشيد العبدي، بأن المنتج الوطني المعروض في السوق الوطنية لا يتجاوز في أحسن الأحوال نسبة 10 في المئة من حجم السوق، داعيا رئيس الحكومة إلى القيام بجولة خاطفة في الفضاءات الكبرى الموجودة في مختلف جهات المملكة، للوقوف عند الحقيقة “المرة”، التي يعاني منها المنتج المغربي.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: