الجزائر تحاصر احتجاجات طلابية إثر احتراق طالبة جامعية

بليدي

سرعت الحكومة الجزائرية من وتيرة تحركاتها لاحتواء موجة الغضب الاجتماعي المتصاعد في البلاد، خاصة في ظل تتابع الاختلالات التي تعمق الفجوة بين الشارع والسلطة، حيث تحولت حادثة احتراق طالبة في حي جامعي بالعاصمة، إلى فتيل يكاد يلهب الجبهة الجامعية التي تضم مليونا ونصف مليون طالب.

وأعلنت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الاثنين، عن إقالة مدير الإقامة الجامعية “أولاد فايت 2” بالعاصمة، على خلفية الحادث الذي أودى بحياة طالبة جامعية تُدعى بكوش نصيرة، بعد انفجار قارورة غاز في الغرفة، حسب شهود عيان، بينما أرجعت الإدارة الحادث إلى شرارة كهربائية.

وأثار الموت المأساوي للطالبة المنحدرة من عائلة معوزة بولاية تيارت غرب البلاد، موجة غضب شديدة لدى الأوساط الطلابية، الأمر الذي وضع القطاع على خط الانفجار بسبب المشكلات المتراكمة وتدهور الخدمات الاجتماعية المقدمة للطلبة، رغم الأموال الضخمة التي ترصدها الحكومة للقطاع.

وفي خطوة لتطويق الموقف، بادرت وزارة التعليم العالي إلى تليين اللهجة مع مطالب الطلبة والعودة إلى فتح ملف الخدمات الاجتماعية، خاصة بعد تصريحات مثيرة أدلى بها مسؤول في الديوان، حول ما أسماه بـ”جودة الوجبة الجامعية مقارنة بتلك التي يتناولها في بيته”، الأمر الذي يبرز مخاوف الحكومة من انفجار القطاع، خاصة وأنه ظل طيلة شهور كاملة المغذي الرئيسي لاحتجاجات الحراك الشعبي خلال العامين الماضيين.

وفي هذا الصدد، أمر وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبدالباقي بن زيان، مديري الخدمات ومديري الإقامات الجامعية، بـ”اتخاذ كل الإجراءات والتدابير الأمنية الوقائية الضرورية، من أجل الحفاظ على سلامة الطلبة والعمال والممتلكات، داخل فضاءات وهياكل الخدمات الجامعية، بما فيها شبكات الغاز والكهرباء والماء والتدفئة”.

الجزائر تسعى إلى تلافي الاضطرابات الاجتماعية التي أخذت منحنى أفقيا خلال الأسابيع الأخيرة، بعد تمدد عدوى الاحتجاجات المتصلة بالبطالة والبيروقراطية وتردي الخدمات العمومية

وتعهد الوزير في تصريح أدلى به لوسائل الإعلام، بـ”خضوع كل العمليات التي يجري القيام بها في مختلف المستويات، إلى التقييم المستمر”، في حادثة الطالبة المتوفاة، والتي تم فتح تحقيق في ظروف وملابسات القضية، خاصة في ظل الروايات المتضاربة.

ويسود شبه إجماع لدى طلبة الجامعات والتنظيمات والجمعيات الطلابية إلى تدهور مستوى الخدمات الجامعية، خاصة خلال السنوات الأخيرة، وبالتحديد في مجالات الطعام والمبيت، رغم الأغلفة الضخمة التي ترصدها الحكومة للقطاع، الأمر الذي حول الجامعة إلى بؤرة توتر حقيقية قابلة للانفجار في أي لحظة.

وتسعى الحكومة إلى تلافي الاضطرابات الاجتماعية التي أخذت منحنى أفقيا خلال الأسابيع الأخيرة، بعد تمدد عدوى الاحتجاجات المتصلة بالبطالة والبيروقراطية وتردي الخدمات العمومية إلى العديد من المدن والمحافظات، بينما قرر عدد من المحتجين تنظيم مسيرة رمزية من مدينة الأغواط إلى العاصمة على مسافة 400 كلم، للتعبير عن انشغالهم العميق تجاه توزيع فرص الشغل في محافظتهم.

وكان الرئيس عبدالمجيد تبون، الغائب عن البلاد منذ نحو شهر، في إطار رحلته العلاجية الثانية التي قادته إلى ألمانيا، قد تعهد في حملته الرئاسية العام 2019، بالقضاء على ما أسماه بـ”مناطق الظل”، في إشارة إلى البؤر المعزولة والمتخلفة، وحوّل المسألة إلى إحدى أبرز نقاط برنامجه، غير أن “تخاذل” الحكومة في التكفل بانشغالات هؤلاء، لم يحقق نتائج مريحة وملموسة.

وأحصت حكومة عبدالعزيز جراد، نحو 15 ألف نقطة ظل، وتم رصد أغلفة مالية للعملية إلا أن تراكم الانشغالات على مر السنين الماضية مقابل تراجع المقدرات المالية للبلاد، بسبب الأزمة الاقتصادية وجائحة كورونا، حال دون تحقيق طموحات رئيس الدولة، الذي راهن على العملية كثيرا نظرا لما تشكله تلك البؤر من تهديد مباشر للاستقرار الاجتماعي للبلاد، وتغذيتها للاحتجاجات السياسية المعلقة.

وتواصل الحكومة مخطط استمالة سكان المناطق المعزولة ببرامج تنموية على غرار تعميم توفير شبكة الكهرباء والغاز، والتساهل في تحصيل الأعباء والمستحقات، من أجل ضمان هدوء تلك الجبهة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: