آفاق استثمارية واعدة تنتظر الشركات المغربية في أسواق أفريقيا

ماموني

دخول الأسواق الأفريقية وفق أسس مدروسة

أكد خبراء أن نمو استثمارات الشركات المغربية في أفريقيا، في السنوات الماضية والذي مكنها من انتزاع موطئ قدم لها في القارة، وخاصة في بلدان غرب أفريقيا، سيجعل أعمالها في المجالات المختلفة، التي تنشط فيها ستزدهر بشكل أكبر مع اقتراب دخول منطقة التجارة الحرّة القارية حيز العمل منتصف هذا العام.

الرباط – حافظت الشركات المغربية على توجّه تصاعدي في توسيع وتنويع أنشطتها الاستثمارية في أفريقيا، ضمن خارطة قطاعية تضمنت المصارف والاتصالات والأسمدة والعقارات والصناعة والتجارة والتوزيع والمجالات المرتبطة بقطاع المناجم والصناعات الاستخراجية.

وزاد اهتمام الشركات بتوسيع استثمارات القطاع الخاص بعدما أطلقت دول القارة في يناير الماضي، منطقة تجارة حرة قارية بهدف إقامة تكتل اقتصادي حجمه 3.4 تريليون دولار، ليكون أكبر منطقة تجارية منذ تأسيس منظمة التجارة العالمية.

ويرى مستثمرون أفارقة أن المغرب يعتبر من الدول التي تتزعم حركة الاستثمارات في مجموعة كبيرة من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

وأكدت منى القادري مديرة نادي أفريقيا والتنمية لمجموعة التجاري وفا بنك، في لقاء نظم مؤخرا في العاصمة الموريتانية نواكشوط حول فرص الاستثمار في قطاع المعادن والصناعات الاستخراجية، أنه “لم يعد يخفى على أحد الاهتمام الكبير للشركات الأفريقية بالاستثمار في القارة، رغم بعض العوائق التي تواجهها أحيانا”.

وقالت القادري إنه “مع اقتراب دخول المنطقة الحرة حيز العمل في يوليو المقبل، فإن الجميع منكب حاليا على إيجاد إجابات عملية عن كيفية إزاحة هذه الصعوبات لتعزيز فرص الاستثمار فيها”.

وأظهر مؤشر التنمية الدولية الذي أنجزته شركة بيرنغ بوينت للاستشارات، أن تطور الشركات المغربية في أفريقيا يتجه نحو إرساء نماذج اقتصادية جديدة خلال العقد المقبل.

وأوضح المؤشر الذي تم إنجازه بالشراكة مع الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والذي يحلل استراتيجيات تطوير الشركات المغربية في أفريقيا، أن بعض الشركات تعمل على تطوير مبادرات جديدة، مقترحة تبني نماذج اقتصادية جديدة ومكملة.

وستعرف الوجهة الأفريقية للشركات المغربية زخما جديدا، حيث بمجرد رفع الحواجز الجمركية، ستدخل سوقا يضم قرابة 1.2 مليار شخص، ويبلغ الناتج الإجمالي لها نحو 2.5 تريليون دولار.

وأشارت دراسة بيرنغ بوينت إلى أن المصارف المغربية يتعين عليها مواجهة الاضطرابات في السوق المصرفية الأفريقية منذ الثورة الرقمية، وانفجار ظاهرة التحويل المالي الرقمي والتكنولوجيا المالية القارية.

ورغم ذلك، رأى معدّو الدراسة أن بعض الشركات بدأت بالفعل في تطوير مبادرات مبتكرة، والذي يعتبر عاملا محفزا لتطوير الشركات.

وتجمع منطقة التجارة القارية الأفريقية جغرافيا بين 49 عضوا في الاتحاد الأفريقي والبالغ عددهم 55 دولة وخلال الفترة الأخيرة، وقعت كل الدول الأفريقية على الاتفاقية الإطارية القارية، وصادقت عليها، باستثناء دولة إريتريا.

وقال عزالدين غفران، وهو أستاذ باحث وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، إن “منطقة التجارة الحرة القارية ستزيد من فرص الاستثمار على مستوى أفريقيا، وستحسّن جاذبيتها”.

منى القادري: الشركات المغربية منكبة على إزالة كل الصعوبات للتوسع
منى القادري: الشركات المغربية منكبة على إزالة كل الصعوبات للتوسع

وأشار غفران في لقاء نظمه مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، إلى أن الاستثمارات المغربية تتمركز بشكل جيد في أفريقيا الغربية وتحتل الصدارة هناك، ومنطقة التجارة الحرة القارية سيستفيد منها المستثمرون المحليون في مجالات التجارة والخدمات.

وسجل المؤشر أن غالبية الشركات المغربية تتبنى نفس النموذج الاقتصادي لتنميتها في أفريقيا، مشيرا إلى أن تلك الشركات الكبرى المتواجدة في القارة تواصل العمل وفقا للنماذج الكلاسيكية لمالكي الأصول أو مقدمي الخدمات.

وتظهر الدراسة، التي تحلل استراتيجيات تطوير الشركات المغربية في أفريقيا، أن البعض من هذه الشركات تعمل على تطوير مبادرات جديدة، مقترحة تبني نماذج اقتصادية جديدة ومكملة.

وتفكر 54 في المئة من الشركات المغربية العاملة في أفريقيا، التي شملتها دراسة بيرنغ بوينت في تغيير نموذج عمل الشركات نحو نموذج مكمل أو هجين من أجل تحقيق المزيد من النمو.

وبخصوص المستقبل، يتضح أن تطوّر الشركات المغربية في أفريقيا يتجه نحو تطوير نماذج اقتصادية جديدة خلال العقد المقبل.

ويتفق غفران على أن المغرب لديه اقتصاد متنوع وتنافسي، وهو ما يؤكده الفائض الذي راكمه على مستوى المبادلات التجارية مع بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، إضافة إلى كونه أصبح ينافس في بعض المجالات الصناعية، التي تحتكرها الدول المتقدمة.

في المقابل، لا تتوقع 46 في المئة من الشركات التي شملتها الدراسة تغيير نموذج نشاطها، إذ تطمح 36 في المئة منها، إلى تطوير نموذج جديد يكمل أنشطة أعمالها الأساسية، بينما تفكر 18 في المئة منها في تغيير نموذجها لتحقيق التنمية.

وأوضح عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، أن المنطقة ستمكّن كذلك من تنمية القدرات الإنتاجية للدول الأعضاء ومنها المغرب، كما ستمكّن من الرفع من مستوى الدخل الفردي وتقليص الفقر، كما ستتطور التجارة البينية.

ومن المتوقع أن تصبح منطقة التجارة الحرة القارية سوقا واعدة جدا، وفق البنك الدولي، إذ سيرتفع إجمالي صادرات الدول الأعضاء بعد التنفيذ الكامل للمنطقة إلى 29 في المئة بحلول 2035، وسترتفع الصادرات البينية إلى 81 في المئة.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: