يفكّر العقلاء في البناء والتعمير، ويفكّر الحمقى في الهدم والتخريب. هذا هو حالنا مع جارة السوء… الهمّ الوحيد لدى الجنرالات في الجزائر ليس مصلحةَ الشعب الجزائري… ولا الدفعَ بالبلاد إلى مصافّ الدول النامية بَلْهَ المتقدمة… ولا حتى التنافس مع الدول النفطية الأخرى… الهمّ الوحيد لديهم هو إلحاقُ الأذى بالمغرب الشقيق وقطع يده التي طالما امتدت نحوهم بالمساعدة والمساندة.
سبحان الله!
من كان يخطر بباله أن الجزائريين سيأتي عليهم يوم يقفون طوابير للظفر بلتر من الحليب (المغشوش) وكيس صغير من السميد؟؟؟
من كان يتصوّر هذا الانهيار التامّ للدينار الجزائري؟ حتى بات درهم مغربي واحد يعدل قفة من الدنانير…
من كان يتوقع أن الجزائريين سيُحْرَمون من الفواكه والخُضَر أو يكاد، في الوقت الذي أنعم الله تعالى على أرضهم بالتربة الخصبة الشاسعة والماء الدافق والسواعد القوية… أين الخلل؟
لماذا يغامر شباب الجزائر في قوارب الغرق وتحت أرجلهم بحور من الغاز؟
لماذا يَهْدر حكام الجزائر ثروة البلاد على البوليساريو؟
لماذا هذا العداء الفاحش في حق المغرب الذي ضحى بكل ما يملك في سبيل تحرير الجزائر؟
بصراحة، إنه لَبلاء عظيم هؤلاء الطواغيت العسكريون الذين يتعاقبون على الشعب الجزائري الحبيب. ولكنَّ الطغيان لا يدوم… ومجاهدتُه فريضة شرعية وضرورة إنسانية… مجاهدةٌ يجب أن تتمثّل في استئناف الحراك الشعبي والسلمي ومواصلته حتى يسقطَ البُغاة وينجليَ ليلُ الظلم وتُشرقَ شمسُ الحرية، وتُفتح بيننا الحدود، وتتلاشى عصابةُ قُطّاع الطريق… ونبني معاً وحدةَ المغرب الكبير على حبّ وأخوة وتعاون وتكامل…
وما ذلك على الله بعزيز.
الشعبان المغربي والجزائري جسد واحد، وعدوّهما عدوّ واحد. أما العدوّ فهو الدكتاتورية العسكرية العمياء التي لا بد لها أن تسقط. لا بدّ.
كفاكم ياشعبَ النخوة والإباء من رؤساء لا يمثلون حتى أنفسهم فضلاً عن تمثيل دولة في حجم الجزائر. مِن بوتفليقة إلى تبون إلى بيدق قادم، الله أعلم من سيكون…
لقد جعلوا من اتخاذ المغرب عدوّا الشماعةَ التي يُعلقون عليها نكساتِهم وإخفاقاتِهم وتخلفَهم على كل صعيد وفي كلّ مجال.
وأخشى ما نخشاه الآن هو أن يرتكب شنقريحة حماقةً عسكريةً على بلادنا ليسيل الدم غزيراً غزيراً… – لا قدّر الله- وإنه لمنكرٌ عظيم على عقلاء الجزائر أن يحُولوا دونه…
منكر واضح المعالم بيّنُ القَسمات… منكر ملخصه الزجّ بأبناء الجزائر الأشقاء إلى التهلكة على رمال الصحراء المغربية التي ليس لهم فيها جمل ولا ناقة. وبعد كل هذا الشحن للنفوس بالبغض والكراهية والحسد… فإنّ القادم لا يبشر بخير.
فطبول الحرب تُقرع منذ شهور… والتسخينات الإعلامية الجزائرية على قدم وساق… لا؛ بل إنّ الحرب ملتهبة وقائمة منذ تحرير الكركرات قبل أسابيع حتى وإن كانت حرباً خيالية قائمة فقط في استديوهات التلفزيون الجزائري… المهم أنها قائمة وكفى.
عاش الشعب الجزائري وعاش الشعب المغربي والهلاك لمن يريد لنا الهلاك…ننصحهم من كل قلوبنا، لكنهم يستكبرون ويمكرون ( اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلا يَحِيْقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إلا بَأَهْلِه)
————————
محمد الفزازي رئيس الجمعية المغربية للسلام والبلاغ