مدنية لا عسكرية … إنه الشعار الذي أصبح يجمع أحرار الجزائر في الداخل مع المعارضة الجزائرية في الخارج … لكن هناك غموض في موقف معارضة الخارج من هذا الشعار ، فكيف ذلك ؟
أرى أنه من واجب الوطنيين الأحرار الشرفاء الجزائريين في الداخل والخارج أن ينشروا التاريخ الحقيقي للجزائر منذ التفكير في الثورة على المستعمر الفرنسي إلى خنق هذه الثورة ابتداءا من 1961 واغتصاب جماعة وجدة للسلطة بقيادة المقبور بومدين وذلك بالهجوم على الجزائر العاصمة في صائفة 1962 ، وكذلك تنوير الشعب الجزائري بأن الثورة لم تأتي من فراغ بل جاءت بواسطة رجال الجزائر الأحرار الحقيقيين وعلى رأسهم مجموعة 22 التي لا يوجد بينهم لا المقبور بومدين ولا بنبلة ولا بوتفليقة وكذلك جماعة الستة الأبطال الذين فجروا الثورة عمليا وليس بينهم أيضا لا المقبور بومدين ولا بنبلة ولا بوتفليقة ، كيف لا نجد اسم هؤلاء المجرمين بين صفوف أشهر جماعتين في تاريخ ثورة تحرير الجزائر ( مجموعة 22 ومجموعة الستة ) وبالعكس نجد اسم سيد الشهداء المرحوم محمد بوضياف في المجموعتين معا ؟ مِنْ هنا ندرك أن الذين حكمونا ولا يزالون يحكموننا لا علاقة لهم بثورة نوفمبر 1954 إلا من حيث التآمر عليها وعلى رجالاتها الحقيقيين أو انتهاز الفرص للسطو على أي شيء يمسخ صورة ثورة نوفمبر 1954 والدليل أن آخر من فَــرَّ من شَـرِّهِمْ وعاش في المغرب حتى وجدوا الفرصة لاغتياله وهو المرحوم الشهيد محمد بوضياف وهو من الذين وَرَدَ اسمُه في المجموعتين معا !!!! كان مخطط المقبور بومدين والعصابة التي ورثت السلطة بعده إلى اليوم ونحن في عام 2021 هو إطفاء كل بصيص من نور يكشف تحريف الثورة وخنقها واغتصاب السلطة ووضعها نهائيا في يد عسكر فرنسا من أصل جزائري … من هنا وجب على أحرار الجزائر تصحيح تاريخ الجزائر… ولمن أراد التحقق من هذين الجماعتين فما عليه إلا أن يبحث وسيتأكد من كلامي …
أولا : المعارضة الجزائرية في الخارج وضرورة الشجاعة في مواجهة تصحيح تاريخ الجزائر :
فباستثناء المدعو بن سديرة الذي لا يدخل في هذا الموضوع لأنني إذا اعتبرته من المعارضة الجزائرية في الخارج فإنني سأخدش كرامة معارضة الخارج المشهورة إذا وضعته معهم وهو معروف عنه أنه سفير عصابة السلطة العسكرية الحاكمة في الجزائر في الخارج ، ومن الظلم أن أجمعه معهم فهم أَنـْبَـلُ من ذلك رغم بعض الانتقادات الموجهة إليهم خاصة حول مواقفهم من بعض القضايا ، وبن سديرة هذا أَتْـفَـهُ مِنْ أن يُمَثِّـلَ حتى مزابل الإعلام الجزائري إنه يمثل ( شعب بومدين الحلوف ) في الخارج ..
إذن كلامي موجه للمعارضة الجزائرية في الخارج التي أعتبر شخصيا أن ما تقوم به فعلا هو أنها تستقي أخبار الداخل عن الجنرالات والكابرانات الحاكمين في الجزائر والشياتة وأصحاب الشكارة ، و تبحث عن فضائح أصحاب النفوذ التي لا تحصى في الجزائر وعن أخبار الصراع على السلطة بين العسكر في الجزائر ونشرها من مثل : أن هذا سيجتمع مع الآخر لتدبير مؤامرة ضد الآخرين ، أو أنا أعلم قبل الجميع أن الجنرال الفلاني سيلقي القبض على الجنرال العلاني ، وأن لي مصادر موثوقة في الداخل تخبرني بأن القضية الفلانية هي مجرد تغطية على القضية العلانية وأن كذا وكذا وكذا ….
السؤال : بماذا تفيد هذه الأخبار والمعلومات شعب الأحرار في الجزائر لاقتلاع جذور مافيا الجنرالات الحاكمين في الجزائر ؟ وقد أصبح نشر مثل هذه الأخبار وتعميمها مثل الأفيون عند البعض في الداخل الذين يريدون سماع ما يُحِبُّونَ سماعه عن أخبار سلطة العسكر في الجزائر ولا يحركون ساكنا …. ومعارضة الجزائر في الخارج تبحث عما يحب أن تسمعه هذه الفئة في الداخل من أخبار بلدهم من طرف المعارضة في الخارج التي تتمتع بقدر من الحرية لتقول ما تراه يخدم مصلحة الوطن ، والشعب في الداخل بعد سماع تلك الأخبار سيذهب كل واحد إلى فراشه وينام مبتسما لأن المعارض الفلاني في الخارج قد تحدث عن الجنرال العلاني وأشفى غليله فيه ، وتبقى الحقيقة المُرَّة هي أن السلطة العسكرية الجزائرية لا تتزحزح من مكانها بمثل هذا الكلام لأنه مجرد نشر أخبار كانت تدور في حلقة صغيرة و تتسع هذه الحلقة عندما تنشرها معارضة الخارج ، أما الحقيقة المُرَّة أن سلطة الطغاة الحاكمين في الجزائر تبقى مستمرة تمشي في مخططها خطوة خطوة وتزيد الضغط على الشعب الساكن تحت ( صباط ) هؤلاء الجنرالات طيلة 59 سنة ولا يزالون ، وربما تستفيد المخابرات من كلام هذه المعارضة في الخارج لأن هذه الأخيرة أخذت موضوع المعارضة بشكل مقلوب ، وما بني على الثرثرة فقط لا خير فيه على الشعب الجزائري المغبون ، هذه المعارضة الخارجية تَـفْـلِـقُ رؤوسنا بأخبار عن الجنرالات وكابرانات فرنسا وتدين سلطة العسكر، خاصة وأن الذين يزودونهم بهذه الأخبار هم في الداخل ، وهكذا يبقى الوضع في الداخل دون تغيير ، وتبقى معارضة الخارج تدور في حلقة مفرغة لا تأثير لها اليوم على الوضع داخل الجزائر لا سياسيا ولا اجتماعيا ولا اقتصاديا ، وأنا أستغرب من هذه المعارضة التي تقتصر على منهجية واحدة وهي سرد حكايات الصراع على السلطة داخل الجزائر بين عناصر مافيا الجنرالات وفضح الفساد المنتشر في الجزائر ، هذا الصراع الذي ينتهي بركوب عصابة جديدة على ظهر الشعب الجزائري ويبقى الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي كما كان منذ 1962 … وأنا أستغرب أن تتشارك معارضة الخارج مع الحِراك الشعبي في شعار ( مدنية لا عسكرية ) دون أن تتعمق مع الشعب في حيثيات وظروف بناء جزائر ما بعد ( الاستقلال ) على الحكم العسكري الديكتاتوري ، وليست لهذه المعارضة في الخارج الشجاعة أن تخبر الجزائريين عن تاريخ تأسيس هذه السلطة العسكرية في الجزائر منذ 1961 أي قبل الإعلان عن تاريخ ( الاستقلال ) الشكلي ، ومن أين جاء فيروس حكم العسكر إلى الجزائر ؟ فهل سقط عليهم من السماء ؟
ثانيا : لماذا لا تكشف معارضة الخارج تاريخ سلطة الحكم العسكري في الجزائر منذ 1961 :
لماذا لا تستطيع معارضة الخارج المشهورة فضح تاريخ سلطة العسكر في الجزائر وأن تكشف للجزائريين من أين ومتى وكيف تسلط على الشعب الجزائري فيروس حكم العسكر في الجزائر ؟ هذا سؤال وشرط لا بد منه للحديث مع الشعب الجزائري الحر من زاوية معارضة سلطة العسكر الحاكم في الجزائر اليوم ونحن في 2021 ، ليفهم الشعب الجزائري لماذا يخرج إلى الشارع ويرفع شعار ( مدنية لا عسكرية ) ، وأنا على يقين أن نسبة كبيرة جدا من الشعب الجزائري المغبون في كل حقوقه لا يفهم معنى هذا الشعار ، إِذْ أن بعضهم سيعتبر هذا الشعار خيانة في ( حق جيش التحرير الوطني (ALN) ) الذراع العسكري لجبهة التحرير الوطني (FLN) الذي حارب الاحتلال الفرنسي ، ولا يعرف أن ( الجيش الوطني الشعبي الجزائري ) هذا هو من تأسيس المقبور بومدين على دعائم صلبة من ضباط الجيش الفرنسي من أصول جزائرية وهذا الجيش ليس هو (جيش التحرير الوطن (ALN…ومع احترامنا لهذه المعارضة في الخارج ( طبعا باستثناء الخنزير بن سديرة الذي يستحق البصق على وجهه ) أقترح على المعارضة الجزائرية في الخارج أن يفكروا جيدا ويعملوا على تصحيح تاريخ الجزائر عبر حلقات ، و أن تكشف الحقائق التاريخية كما هي ، لكن يبقى السؤال : لماذا لا يستطيعون النبش في تاريخ تكوين جيش التحرير الوطني منذ نشأته إلى أن غَـيَّـرَ اسمه المقبور بومدين إلى ( الجيش الوطني الشعبي الجزائري ) ؟ قد يكون خوفهم من جبروت العسكر الحاكم الذي له اليد الطولى هو المانع من كشف حقائق جذور الحكم العسكري في الجزائر ، الخوف من أن يلحقهم ما لحق محمد شعباني الذي قال قولته الشهيرة ( يجب تطهير الجيش من ضباط فرنسا ) فحكموا عليه بالإعدام في شتنبر 1964 أو يتم اغتيالهم كما اغتيل عدد كبير من أحرار الجزائر وعلى رأسهم سيد الشهداء المرحوم محمد بوضياف الذي اغتيل في عنابة في 29 يونيو 1992 أمام كاميرات العالم ، أو كما اغتيل عبان رمضان في الناظور المغربية عام 1957 لأنه كان مهندس الثورة الجزائرية وًجَبَ التخلص منه لأنه سيقف عقبة أمام مخطط المقبور بومدين ، هذا الاحتمال الأول أي الخوف من الاغتيال أما الاحتمال الثاني الذي يمنع معارضة الخارج أن تنبش في أصل تاريخ الحكم العسكري في الجزائر فهو ربما إذا كشفوا هذا التاريخ سيكشفون أنفسهم بأنهم كانوا جزءاً من السلطة العسكرية التي تجذرت في الجزائر وبذلك سيفقدون ثقة عشاق سماع كلامهم عن فضائح سلطة العسكر في الجزائر … وفي جميع الأحوال نلتمس لهم العذر بما يقومون به اليوم .
ثالثا : التاريخ الحقيقي لسلطة الحكم العسكري في الجزائر :
من الأكاذيب التي ينشرها حكام الجزائر منذ هجوم جماعة وجدة على العاصمة الجزائر في صائفة 1962 أن الانقلاب العسكري الذي قام به المقبور بومدين في 15 جويلية 1961 على حكومة فرحات عباس المدنية المؤقتة بأنه إصلاح داخل جبهة التحرير وجناحها العسكري بموافقة كل قادة الثورة بالتراضي وتسليم السلطة المطلقة للعسكر وعلى رأسها المقبور بومدين ، وهذا كذبٌ صُرَاحٌ، وهذا كذبٌ صُرَاحٌ ، هذه خرافة لتبرير كل ما سيأتي بعد خنق ثورة نوفمبر 1954 والسطو على السلطة بالعنف عام 1962 ، وهذا كلام مردود عليه من خلال البيان رقم واحد المنشور بعنوان ( استقالة هيئة الأركان العامة في 15 -07 -1961 البيان رقم 1 في الانقلاب على الحكومة المؤقتة ) ….
ولمن لا يعرف ما جاء في هذا البيان المشؤوم يمكن أن ألخص لهم ما جاء فيه كما يلي :
1) أنها لا تطبق قرارات مجلس الثورة المنعقد بطرابلس ما بين 16 ديسمبر 1959 و 18 جانفيي 1960
2) يتهم بومدين الحكومة المؤقتة أنها لا تطبق القانون الأساسي لجبهة التحرير وخاصة شعارها الخالد ( كل شيء للجيش ).
3) يبررالمقبوربومدين انقلابه على الحكومة المؤقتة بكونها لم تطبق إعادة هيكلة جيش التحرير ماديا وبشريا.
4) يتهم بومدين الحكومة المؤقتة بالتلاعبات المالية المُخْزِيَةِ في مختلف الوزارات .
5) كانت هيئة الأركان ( يعني بومدين ومن معه ) تنتظر الدورة العادية لمجلس الثورة المفترض أن تنعقد في يناير 1961، وخلال الأشهر الأولى من نفس السنة على أبعد تقدير، لكن تأجيل هذه الدورة (حتى أوت) أدى إلى مزيد من التأزم والاحتقان في علاقة بومدين ورفاقه بالحكومة المؤقتة والثلاثي القوي فيها على وجه التحديد، أي كريم بلقاسم و لخضر بن طوبال و عبد الحفيظ بوصوف·( أي الباءات الثلاثة )
وعليه فقد قام بومدين بالانقلاب على الحكومة المؤقتة في 15 جويلية 1961 حيث أعلن العقيد هواري بومدين استقالة قيادة هيئة الأركان العامة لجيش التحرير الوطني التي تضم إلى جانبه الرواد: علي منجلي، أحمد قايد (سليمان)، رابح زرّاري (عزالدين)· وفي 15 من نفس الشهر وجهت الهيئة مذكرة مطولة إلى كل من رئيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية فرحات عباس وأمانة المجلس الوطني للثورة الجزائرية، بهدف ترسيم قرار الاستقالة من جهة وشرح أسبابها تجنبا لكل تأويل مغرض من جهة ثانية” … (انتهى ملخص البيان رقم 1 ) ) لهيئة الأركان العامة لمجلس الثورة التي انقلبت على الحكومة المدنية المؤقتة برئاسة فرحات عباس ) …
رابعا : المقبور بومدين يؤسس سلالة مافيا جنرالات فرنسا من أصول جزائرية لتحكم الجزائر مدى الحياة :
بدأت الثورة في نوفمبر 1954 ، وبعد ثلاث سنوات من الجهاد ضد الجيش الفرنسي بدأت مؤشرات اضطراب الجيش الفرنسي أمام شجاعة المجاهدين الجزائريين وتضحياتهم وقدرتهم الخارقة في التنظيم ومباغثة العدو الفرنسي في كثير من النواحي العسكرية لجيش التحرير الوطني الجزائري ، وبمجرد أن تسلم الجنرال دوغول الحكم في فرنسا عام 1958 قرر الشروع في المفاوضات مع الحكومة المدنية الجزائرية المؤقتة برئاسة فرحات عباس ، وهكذا تشكل وفد جزائري للتفاوض مع المستعمر الفرنسي ، وكانت التعليمات التي أعطيت للوفد الجزائري أنه لا تنازل عن مطلب الاستقلال التام للجزائر وخروج الجيش الفرنسي من أرض الجزائر فورا ، واصطدم الوفد الجزائري مع الوفد الفرنسي وكان مصير مفاوضات 1958 الفشل بسبب تصلب موقف الوفد الجزائري ، من هنا شرع الجنرال دوغول في البحث بين صفوف الجزائريين عَمَّنْ يُريد التسلط على الجزائريين ويكون هَـمُّهُ الوحيد هو إمساك زمام السلطة في الجزائر مهما كان الثمن ، فوجد الجنرال دوغول في عصابة وجدة برئاسة المقبور بومدين ضالته ، وكانت لقاءات سرية بين الجنرال دوغول والمقبور بومدين ، وكان أول موضوع فتحه الجنرال دوغول مع المقبور بومدين هو تصلب الوفد الجزائري في المفاوضات ، ثم كان العرض الفرنسي الذي وافق عليه المقبور بومدين لكن اشترط فيه هذا الأخير على الجنرال دوغول أن يسلمه هو شخصيا السلطة في الجزائر يدا بيد ، وأن لا تطالب الهيئات السياسية في فرنسا بضرورة إجراء انتخابات تشريعية في الجزائر قبل الاستفتاء عن الاستقلال ، بالمقابل اشترط الجنرال دوغول تغيير الموقف المتصلب للوفد الجزائري في المفاوضات ، هنا قرر المقبور بومدين أن ينقلب على الحكومة المدنية المؤقتة فكان انقلاب 15 جويلية 1961 وتَحَكُّمُ الجناح العسكري في جبهة التحرير الوطني بقيادة رئيس الأركان المقبور بومدين ، ومنذ ذلك التاريخ أصبح للعسكر وحده الكلمة إلى الآن ، فبعد هذا الانقلاب أصبح الوفد الجزائري المفاوض مَرِناً مع الوفد الفرنسي ويوافق على إملاءات فرنسا وكان ما أراده الجنرال دوغول باتفاقه مع المقبور بومدين .
خامسا : ورقة الاستفتاء على استقلال الجزائر تفضح مؤامرة المقبور بومدين مع الجنرال دوغول :
تم الاتفاق بين الوفد الجزائري الذي نفذ تعليمات العسكر الذي سيطر على جبهة التحرير الوطني والمستعمر الفرنسي على أن يقول الشعب الجزائري ( نعم ) لما في ورقة الاستفتاء على ( استقلال ) الجزائر الناقص وكان المكتوب في ورقة الاستفتاء على ( استقلال ) الجزائر الناقص ما يلي : (” هل تريد أن تصبح الجزائر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962 ( نعم oui ) هذا هو منطوق الورقة التي استفتى بها الشعب الجزائري على ( الاستقلال المزور ) … فَـمَنْ مِنْ الجزائريين يعرف شروط 19 مارس 1962 التي تضمن التعاون مع فرنسا ؟ بعد البحث المكثف لم أجد هذه الشروط ، المهم من كل هذا أن المقبور بومدين شرع في تنفيذ مخططه على الأرض بدءا من قَـطْعِ المؤونة على جيش التحرير في الجبال وقَـطْعِ تزويده بالذخيرة واللباس والأحذية ، ففي اعتراف لأحد المجاهدين الحقيقيين مؤخرا أي بعد قيام حِراك 22 فبراير 2019 قال: بأننا شعرنا بالتغيير في معاملتنا ونحن في الفيافي والجبال بعيدا عن مركز ( قيادة الجبهة ) حيث بدأنا نشعر بتقليل كمية المؤونة والعتاد والذخيرة عنا ، ثم أنه ابتدءا من 1960 انقطعت عنا المؤونة والذخيرة نهائيا وأصبحنا عراة حفاة وبلا ذخيرة ندافع بها عن أنفسنا ، وحتى الأخبار انقطعت عنا وأصبحنا عرضة للتقتيل من طرف جيش الاستعمار إلى أن سمعنا خبر هجوم جماعة وجدة على العاصمة الجزائر في صائفة 1962 ، وسمعنا ونحن في الجبال أن كثيرا من المجاهدين حاولوا اعتراض جيش بومدين القادم من الحدود الغربية لكنهم تعرضوا للقتل ومنذ ذلك الحين أدرك الكثير من المجاهدين أن جماعة وجدة ستقتل كل من يواجهها فاختاروا التسلل إلى أقرب قرية أو دشرة بعد أن يتخلصوا من سلاحهم ويغيروا شكلهم ويندمجوا في تلك القرية أو الدشرة ، وقد انتشرت أخبار تؤكد أن أي مجاهد حاول أن يتساءل عما يجري بين سنتي 1962 و 1963 يكون مصيره القتل بلا تردد على يد جماعة وجدة وأنصارهم الذين سيطروا على الجزائر العاصمة بعد أن خنقوا الثورة واغتصبوا السلطة بالقوة العسكرية .
سادسا : تأسيس سلالة مافيا جنرالات فرنسا الحاكمة في الجزائر بفضل تواطؤ المقبور بومدين مع الجنرال دوغول :
لم ينزل علينا حكم سلطة العسكر في الجزائر من السماء بل صنع المقبور بومدين سلالة لمافيا من جنرالات فرنسا من أصول جزائرية بتواطؤ مع الجنرال دوغول ، ولعل هذه إحدى الشروط المكتوبة في بطاقة الاستفتاء على الاستقلال المزور للجزائر أي أن تصبح الجزائر دولة مستقلة متعاونة مع فرنسا حسب الشروط المقررة في تصريحات 19 مارس 1962 وهي البطاقة التي وضعها الشعب الجزائري بحسن نية في صناديق الاستفتاء على الاستقلال بتاريخ 01 جويلية 1962 وبعد الإعلان عن نتائج الاستفتاء ( بنعم ) بنسبة 99 % أعلن الجنرال دوغول عن استقلال الجزائر في 05 جويلية 1962 حسب الشروط التي وضعتها فرنسا بفضل دهائه وخيانة جماعة وجدة لمبادئ الثورة والذي ظهر فيما بعد أنه ( استقلال ناقص ) وهي الفرصة التي اغتنمها المقبور بومدين لسيطرة العسكر الجزائري على السلطة وأن يؤسس سلالة عسكرية من كبار ضباط فرنسا من أصول جزائرية لتحكم الشعب الجزائري إلى الأبد ، وقد كان الأمر كذلك حيث أنه في سنة 1964 أي حينما كان المغفل بنبلة رئيسا للجزائر والمقبور بومدين وزيرا للدفاع أي احتفظ بالسلطة العسكرية التي استولى عليها منذ انقلاب 15 جويلية 1961 وبهذه الصفة أولا : خنق ثورة نوفمبر 1954 . ثانيا اغتصب السلطة بالهجوم على العاصمة الجزائر في صائفة 1962 بقوات جيدة التدريب من جيشه ومجهزة بأسلحة كثيرة ، وهذا الجيش لم يشارك قط في قتال الاستعمار بل كان في ثكنة عسكرية في الحدود الغربية قرب مدينة وجدة المغربية ينتظر تنفيذ مخطط المقبور بومدين العسكري لتأسيس سلطة عسكرية في الجزائر بعد ما يسمى ( الاستقلال ) . ثالثا : في 1964 راسل المقبور بومدين بصفته وزيرا للدفاع الجزائري ، راسل وزير الدفاع الفرنسي بأن يبعث له جميع الضباط الكبار الفرنسيين من أصول جزائرية فاستجاب وزير الدفاع الفرنسي لطلبه بسرعة وبعث له عددا كبيرا من الضباط الفرنسيين من أصول جزائرية وهؤلاء الضباط لا علاقة لهم بما يسمى ( دفعة لاكوست ) لأن دفعة لاكوست بدأت بالدخول للجزائر منذ 1958 واندسوا بين المجاهدين وقُـلُوبُهُمْ مع فرنسا مثل خالد نزار ، أما الدفعة الكبيرة من ضباط فرنسا التي نتحدث عنها فهي التي دخلت إلى الجزائر في عام 1964 إثر مراسلة وزير الدفاع الجزائري المقبور بومدين إلى وزير الدفاع الفرنسي ، ولما دخل هؤلاء الضباط اختار بومدين أَجْوَدَهُمْ خبرةً وعين بعضهم قادة للمناطق العسكرية الحساسة ، وأحاط نفسه ببعضهم لأنه كان لا يثق مطلقا في الضباط الجزائريين الأصليين ، وهذا شيء منطقي جدا لأن بعض الضباط المجاهدين الجزائريين الأصليين احتجوا على اعتماد بومدين على ضباط فرنسا وعلى رأسهم الشهيد محمد شعباني الذي كان أصغر عقيد في جيش التحرير الوطني والذي قدم في المؤتمر الرابع لحزب جبهة التحرير الوطني 16 أفريل 1964، قدم شعباني تقريرا صريحا مطالبا فيه بتطهير الجيش من الدخلاء، بعده تدخل بومدين مرددا عبارته الشهيرة : “من الطاهر بن الطاهر الذي يريد تطهير الجيش “؟ وفي رواية أخرى أن العقيد محمد شعباني بعد افتضاح أمر بومدين باعتماده على ضباط فرنسا واستبعاد ضباط الجزائر الأصليين من المناصب الحساسة شرع في نشر أخبار هذه الفضيحة بين بقية الضباط الجزائريين الأصليين لأنها تتناقض مع ما كان ينتظره شرفاء الجزائر لمصير الجزائرييين سياسيا بعد الاستقلال ، فكان مصير محمد شعباني محاكمة صورية بدعوى إثارة الفتنة بين صفوف الجيش وتم حفر قبره قبل أن ينطق القاضي بحكم الإعدام حيث أعدم في 03 سبتمبر 1964 بمدينة وهران ، وبعد إعدام شعباني بعشرة أشهر فقط قام المقبور بومدين بالانقلاب العسكري على المغفل بنبلة بتاريخ 19 جوان 1965 ، فكان للمقبور بومين الفرصة لمطاردة كل من شَـمَّ فيه رائحة الوطنية الجزائرية الحقة أو المطالبة بالحرية والتعددية ، فاغتال الكثير وفر منهم الكثير وبذلك خلا له الجو لتأسيس سلالة مافيا جنرالات فرنسا من أصل جزائري يحكمون الشعب الجزائري إلى يوم القيامة … وبذلك يتحقق حلم الجنرال دوغول وهو في قبره بأن تبقى الجزائر تابعة لفرنسا إلى الأبد…
سابعا: هذا هو تاريخ الحكم العسكري في الجزائر وما على المعارضة في الخارج إلا أن تتسلح بالشجاعة لنشره.
لا مزايدة في محبة الجزائر الوطن العزيز ، لكن الاجتهاد في النبش عن حقيقة سرطان مافيا جنرالات فرنسا من أصل جزائري وكيف أصبحوا سُلَالَةً حاكمةً في الجزائر لم تقضي عليها انتفاضة أكتوبر 1988 ولا ثورة عشر سنوات 1991 – 1999 ، وظهر مَكْرُهَا وخبثها في التلاعب بالشعب واستدراجه إلى استنساخ عصابات من عناصر عصابات سابقة طيلة 59 سنة مما يؤكد أن مافيا الجنرالات الحاكمة الفعلي في الجزائر سرطان متجذر في الجزائر ، وقد أصبح من العبث البحث عن دلائل أن كل العصابات التي توالت على حكم الجزائر لم تكن إلا واجهة للسلالة التي تحكم من وراء حجاب وهي سلالة مافيا جنرالات فرنسا من أصل جزائري الحاكمة في الجزائر وعرفنا بالبحث والتدقيق أن مؤسسها هو المقبور هواري بومدين ، والحقيقة الواضحة أنه نجح في صناعة شعب سميناه ( شعب بومدين الحلوف ) الذي كثيرا ما نبهنا إلى محاربته لأنه أحد فروع جذور هذه المافيا وذلك بفضحه أمام الشعب الجزائري الحر … كم حز في نفسي وأنا أسمع شخصا جزائريا استضافته إحدى القنوات الأجنيبة الناطقة بالعربية وقدمته على أنه أستاذ أكاديمي متخصص في كذا وكذا لكنه حينما تكلم وكأن المقبور بومدين خرج من قبره وتكلم ، كنت أسمعه وتَـمَنَّيْتُ أن تنشق الأرض وتبلعني لأنه كان يتكلم في مواجهة صاحب البرنامج وثلاثة من العرب من مختلفي المجالات ( الصحافة – الجامعة – السياسة ) وكان يبدو أمامهم وكأنه أحد رجال أهل الكهف الذي خرج ليشتري بعض المؤونة وفي يده ورقة كما جاء في سورة أهل الكهف ، ولنا أن نتصور هذا الرجل الذي نام عشرات السنين مع أصدقائه المؤمنين وكيف سيتعامل مع أهل العصر الذي بعثهم الله فيه ، كذلك تخيلت هذا الأكاديمي الجزائري بأنه يعبر عن أفكار متجاوزة بقرون ، كأنه المسكين كان في قنينة من زجاج محكمة الإغلاق مرمية في بحر الظلمات ، ظلمات الجهل الذي نشره المقبور بومدين في الجزائر ولا يزال ، وبعد عشرات السنين عثر عليه وخرج من الزجاجة يتحدث إلى من فتحوا الزجاجة وأخرجوه ليعبر لهم أن قوما من العصور الغابرة لا يزالون يعيشون بيننا ، هذه ليست معجزة بل هي طامة كبرى أن تكون جاهلا وتعتقد في قرارة نفسك أنك أعلم من الجميع ، رجل أكاديمي غارق في الجهل المُطْبِقِ بالعصر الذي يعيش فيه ، أتذكر قولا لست أدري أين قرأته أو ممن سمعته :” المعرفة لدى الإنسان تتطور بمتوالية حسابية أو عددية أما الجهل فيتطور عند الإنسان بمتوالية هندسية ” ومعلوم أن التطور بالمتوالية الهندسية أسرع أكبر كمية من التطور بالمتوالية الحسابية ، إذن فكما زرع المقبور سلالة جنرالات فرنسا من أصل جزائري لتحكم بلادنا إلى الأبد كذلك نشر القحط الفكري الذي يتطور عندنا بمتوالية هندسية والدليل الخزي والعار الذي يلاحق الأكاديميين الجزائريين في الداخل الذين يأكلون من فتات سلطة العسكر الحاكم ويهينون أنفسهم قبل غيرهم حينما يقدمون أنفسهم وكأنهم شرائط مسجلة من عهد المقبور بومدين يرددون كلامه بدليل أنهم يقدمون أنفسهم بأنهم لا يملكون قدرات فكرية نقدية ، الأكاديمي الجزائري ببغاء عديم القدرات النقدية التي تدل على أنه ليس حرا فهو يبلع كل ما تعطيه العصابة الحاكمة دون تمحيص أو نقد ذاتي أو موضوعي …
لانريد أن تكون معارضة الخارج مثل هذه الفئة الأكاديمية بين قوسين التي تنازلت عن كرامتها إرضاءا لمافيا جنرالات الجزائر ، نريد من معارضة الخارج أن تجدد خطابها للشعب الجزائري وتبدأ في نشر حقائق لا بد منها وتكشف للجزائريين من أين ومتى وكيف تسلط على الشعب الجزائري فيروس حكم العسكر في الجزائر ؟ وتلك خدمة جليلة ستقدمها هذه المعارضة التي اكتسبت شهرة داخل الجزائر لكننا نطمح أن إلى أن تكتسب فوق الشهرة ( المصداقية ) خاصة إذا حطمتْ طابو الحديث عن : من وأين ومتى وكيف تسلط على الشعب الجزائري فيروس حكم العسكر في الجزائر ؟؟؟ وهي خدمة تساوي ملايين الحلقات التي تدور فقط حول تتبع أخبار العسكر الحاكم في الجزائر حتى أصبحت مخدرا آخر يضاف إلى مخدرات تخاريف وأكاذيب مافيا جنرالات الجزائر التي لا تنقضي والتي بها يهيمن على عقول بعض الجزائريين السذج …
الجزائر سائرة إلى الهاوية ومصيرها مجهول ، فيا معارضة الخارج من أين ومتى وكيف تسلط على الشعب الجزائري فيروس حكم العسكر في الجزائر منذ 1961 ؟ علكيم بتحطيم هذا الطابو حتى يسهل القضاء على هذا الفيروس ويفهم الشعب معنى شعار ( مدنية لا عسكرية ) فهما سليما ….