في واقعنا الفوضوي تتشت الأفكار و توأد كل الأمنيات ، سجال ثائر مفرغ المعاني …لقد قتلت الأنانية المفرطة إنسانيتنا…أي مستقبل نستشرفه ؟؟ ما عاد الإنسان فينا يحيا !!
أضحى الغد كالأمس باهت المعالم و عالمنا أصبح ضيقا كسرداب لا يقود إلا إلى الموت …
بالأمس قرأت تدوينة لأحدهم يتمنى الموت على العلن لأنه وصل …كانت حروفه القليلة صادقة و مفعمة باليأس لحد التخمة !! تساءلت في قرارة نفسي كيف لأحدنا أن يتمنى الموت مع بداية عام جديد ..؟؟ فرغم أن معظمنا يلفه الإحباط لعوامل عدة متداخلة ، و خصوصا مع ما نعانيه جراء الجائحة التي أرخت بظلالها على العالم بأسره ، إلا أن ذاك الوميض الخافت بدواخلنا لازال ينبض بالأمل ، و إن لم يكن لأجلنا فلأجل أبريائنا الذين من حقهم أن يحلموا مثلما حلمنا نحن أيضا في الصغر …
قادني الفضول المشروع لأن أطلع على صفحة ذاك الزائر للعالم الافتراضي ، وجدته شخصا خمسينيا ذو مكانة علمية لا بأس بها ، و تدويناته تدل على أنه إنسان معتدل ، لا شيء يوحي بأنه مكتئب أو يشكو من خلل نفسي ..تصوري عن الشخص جعلني أغوص في شخصيته التي وصلني صدق كلماتها على تدوينة الموت تلك .
و تساءلت ، كيف للعلاقات الإنسانية أن تتأرجح بسرعة نحو الهاوية ؟؟ أقنعت نفسي بأن الرجل يمر بحالة يأس حالما تزول ، كما يحدث في الغالب لمعظمنا ..ووجدتني أتساءل ثانية : ألا يملك الرجل شخصا مقربا منه يحكي له كل هواجسه ، مشاكله و حتى يأسه ؟ أكيد أن لديه شريكة حياة و أقارب و أولاد ربما ، ألا يكفي كل هؤلاء لإخراج أي منا من حالة مثل تلك ؟ من كان يستوعب لحظات ضعفنا قبل عصر التكنولوجيا و لم أصبح ذلك اللجوء المحتشم للإرتماء في حضن صفحات افتراضية نرمي فيها كل نواقصنا مع أناس أغراب و نظل نأمل أن يضغط أحدهم على زر لكتابة تعليقات صماء غالبا ما تفتقد الموضوعية في الرد ؟ ألهذا الحد اصبحنا مجوفين في دواخلنا مثل القرع الذابل ؟؟ ألهذا الحد فقدنا إنسانيتنا بين جدران غرفنا المنفردة و خلف شاشات الهواتف ؟؟؟
أمعنت طويلا في تدوينته ، فكرت في أن أكتب له تعليقا ، على غرار الباقين الذين تشابهت عباراتهم…لكنني لم أكتب شيئا له ، و اكتفيت بالدعاء لنا و له باستعادة السكينة و السلام الروحي ..