ندد المغرب باستغلال جنوب أفريقيا لرئاستها للاتحاد الأفريقي كأداة لخدمة أجندتها الأيديولوجية والسياسية حول قضية الصحراء المغربية، في ظل إصرارها على التشويش على النجاحات التي حققتها المملكة في ملف الصحراء على عدة مستويات دبلوماسية وسياسية واقتصادية.
وفي رسالة موجهة إلى الأمم المتحدة، اتهم الممثل الدائم للمغرب لدى المنظمة الأممية عمر هلال، جنوب أفريقيا بمحاولة “تضليل الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن عبر مراسلة وجهتها إليهما في أواخر ديسمبر الماضي، تدعي فيها كذبا بأن القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقي حول ‘إسكات البنادق’ خصصت حصريا لقضية الصحراء المغربية”.
وكتب عمر هلال أن “هدف جنوب أفريقيا غير المعلن هو توجيه انتباه الأمين العام ومجلس الأمن نحو قضية واحدة من بين حوالي 40 موضوعا تمت مناقشتها خلال هذه القمة، وذلك على حساب الانشغالات الكبرى للقارة وانتظاراتها وآمالها”.
ويعتمد المغرب في دفاعه على القرار 693 الذي اعتمدته القمة الأفريقية في نواكشوط (1 – 2 يوليو 2018)، والذي أقر بوضوح بأن قضية الصحراء المغربية هي مسؤولية حصرية للأمم المتحدة، ونجم عن هذا القرار آلية الترويكا للاتحاد الأفريقي، والتي يقتصر دورها على “تقديم دعم فعال للجهود التي تقودها الأمم المتحدة” في هذا الملف.
وأكد سفير المغرب ببريتوريا يوسف العمراني، الجمعة، على ضرورة “دحض الدعاية الوقحة لخصوم الوحدة الترابية للمغرب، لأنهم يروجون الأكاذيب والتبسيط المشين واختصارات التاريخ”، وهي خطوة تستهدف إنارة الرأي العام في جنوب أفريقيا حول عدالة قضية الصحراء المغربية، وتقديم كافة المعطيات الحقيقية لدحض كل الادعاءات ضد وحدة تراب المملكة.
وأبرز الدبلوماسي المغربي أن “مغربية الصحراء هي الحقيقة التاريخية، والشرعية القانونية، والإرادة الاجتماعية التي عاشها المغرب بجميع مكوناته الإنسانية والاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية”، مستنكرا “القراءات الدبلوماسية المنحازة والمعزولة التي تواصل تحريك مواقف دائرة محدودة من بلدان المجتمع الدولي التي ترفض التناغم كأفق والوضوح والشرعية كمقاربة”.
وشكلت ديناميكية فتح قنصليات عامة لعدة دول أفريقية وعربية في العيون والداخلة إلى جانب الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء رافقه الإعلان عن فتح سفارة أميركية، قفزة نوعية في نجاح الدبلوماسية المغربية في تجاوز كل العراقيل التي خلقها خصوم المغرب أفريقيا ودوليا، مما يعزز مكانة الأقاليم الجنوبية المغربية كمركز اقتصادي إقليمي وقاري.
وتحالفت جنوب أفريقيا والجزائر بشكل مكثف للتأثير على المجتمع الدولي كي ينقل صلاحيات الأمم المتحدة في إدارة ملف الصحراء إلى الاتحاد الأفريقي أملا في تغيير طبيعة الملف، وخدمة أطروحة الانفصال بناء على مفردتي الاستفتاء وتقرير المصير.
وشجب هلال سوء استخدام جنوب أفريقيا لمنصة الاتحاد الأفريقي والانحراف بقراراته وتصريحاته لصالح أجندتها الخاصة التي تتعارض بشكل صارخ مع الحقائق التاريخية والسياسية والقانونية لمغربية الصحراء، مضيفا أن “الأغلبية الساحقة للدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي لا تشارك بتاتا جنوب أفريقيا موقفها من قضية الصحراء المغربية، وهو موقف مخالف تماما لقرارات مجلس الأمن المتعاقبة”.
كما أبدى أسفه لابتعاد جنوب أفريقيا التي تترأس الاتحاد الأفريقي عن “الحياد الذي تفرضه عليها مهامها، والتضحية بالتحديات المشتركة لأفريقيا”، حسب تعبيره.
ويلفت متابعون إلى أن عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي عام 2017 بعد غياب دام ثلاثة عقود، أعادت الزخم لقضية الصحراء المغربية، وهو ما عكسه تسابق دول أفريقية لافتتاح قنصليات بمدينتي العيون والداخلة، كما قوضت مناورات جبهة البوليساريو الانفصالية.
ويشير محمد لكريني، أستاذ العلاقات الدولية في تصريح لـه، إلى أن “انضمام المغرب لمنظمة الاتحاد الأفريقي لم يسمح لخصوم الوحدة الترابية التحرك بشكل مريح كما كان في السابق”، موضحا أنه “باشتغال المغرب من داخل الاتحاد، بدت نتائج هذا العمل تظهر بعد فشل جبهة البوليساريو في الخروج من القمة الاستثنائية الرابعة عشرة للاتحاد الأفريقي حول ‘إسكات الأسلحة’ بموقف يدين أو يعارض التدخل المغربي في معبر الكركرات”.
ويعتقد متابعون أن الجزائر التي تدعم أطروحة الانفصاليين، تحاول عبر تحالفها مع جنوب أفريقيا التأثير على الإدارة الأميركية الجديدة للتنصل من الإعلان الرئاسي الذي وقعه الرئيس السابق دونالد ترامب معترفا في ديسمبر الماضي بسيادة المغرب على صحرائه.
ودعت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور الرئيس الأميركي جو بايدن إلى مراجعة قرار ترامب وتغيير سياسة الولايات المتحدة في القارة الأفريقية.
تحالف جنوب أفريقيا والجزائر بشكل مكثف للتأثير على المجتمع الدولي كي ينقل صلاحيات الأمم المتحدة في إدارة ملف الصحراء إلى الاتحاد الأفريقي
وقالت باندور “في ما يتعلق بالسلام والأمن في القارة الأفريقية، ما تزال الكثير من الشعوب تعاني من عدم الاستقرار والعنف والصراع، على غرار قضية الصحراء التي لا ينعم شعبها بعد بحقه في تقرير المصير والاستقلال”.
ويرى سمير بنيس الخبير في العلاقات الدولية والمستشار الدبلوماسي بواشنطن، أن “احتمال أن تقوم الإدارة الأميركية الجديدة بمراجعة موقفها يظل ضعيفا جداً على الرغم من كل المحاولات التي تقوم بها الجزائر وجنوب أفريقيا والدول التي تدور في فلكهما من أجل قلب الطاولة على المغرب”.
وبرر ذلك بالقول “لو كانت لدى الإدارة الجديدة أي نية في سحب الاعتراف بمغربية الصحراء، فلم يكن أمام وزير الخارجية أنطوني بلينكن في الندوة الصحافية التي عقدها قبل أيام، أي مانع للإفصاح عنها بشكل واضح على غرار ما فعل بخصوص قضايا أخرى مثل إيران والحوثيين والصين وروسيا”.