بعد خمس سنوات على موجة الهجرة غير المسبوقة التي عرفتها أوروبا في 2015، لا تزال دول الاتحاد الأوروبي منقسمة بشأن هذا الملف الشائك رغم تعدّد المبادرات لتجاوز الخلافات.
ودعت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية إيلفا يوهانسون، الخميس، إلى إجراء مباحثات موضوعية حول الهجرة بين الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي، بدلا من المناقشات “السامة” أحيانا بشأن هذه القضية.
وقالت يوهانسون “الهجرة أمر طبيعي. لكن المباحثات يمكن أن تصبح أحيانا سامة. ولدينا مسؤولية بصفتنا سياسيين عن أن نقتلع هذا السم”.
ولم يحدث أيّ تقدم تقريبا في إصلاح السياسة الأوروبية للجوء والهجرة منذ أعوام، حيث يعدّ توزيع اللاجئين النقطة الخلافية بين الدول الأوروبية، فهناك دول مثل المجر والتشيك والنمسا وبولندا ترفض تماما استقبال أشخاص بشكل ملزم، فيما تؤيد إيطاليا واليونان وفرنسا وألمانيا مقترحا بحصول جميع دول الاتحاد الأوروبي على حصة ثابتة من اللاجئين، حتى يحين النظر في تعديل نظام دبلن لتقاسم أعباء المهاجرين.
وينص في الوقت الحاضر، ما يسمى بنظام دبلن على أنه يجب على طالبي اللجوء تقديم مطالبهم إلى الدولة التي يصلون إليها أولا في الاتحاد الأوروبي، وهو نظام يضع اليونان وإيطاليا وإسبانيا ومالطا تحت ضغط كبير.
واتهمت دول جنوب الاتحاد الأوروبي لسنوات بقية أعضاء التكتل بالافتقار إلى التضامن حيث يرفض الكثيرون الحصول على حصة ثابتة من بعض عشرات الآلاف من المهاجرين الذين يصلون إلى الاتحاد الأوروبي عبر البحر المتوسط كل عام، فيما تعتبر فيينا وبودابست وبراغ من بين العواصم التي تعارض إعادة توزيع إلزامية الحصص.
وتريد المفوضية الأوروبية تعديل نظام اللجوء الذي يعاني من ضغوط كبيرة بسبب تدفق المهاجرين، في خطوة تتطلب دعما من غالبية الدول الأعضاء بالاتحاد وكذلك غالبية أعضاء البرلمان الأوروبي.
وتقترح المفوضية الأوروبية تعديل هذا المبدأ بشكل مرحلي خلال الأزمات التي يعيشها مختلف أعضائها، على أن يتم توزيع طالبي اللجوء على دول الاتحاد الأوروبي، لكن دولا مثل المجر وبولندا، تعارض بشدة هذه الخطة، وهي مدعومة من النمسا، فيما تطالب إيطاليا على العكس بنظام توزيع دائم.
ويراد لآلية التوزيع الآلي التي طالبت بها إيطاليا بإلحاح متهمة شركاءها بعدم دعمها في مواجهة تدفق المهاجرين، أن تكون مؤقتة في انتظار إعادة التفاوض على اتفاق دبلن الذي يوكل التعاطي مع مطالب اللجوء إلى أول بلد يصل إليه المهاجر.
واعتبرت هذه القاعدة ظالمة لأنها تضع، لأسباب جغرافية محضة، عبء الاستقبال على إيطاليا واليونان وإسبانيا ومالطا؛ البوابات الرئيسية لدخول المهاجرين إلى أوروبا.
وبعد زيادة قصوى في عدد مطالب اللجوء التي بلغت 1.26 مليون في 2015، تراجع عدد المهاجرين الواصلين إلى السواحل الأوروبية بشكل ملحوظ. لكن الأوروبيين لا يزالون يتعثرون أمام إصلاح، تسوية دبلن، لتفادي أن تظل الدول التي تشكل محطات الوصول الأولى تتحمل عبء الهجرة دون تكافل من الدول الباقية.
ويرى مدير المكتب الفرنسي للهجرة والاندماج ديدييه ليشي أن هذه الخطة لا تحلّ كل الثغرات وأنه “لا يمكن أن تكون هناك سياسة أوروبية مشتركة من دون معايير مشتركة لقبول مطالب اللجوء”.
وتدافع ألمانيا عن موقف قريب من المفوضية الأوروبية وهي أن تظل مسؤولية طلب اللجوء أساسا لدى بلد الوصول عدا في فترات الأزمات وعندها لا بد من القيام بإعادة إيواء قسري في إطار إجراءات التضامن.
وتدعم النمسا نظام لجوء أوروبي “عادل ومقاوم للأزمات”، ما يتطلب تضامنا ملزما ومرنا أيضا في تأمين الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي لمكافحة الهجرة غير المنظمة وذلك عبر حماية اللاجئين بالقرب من دولة المنشأ بقدر الإمكان.
وفي وقت سابق كشفت مفوضية الهجرة في الاتحاد الأوروبي أنها عكفت على استكشاف خيارات بشأن “برنامج إنزال” سيتم بموجبه نقل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في عرض البحر إلى مواقع في شمال أفريقيا، حيث سيتم النظر في مطالبهم الخاصة باللجوء، لكن هذا الخيار سرعان ما تضاءل مع رفض دول شمال أفريقيا استقبال طالبي اللجوء رغم حزمة الحوافز المالية الهامة التي اقترحتها بروكسل على الدول المستضيفة.