هبْ أن الجزائر اهتمت بشؤونها الداخلية وتركت المملكة المغربية وشأنها، فما الذي سيتغير؟.
أول مكاسب الجزائر سيتمثل في خفض ميزانية الدفاع إلى النصف أو أكثر. بعبارة أوضح يمكن للخزينة العمومية الجزائرية أن توفر نحو خمسة مليارات من الدولارات سنويا كنتيجة مباشرة لتراجع منسوب هاجسها الدفاعي حيال المغرب، والتخلص من التكاليف الباهضة لمناوراتها العسكرية المتكررة قرب الحدود الغربية. زيادة على توجيه المناصب المالية الى وظائف مدنية تنفع في تغطية العجز المسجل بالعديد من القطاعات الاجتماعية كالصحة والتعليم والإدارات العمومية، عوض صرفها على عسكريين لا يقومون بأي مهمة حقيقية سوى انتظار حدوث حرب مع الجار الغربي لم تقع منذ عام 1963.
المكسب الثاني سيتمثل في خفض نفقات وزارة الخارجية والهيئات الدبلوماسية الموازية لها على جهود مناوءة المغرب في المحافل الدولية ولدى العواصم العالمية، مع ما سيترتب عن ذلك من إلغاء الميزانيات الضخمة التي تمول مقار جبهة البوليساريو في الخارج وتكاليف إقامة وتحرك مندوبيها، والرشاوى التي تقدمها الجزائر للوبيات والحكومات والمنظمات لشراء مواقف لصالح البوليساريو، إضافة إلى وقف صرف عشرات الملايين من الدولارات على جهود عرقلة خطط المغرب الاستثمارية والتنموية. وكمثال على ذلك إقرار الوزير الأول السابق عبدالمالك سلال بأن حكومته صرفت أكثر من 340 مليون دولار لمنع تجسيد مشروع صناعة السيارات بطنجة المتوسط.
المكسب الثالث سيتمثل في إجبار البوليساريو ومخيماتها على الرحيل عن منطقة تندوف، وبالتالي تخليص الميزانية العامة الجزائرية من ثقل الإنفاق عليها أمنيا وعسكريا ولوجيستيا، والتوقف عن التكفل جزئيا بإطعام سكان المخيمات وتوفير الكهرباء والماء لهم.
المكسب الرابع يتمثل في الاتجاه المنطقي نحو فتح الحدود مع المغرب وانطلاق المبادلات التجارية والإنسانية، وإقامة مشروعات مشتركة بالمناطق الحدودية تعود بالنفع على البلدين، وتقوي الموقف التفاوضي لسكان شمال إفريقيا في علاقتهم بالاتحاد الأوروبي وتكتلات دولية أخرى.
المكسب الخامس سيتمثل في الإفراج عن مناجم حديد غار الجبيلات بإقليم تندوف، التي تحوي احتياطيا ضخما من معدن الحديد، والشروع في تصدير ه خاما أو نصف مصنع عبر ميناء طنطان، أو أي ميناء آخر في الصحراء المغربية. فالكل بات مدركا أن نفط الجزائر وغازها أضحيا في طريقهما إلى النضوب.
المكسب السادس سيتمثل في انكباب الجزائر على ترميم جبهتها الداخلية، والبدء في بناء دولة مدنية تعيش بسلام مع نفسها ومع جيرانها الأقربين، وتنظر بعين الواقعية إلى قوتها الحقيقية وقوة شركائها في الجغرافيا، بعيدا عن لغة البطولات الموهومة والمواقف الثورجية الاستعراضية التي لم تورِّث البلاد سوى الكوارث والحروب الأهلية، ولم تجن منها الجزائر سوى إهدار الفرص التاريخية للاقلاع الاقتصادي والاجتماعي.