ضغوط لإصلاح النظام الضريبي المغربي للحدّ من الفوارق

ماموني

تزايدت المطالب بإصلاح النظام الضريبي المغربي، للحدّ من الفوارق والضغوط الضريبية على فئات معينة من المجتمع، ما دفع إلى وضع مقاربة تضمن العدالة الضريبية، نظرا للمخاوف من أن يتسبب هذا الارتباك في المزيد من التقشف وبالتالي انعدام المساواة.

أقر خبراء الاقتصاد أن النظام الضريبي المغربي يعاني من غياب قواعد العدالة الضريبية والإنصاف، ما دفع إلى اعتماد مقاربة اجتماعية تأخذ بعين الاعتبار عنصر الحياد والعدالة الضريبية.

وفي هذا الإطار، أوصت منظمة “أوفكسام” بأن المغرب عليه أن يضع نظامه الضريبي للحدّ من الفوارق، وأن يجهّز نفسه بالوسائل الضرورية لتمويل سياسات عمومية أكثر عدلا وطموحا، ويجب أن يتم الإنعاش الاقتصادي على أساس قاعدة أوسع وضرائب تصاعدية.

وقالت المنظمة في تقريرها، إنه في ظل غياب هذه الإصلاحات الضريبية، فإن المغرب يبقى في خطر كبير من أن يتحول إلى التقشف، وبالتالي إلى عدم المساواة.

وكشفت دراسة أصدرها مؤخرا بنك المغرب، (البنك المركزي) حول “قدرة تعبئة الموارد الضريبية في المغرب”، أن مستوى الإيرادات الضريبية في المغرب منخفض نسبيا مقارنة بالقدرة الضريبة المتوفرة لديه.

وأشارت ذات الدراسة إلى أنه ينبغي بذل الجهود لتوسيع حصيلة الضرائب، وتوسيع دائرة الخاضعين للضريبة، وتحسين الأداء والالتزام الضريبي.

وتوقع الخبير الاقتصادي إدريس الفينة، أن السنوات المقبلة ستكون صعبة على مستوى الموارد الضريبية، هذا الأمر يظهر من تحليل منحى المداخيل الضريبية وحجم النشاط الاقتصادي المقبل، الذي سيتراجع تحت مفعول عدد من العوامل السلبية.

وأفادت المندوبية السامية للتخطيط، أنه بناء على تطور الضرائب والرسوم الصافية من الإعانات بنحو 4.7 في المئة، يتوقع أن يسجل الناتج الداخلي الإجمالي نموا بمعدل 4.6 في المئة سنة 2021 بعد الركود بحوالي 7 في المئة سنة 2020.

وتضمن قانون الموازنة للعام 2021، إجراء إعفاء من الضريبة على الدخل بالنسبة للأجور المدفوعة للشباب عند أول عملية اندماج لهم في سوق العمل، واعتماد ضريبة المساهمة التضامنية.

إدريس الفينة: السنوات المقبلة ستكون صعبة على مستوى الموارد الضريبة

وأكد الخبير الاقتصادي في تصريح له ، أنه في كل سنة يتم إقحام عدد من الإجراءات الضريبية الجديدة، من أجل الرفع من المداخيل الضريبة لمواجهة كلفة الإدارة المتزايدة والتدخلات غير المبررة في عدد من القطاعات، عوض تركها للمبادرة الخاصة أو وضع شروط تسريع خلق المزيد من الثروة.

ولفت الفينة، إلى أن مشروع القانون المالي لسنة 2021 شكل فرصة للدولة لعقلنة نفقاتها بشكل جذري ودائم، إلا أن البنية الإدارية المتحكمة في وزارة المالية أبت إلا أن يستمر الوضع على ما هو عليه.

وطالب الاتحاد المغربي للشغل الحكومة المغربية باعتماد آليات جديدة لتمويل مشاريعها عبر توسيع الوعاء الضريبي، ليشمل الذين لا يحترمون التزاماتهم الضريبية، وإدماج القطاع غير المهيكل في الدورة الاقتصادية النظامية.

وتصل نسبة الضغط الضريبي إلى حوالي 23 في المئة من الناتج الداخلي الخام، في حين يتجاوز معدل الضغط الجبائي الفردي نسبة 50 في المئة وهو أعلى من المعدلات على الإطلاق.

ودعا تقرير “أوفكسام”، إلى فرض الضرائب على أصحاب الدخول المرتفعة لتخفيف الضغط على أصحاب الدخول المنخفضة والمتوسطة، علاوة على الضرائب البيئية التي تعد وسيلة تستحق الاستغلال.

وشدد أستاذ المالية العمومية محمد قزيبر، على أن النظام الضريبي المغربي يركز على الضرائب غير المباشرة، كالضريبة على القيمة المضافة، وهي ضريبة ليس لها طابع اجتماعي، لأن الكل يخضع لها، في غياب تشخيص وضعية الخاضع للضريبة.

فيما دعت دراسة البنك المركزي إلى تحسين مردودية الضريبة على الشركات، لاسيما من خلال مكافحة الممارسات العدوانية للشركات متعددة الجنسيات التي تلجأ إلى تحويلات مصطنعة للأرباح إلى مناطق ذات ضرائب قليلة جدا أو منعدمة، مما يتسبب في تآكل الوعاء الضريبي وبالتالي خفض العبء الضريبي.

كما شددت الدراسة على مكافحة الغش والتهرب الضريبي من خلال الرقمنة، معتبرة أنه مع التطور السريع لتقنيات المعلوماتية في السنوات الأخيرة، فإن هذه الأخيرة تقدم حلولا عملية لمكافحة الغش والتهرب الضريبي من خلال جمع وتحليل كميات كبيرة من البيانات.

وقالت “أوفكسام” إن عائدات الضرائب، التي تمثل ما يقرب من 85 في المئة من ميزانية الدولة بين سنتي 2000 و2018، تلقي بثقلها وبشكل غير عادل على فئة قليلة من المجتمع، كما هو الحال بالنسبة للضريبة على الدخل، التي تزيد من الضغط الضريبي بشكل غير عادل على المستخدمين.

وسبق لوزير الاقتصاد والمالية المغربي محمد بنشعبون، الإقرار بأن تشخيص قطاع الضرائب يظهر غياب العدالة والتوازن، ويقتضي المراجعة وإعادة النظر في النظام الجبائي.

وقد أوصى تقرير أعده خبراء في المالية والضرائب يتبعون لمنظمة التعاون والتنمية الأوروبي-المغربي، بضرورة تبني إصلاحات ضريبية تساهم في خلق موارد تخصص بالدرجة الأولى لدعم البنية التحتية الصحية في البلاد.

وفي هذا الإطار أفادت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة “ترانسبرانسي المغرب” بأن “الضرائب غير المباشرة التي لا ينتبه إليها المواطنون تمثل 54.66 في المئة من مجموع الضرائب التي تستخلصها الدولة، وهو ما يجعل النظام الضريبي المغربي غير عادل”.

وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بالتخفيف من معدل الضريبة المفروضة على الشرائح ذات الدخل المتوسط والأدنى، مشيرا إلى أن هذه الوضعية ستكون أكثر فعالية، إذ تسمح للعاملين الأكثر هشاشة بالانتقال إلى معدل ضريبي منخفض في حالة حدوث صدمات أو أزمات.

وقد أشار محمد بنشعبون، إلى اتخاذ جملة من الإجراءات ضمن الإصلاح الجبائي، منها إعادة تنظيم احتساب الضريبة على الدخل بالموازاة مع توسيع قاعدة هذه الضريبة وتحسين حصة الضريبة على الدخل المهني من أجل دعم مواطنينا ذوي الدخل المنخفض والطبقات المتوسطة.

وختمت “أوكسفام”، في تقرير لها حول “مؤشر العدالة الضريبية في النظام الضريبي المغربي”، أن وجود نظام ضريبي فعال ومنصف هو وحده الذي سيمكن المغرب من تنفيذ سياسة إنمائية تعالج الفوارق.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: