وجهت أوساط سياسية في المغرب انتقادات للحكومة بسبب تأخرها في تحويل القوانين الانتخابية إلى البرلمان من أجل فتح نقاش بشأنها والمصادقة عليها.
ومع انتهاء المشاورات بين الأحزاب ووزارة الداخلية حول القوانين الجديدة، تُحاول أوساط حزبية وخبراء الدفع نحو التسريع في وتيرة اعتماد هذه القوانين من خلال تقديمها إلى البرلمان والمصادقة عليها من أجل اعتمادها في الانتخابات المقبلة المقررة في أكتوبر.
ورفض حزب الأصالة والمعاصرة المعارض تأخر الحكومة الذي وصفه بـ”غير المفهوم” على المصادقة والإفراج عن جميع القوانين المرتبطة بالاستحقاقات الانتخابية القادمة، وعدم إحالتها حتى اليوم على أنظار البرلمان.
وجاء ذلك في بلاغ لمكتب الحزب السياسي، حيث حمل الحكومة مسؤولية وتداعيات هذا التأخر، موضحا أنه “ينعكس سلبا على ظروف الإعداد الجيد للانتخابات القادمة، وعلى توفير مناخ وشروط المناقشة المسؤولة داخل البرلمان، لإنتاج قوانين جيدة من جهة، ومن جهة ثانية لتفادي ارتباكات السنوات الماضية التي كانت تسهم في إنتاج قوانين متسرعة سرعان ما تبرز الممارسة العملية تضاربها وعدم دقتها”.
ونبّه حزب التقدم والاشتراكية الحكومة إلى “ما بدأ يعرفه الملف الانتخابي من تأخر”، وإلى “ضرورة تحمل مسؤوليتها في استئناف تحضير الانتخابات”، وفي عرض النصوص المؤطرة لهذه العملية على المصادقة.
نزار بركة:
الأغلبية المشكّلة للحكومة تتهرب من مشكلة مطروحة تتطلب مواجهتها، وهي تغيير القانون الانتخابي
وأكدت شريفة لموير، الباحثة في العلوم السياسية، أن “الحاجة ملحة إلى تعديل القانون الانتخابي، يجب أن يكون هذا القانون موائما للمصلحة الوطنية الجامعة وليس لمصلحة طرف دون آخر”.
وأشارت لموير في تصريح لـه إلى أن “إخراج القوانين سيكون عندما يتم التوصل إلى توافق سياسي لأن الظروف السياسية والموضوعية لم تحقق هذا التوافق بعد”.
والخلافات بين مكونات المشهد السياسي في المغرب لا تزال قائمة حول عدد من النقاط التي تهم هذا القانون، على غرار القاسم الانتخابي، حيث تبرر أحزاب المعارضة دفاعها عن القاسم الجديد على أساس عدد المسجلين وليس المصوتين، بأنه ضمان للتعددية الحزبية وحق أكبر عدد من الأحزاب للدخول إلى البرلمان.
ولكن حزب العدالة والتنمية الذي يقود التحالف الحكومي يرفض هذا المقترح بذريعة أنه سيؤثر سلبا على الديمقراطية التمثيلية من خلال مساعدة الأحزاب الصغيرة التي لا تستطيع كسب الأصوات الكافية لدخول البرلمان.
وبالرغم من ترويج قيادات وازنة للعدالة والتنمية أنهم قادرون على تحقيق فوز في الانتخابات المقبلة، غير أن مصادر من داخل الحزب أكدت أن الوضعية الداخلية للحزب والانسحابات المتتالية خلقت نوعا من الخوف من الهزيمة في الاستحقاق المقبل، لاسيما إذا تم التغلب على العزوف الانتخابي وتم تطبيق القاسم الانتخابي الجديد (باحتساب عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية وليس المصوتين).
وتكاد تُجمع الأوساط السياسية والحزبية المغربية على ضرورة تغيير القانون الانتخابي الحالي الذي قد يؤدي اعتماده في الاستحقاق المقبل إلى تراشق بالاتهامات بين الأحزاب، حيث بات من الضروري القيام بمراجعات حول هذا القانون.
وأكد نزار بركة، الأمين العام لحزب الاستقلال، أن “الأغلبية المشكلة للحكومة تتهرب من مشكلة مطروحة تتطلب مواجهتها، وهي تغيير القانون الانتخابي”، محذرا من أن يؤدي استمرار تأجيل مناقشة هذا القانون إلى تهميش المسألة.
وتُحاول الحكومة المغربية طمأنة هذه الأحزاب، حيث قال وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت في إحدى الجلسات البرلمانية إن جميع المشاكل تم حلها وأن النقاط التي لا تزال عالقة وتحول دون إصدار قانون انتخابي جديد سيتم الاتفاق عليها قريبا.
ومن المقرر أن يُفرز الاستحقاق المقبل مؤسسات جديدة منتخبة وطنيا ومحليا من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، إلى مجلسي النواب والمستشارين.
وأشار لفتيت إلى أنه “ليس من السهل القيام بجميع الانتخابات في سنة واحدة، وهو الأمر الذي لم يعرفه المغرب منذ السبعينات”، مضيفا أن “النقاش حول القوانين سيكون مستفيضا في البرلمان أمام اللجنة المختصة”.