يرصد المراقبون العسكريون ارتفاعا ملحوظا في استعمال الحوثيين للطائرات المسيرة، التي لم تعد تستهدف فقط السعودية، بل توسعت أهدافها لتطال ناقلات النفط وشن هجمات متفرقة في مختلف أرجاء المنطقة، في تطور يطلق جرس الإنذار لدى الولايات المتحدة وحلفائها، بشأن هذه الأسلحة التي كثفت إيران وحلفاؤها من استخدامها طيلة الأشهر الماضية.
وفي أحدث هذه الاستفزازات، أجرى الحرس الثوري الإيراني تدريبات الجمعة الماضي، شهدت اصطدام طائرات مسيرة انتحارية بأهداف وانفجار طائرة على شكل مثلث، تشبه إلى حدّ كبير تلك المستخدمة في هجوم تعرضت له منشآت نفطية سعودية في 2019، أدى إلى تراجع مؤقت لإنتاج البلد الخليجي من النفط بمقدار النصف.
ويأتي الاستعراض في وقت تصاعدت فيه التوترات مع إيران، ويلقي الضوء على الطرق العديدة التي تعتمد فيها طهران والقوات التي تدعمها على الطائرات المسيرة، في أماكن مثل اليمن وسوريا ومضيق هرمز والعراق.
ووصف التلفزيون الإيراني الحكومي التدريبات بأنها تجري في الصحراء الوسطى الشاسعة في البلاد، وهي الأحدث في سلسلة من التدريبات السريعة التي انطلقت وسط تصاعد التوترات بشأن برنامجها النووي. وأظهرت اللقطات أربع طائرات دون طيار على شكل مثلث تحلّق في تشكيل ضيق.
وأظهر مشهد آخر الطائرات المسيرة وهي تحطم أهدافا، وصفتها إيران بأنها “قواعد افتراضية للعدو” وانفجرت. ويبدو أن أحد الأهداف كان مركبة صاروخية وهو هدف مؤثر في منطقة تعتمد فيها القوات الأميركية وحلفاؤها في الخليج العربي على بطاريات صواريخ باتريوت للدفاع.
وبالنظر إلى تلك اللقطات، يبدو أن الطائرة دون طيار ذات الشكل المثلث، بها زعنفتان على جانبيها، وهذا الشكل يشبه إلى حدّ كبير ما يسمى بطائرات دلتا دون طيار المستخدمة في هجوم بقيق وخريص في سبتمبر 2019، وكذلك هجوم مايو 2019 على خط أنابيب شرق السعودية.
ولطالما نفت إيران شن الهجوم الذي استهدف منشأتين نفطيتين في بقيق وخريص، بينما أعلن المتمردون الحوثيون اليمنيون الذين تدعمهم طهران تبنيهم لذلك الهجوم.
ومع ذلك، يعتقد خبراء الولايات المتحدة والسعودية والأمم المتحدة أن الطائرات دون طيار إيرانية، ومن المرجح أنه تمّ إطلاقها وسط سلسلة متصاعدة من الحوادث الناجمة عن انسحاب الرئيس دونالد ترامب أحادي الجانب من اتفاق طهران النووي مع القوى العالمية.
وكانت أجهزة مكافحة الإرهاب في العالم أبدت قلقها طيلة العامين الماضين، حين نجح الحوثيون في تفجير طائرة مسيرة مفخخة، خلال عرض عسكري في قاعدة جوية يمنية، ما أسفر عن مقتل ثمانية عسكريين من القوات الحكومية بينهم مساعد قائد الأركان.
ويأتي قرار الحرس الثوري باستخدام الطائرات المسيرة إلى جانب سلسلة من التدريبات الصاروخية، في الوقت الذي تحاول فيه إيران الضغط على الرئيس المنتخب جو بايدن بشأن الاتفاق النووي، الذي قال إن بلده قد تعود إليه مع بعض التعديلات.
واحتجزت طهران مؤخرا ناقلة نفط كورية جنوبية وبدأت في تخصيب اليورانيوم مرة أخرى، مما دفع الولايات المتحدة إلى إرسال قاذفات بي 52 وحاملة الطائرات نيميتز بالإضافة إلى غواصة نووية إلى المنطقة، كرادع في الأيام الأخيرة لترامب كرئيس.
وكتب المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى سايمون هندرسون، في مذكرة بحثية، يقول إنه “من المرجح أن تكون القضية النووية أول اختبار للسياسة الخارجية لإدارة بايدن”. وأضاف “في النهاية، تمتلك الولايات المتحدة الأفضلية في توزيع الأوراق، لكن قد تظل إيران قادرة على لعب اللعبة بشكل جيد، حتى مع توزيع ورق ضعيف”.
ويشير الخبراء إلى أن الطائرات دون طيار التي تحمل قنابل على أنها “ذخائر متسكعة”، تطير إلى وجهة من المحتمل أن تكون مبرمجة قبل رحلتها، وتنفجر إما في الهواء فوق الهدف وإما عند الاصطدام به.
وتسمح الذخيرة المتسكعة بتفاعل زمني أسرع عند مواجهة أهداف خفية أو مختفية، والتي تظهر بسرعة دون إقامة أرصفة عالية القيمة قريبة من منطقة الهدف، كما أنها تسمح باختيار أهداف أكثر انتقائية، حيث أنه يمكن إحباط مهمة الهجوم الفعلية.
وكانت السعودية قد عرضت طائرات مسيرة مدمرة على الصحافيين بعد الهجمات التي تعرضت لها، بينما قدم خبراء الأمم المتحدة صورا لتلك الطائرات التي تحمل قنابل على أنها “ذخائر متسكعة”.
ولم يعترف المسؤولون الإيرانيون بهذا التشابه، ولم يحددوا على الفور الطائرات المسيرة المستخدمة. وقال الجنرال حسين سلامي القائد الأعلى للحرس الثوري “رسالة هذه التدريبات هي قوتنا وتصميمنا الراسخ للدفاع عن سيادتنا ونظامنا الحاكم المقدس وقيمنا ضد أعداء الإسلام وإيران”.