اتفق مسؤولو المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على “شرعة مبادئ” حول الإسلام في فرنسا ليكون ذلك أول خطوة في مسار إعادة تنظيم الديانة الثانية في البلاد.
وأفاد رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية المغربي محمد موسوي في بيان، بأن الشرعة تنصّ خصوصا على “مبدأ المساواة بين الرجال والنساء” و”توافق” الشريعة الإسلامية مع مبادئ الجمهورية، وتشدّد على “رفض توظيف الإسلام لغايات سياسية” وعلى ضرورة “عدم تدخل” دول أجنبية في شؤون الجالية.
وأوضح أن النص الذي يشدّد أيضا على “رفض بعض الممارسات العرفية التي يزعم أنها إسلامية” سيعرض على الاتحادات التابعة للمجلس للمصادقة عليه قبل تقديمه للرئيس إيمانويل ماكرون.
وتسمح تلك الخطوة بإنشاء مجلس وطني للأئمة سيكون مكلفا بالإشراف على الأئمة في فرنسا، وبمقدوره سحب ترخيص نشاطهم في حال خرقهم للمبادئ المتفق عليها.
وأشاد وزير الداخلية جيرالد دارمانان السبت خلال اجتماعه مع أبرز ثلاثة مسؤولين في المنظمة بـ”التقدم الكبير” المحرز وبالالتزام ضد “الإسلام السياسي”.
وكان الرئيس الفرنسي عرض في نوفمبر الماضي خطة شاملة لما أسماه “الانعزالية الإسلامية”، والمجتمع الموازي المنغلق على ذاته الذي تفرضه جماعات إسلامية متشددة، مستفيدة من قدرتها على توفير تمويلات مشبوهة لبناء مساجد ومدارس وجمعيات ثقافية وتربوية نجحت في تمتين نفوذها بين الجالية المسلمة.
وحث ماكرون حينها على “صحوة مجتمعية” فرنسية للوقوف في وجه “الانعزالية الإسلامية” في البلاد، وهذه الانعزالية أدت إلى “تسرب الأطفال من المدارس”، و”تطوير ممارسات رياضية وثقافية” خاصة بالمسلمين و”التلقين العقائدي وإنكار مبادئنا على غرار المساواة بين الرجال والنساء”.
وطلب من المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية صوغ الشرعة منتصف نوفمبر، إثر توجيهه انتقادات للانعزالية والإسلام المتشدد وضمّنها مشروع قانون سيبدأ البرلمان مناقشته الاثنين.
وطلب رئيس الدولة من ممثلي المسلمين توضيح بعض “الالتباسات” وإنهاء نشاط 300 إمام أجنبي أرسلتهم تركيا والمغرب والجزائر خلال أربعة أعوام.
وكان تقرير لمجلس الشيوخ في فرنسا، أعدّته لجنة تحقيق أُنشئت في نوفمبر 2019 بمبادرة من حزب الجمهوريين، قد حذر في يوليو الماضي من أنّ “التطرف الإسلامي” في تزايد في عدد من مناطق فرنسا، مشيرا إلى ضرورة أخذ الحذر من 50 ألف عضو من الإخوان المسلمين و40 ألفا من السلفيين.
وقدّم التقرير، الذي تمّ إعداده بناء على 70 مقابلة أجراها أعضاء مجلس الشيوخ مع باحثين وناشطين وجهات فاعلة في المؤسسات وقادة سياسيين، نحو 40 إجراء للحدّ من “التطرف الإسلامي” المتزايد، ومن بينها منع التحريض والخطابات الانفصالية ومراقبة بعض المدارس والجمعيات وتوعية المسؤولين المنتخبين ووسائل الإعلام.
ومنذ الأحداث الإرهابية الكبرى التي وقعت في العاصمة الفرنسية في نوفمبر 2015، تضاعفت رغبة الحكومة في السيطرة على تمويل وتوجّهات وإدارة المساجد على أراضيها، والعمل على إبعاد المتشدّدين والمتبرعين من أصحاب الأجندات الخفية، الذين يغذّون الفكر المتطرف.
وبعد فشل عدة محاولات لإصلاح الإسلام في فرنسا، تزايد الضغط على الهيئات الإسلامية إثر اغتيال المدرس سامويل باتي في 16 أكتوبر قرب باريس، والهجوم الدامي بعد ذلك بأسبوعين على كنيسة في نيس والذي أوقع ثلاثة قتلى.
وكانت النقاشات حول الشرعة أثارت انقسامات عميقة داخل الهيئة الممثلة للمسلمين، التي تعرضت لانتقادات كثيرة حول ضعف تمثيلها للجالية.
وانسحب عميد مسجد باريس الكبير المحامي الجزائري شمس الدين حفيظ من النقاشات حول الميثاق والمجلس الوطني للأئمة نهاية ديسمبر، على خلفية وجود تأثير لجهات “إسلاموية” داخل المجلس.
وأسف حينها رئيس المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية محمد موسوي للقرار “الأحادي وغير المفهوم” مؤكدا أن “كل شيء يسير بشكل عادي”.
وأفاد مصدر قريب من الملف بوجود انقسامات بين الاتحادات التسعة للمجلس، تطول خصوصا مسائل الردة والإسلام السياسي.
وأقر نائب رئيس المجلس إبراهيم ألسي بأنه “كانت هناك خلافات”، مؤكدا أنه جرى تجاوزها وأنه يجب “التقدم بحكمة من أجل تمثيل الجالية المسلمة في فرنسا”.
وذكر هذا المسؤول الذي شارك السبت في الاجتماع مع وزير الداخلية، أنه لن تواجه مصادقة اتحادات المجلس على الشرعة صعوبات، وأضاف “المهم أن نجلس ونتحدث بهدوء”، مشددا على أن الشرعة يجب أن تفرض على جميع ممثلي الجالية المسلمة.
وتابع ألسي “يجب أن نضم الجميع ونوضح أن الإسلام لا يتعارض مع الجمهورية”، فيما نبّه الرئيس الفرنسي إلى أنه “في حال لم يوقع البعض على الشرعة، فسنضع عواقب لذلك”.