يحلّ المهاجرون على لائحة الفئات الأكثر عرضةً للأزمة الصحية العالمية إلا أن مكانتهم في حملة التلقيح ضد فايروس كورونا المستجدّ لا تزال مجهولة، الأمر الذي يثير قلق المنظمات الإنسانية.
وفي انتظار أولى اللقاحات، وضعت الهيئة العليا للصحة في فرنسا منذ نوفمبر الماضي، الأشخاص الذين لا يملكون أوراقاً ثبوتية في فرنسا ويراوح عددهم بين 300 و600 ألفاً، بين الفئات ذات الأولوية لتلقي اللقاح.
لكن بعد قرابة ثلاثة أسابيع على إطلاق حملة التلقيح على مراحل، لا تزال مراكز استقبال المهاجرين تجهل التاريخ الذي سيأتي فيه دور المهاجرين لتلقي الطعم.
وأوضح مصدر من الهيئة العليا للصحة “هناك انعدام يقين حول اللقاحات المصادق عليها، حول عدد الجرعات”.
ويقول مهاجر أفغاني يبلغ 30 عاماً “لا أعرف ما إذا كان يمكن الوثوق 100% في هذا اللقاح، لكن إذا عُرض علي التطعيم، سآخذه”. ويعيش هذا المهاجر الذي رفض الكشف عن اسمه في فرنسا منذ “أكثر من عام بقليل” ويؤكد أنه لا يخاف من الفايروس بالقول “أنا أغسل يديّ، أضع كمامة…”.
وقد جاء مع أفغاني آخر وصل إلى فرنسا “منذ أربعة أو خمسة أشهر”، ليحصل على مساعدات غذائية يتمّ توزيعها قرب باب سان أوين في باريس حيث يتهافت صباح كل خميس عشرات المهاجرين للحصول على طعام وعلى مساعدة قانونية من جانب جمعيات.
ورغم أن المنظمات الإنسانية ترحّب باستعداد الحكومة التشاور معها، إلا أنها لا تتوقع حملة تلقيح واسعة النطاق للمهاجرين قبل مايو، أي في المرحلة التي تسبق تلقيح كل فئات الشعب.
وتقول مسؤولة في منظمة “أطباء العالم” كارين رولان “الحكومة تُظهر نية حسنة، يتم إعطاء الأولوية لهذه الفئات، الخطابات ممتازة لكن ليس هناك معلومات حول ما سيتمّ القيام به”.
وستكون حملة تلقيح سريعة بمثابة جرعة أكسيجين، خصوصاً في مراكز إيواء العمال المهاجرين.
وتذكر مدير بعثة منظمة “أطباء بلا حدود” في فرنسا كورين تور بأن “في نهاية الموجة الأولى، توجهنا إلى أماكن حيث كنا أخذنا على عاتقنا عدداً من الأشخاص، أجرينا دراسة أمصال والنتيجة كانت كارثية: تبيّن أن العمال المهاجرين كانوا مصابين بنسبة 89%”.
والمهاجرون مرغمون على الاختلاط في حال كانوا يقطنون في مركز إيواء ومعظمهم لا يملكون كمامات ولا معقمات وبالتالي فهم غالباً معرضون للإصابة كثيراً.
وتعتبر كارين رولان أنهم “أشخاص يعانون من توتر ونقص تغذية مع وصول مقيّد إلى حقوقهم، هم معزولون أكثر فأكثر وليس لديهم الوسائل كي يكونوا بصحة جيدة. يجب أن يُعتبروا (ضمن فئة) الضعفاء”.
ويؤكد مصدر في الهيئة العليا للصحة أن “في حال كان هناك طالب لجوء يعاني من مرض السكري، سيتمّ وضعه ضمن (الفئات التي سيتمّ تلقيحها) في المراحل الأولى”.
وهذا نبأ سار بالنسبة لعدد كبير من المهاجرين المسنين الذين تم دمجهم ضمن فئة المستفيدين من الدفعة الأولى من اللقاحات.
ويقول إيمانويل براسور وهو مسؤول في منظمة “كواليا” التي تؤمن مساكن لطالبي اللجوء، “بدأ الحديث عن حملات تلقيح لهؤلاء المهاجرين على شكلين، من خلال مراكز تلقيح أو فرق متنقلة”.
ويضيف “سينبغي على كل هيئة محلية للصحة أن تحدد الأساليب بناء على التحديات وعدد العاملين” الصحيين.
ولا تزال هناك مهمة تفسير آلية التلقيح لأشخاص غارقين في متاهات عملية تسوية أوضاعهم وغالباً ما يكون صعباً التحدث إليهم إذ أنهم لا يتقنون اللغة الفرنسية جيداً.
وفي الوقت الراهن، يحلّ احتمال تلقي اللقاح بالنسبة للمهاجرين في المرتبة الثانية على لائحة مخاوفهم. وتوضح المتطوّعة في منظمة “جيش الخلاص” البروتستانتية خديجة ماشي أن “مع كل ما يقرأونه على الانترنت، يشعرون بالخوف خصوصاً حيال الأعراض الجانبية”.
ويقول عبدالله عزيمي وهو لاجئ أفغاني في فرنسا أصبح موظفاً في المنظمة، إن “الفيروس خطير جداً، لقد رأيت أشخاصاً يموتون جراء كوفيد-19. إذا كان ممكناً، سأتلقى اللقاح”.