منح الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، الجمعة، العاهل المغربي الملك محمد السادس وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى لتأثيرهالإيجابي على المشهد السياسي في الشرق الأوسط، في اعتراف أميركي بنجاعة الدبلوماسية المغربية في حل النزاعات ومساهمتها فيجهود إرساء الاستقرار بالمنطقة.
توّجت العلاقات الأميركية – المغربية في عهد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترامب، بمنح العاهل المغربي الملك محمدالسادس وسام الاستحقاق العسكري برتبة قائد أعلى، لـ”تأثيره الإيجابي” على المشهد السياسي في الشرق الأوسط.
وقال البيت الأبيض في بيان، إن “الملك محمد السادس عمل على تعزيز الشراكة الدائمة والعميقة بين المملكة المغربية والولايات المتحدة فيكافة المجالات”.
وأضاف البيان “إن رؤيته وشجاعته وخاصة قراره استئناف العلاقات مع دولة إسرائيل كان لها أثر إيجابي على المشهد السياسي بالشرقالأوسط وشمال أفريقيا” ما يمثل “بداية عهد جديد من الأمن والازدهار” للولايات المتحدة والمغرب.
والجمعة، استلم الرئيس دونالد ترامب أيضا أرفع وسام من المغرب، وذلك في احتفالية خاصة أقيمت في البيت الأبيض، حيث قدمت الأميرةجمالة العلوي سفيرة المغرب في الولايات المتحدة للرئيس ترامب “وسام محمد” الذي لا يُمنح إلا لرؤساء الدول.
ويرى متابعون أن منح البيت الأبيض وسام الاستحقاق العسكري المرموق للملك محمد السادس اعتراف أميركي بالجهود المغربية المستمرةلحل نزاعات المنطقة. كما يأتي إثر اعتراف الولايات المتحدة في ديسمبر الماضي بالسيادة المغربية على كامل الصحراء، إضافة إلى إعلانالمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إثر توقيع اتفاقية سلام تاريخية بين البلدين.
واعتبر محمد بودن الأكاديمي والمحلل السياسي، أن “الوسام تقدير لدور الملك محمد السادس ورؤيته للسلام ومبادراته المجددة والواثقة فيالمنطقة، والتي وضعت العلاقات المغربية – الأميركية في مسار تصاعدي غير مسبوق وهذه نتيجة لعلاقات تاريخية عميقة”.
وتابع في تصريح له أنه “عربون صداقة وشراكة يجعل من المغرب فاعلا لا غنى عنه في المنطقة بالنسبة إلى الولايات المتحدة”.
ووسام الاستحقاق هو وسام عسكريّ يُمنح نادرا تكريما لإتمام مهمة استثنائية أو للمسؤولين الأجانب. ولا يتم منحه إلا من قبل الرئيسالأميركي، كما أنه يمنح عادة لرؤساء الدول أو الحكومات.
ويتميز هذا الوسام بأربع درجات، حيث يتكون وسام الدرجة العليا الذي حصل عليه الملك محمد السادس، من إكليل أخضر بعقدة ذهبيةتحيط بنجمة خماسية ذهبية ويبلغ حجمها أقل من ثلاث بوصات.
وأقيم الحفل في أعقاب قرار دونالد ترامب في ديسمبر الماضي الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، مما يجعل الولايات المتحدة أول قوةعالمية تقدم دعماً قوياً للجهود التي تبذلها المملكة المغربية منذ عقود لإنهاء هذا النزاع الإقليمي.
وتزامن قرار البيت الأبيض مع تنظيم المغرب والولايات المتحدة، الجمعة، اجتماعا وزاريا عن بعد دعما لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء تحتسيادة المغرب، حيث أعرب المشاركون الذين يمثلون أربعين بلدا عن دعمهم القوي للمبادرة المغربية باعتبارها الأساس الوحيد لحل عادل ودائمللنزاع حول الصحراء.
ورأى بودن أنه “من ثمار التحول التاريخي الذي أحدثه القرار الأميركي بشأن سيادة المغرب على صحرائه، انعقاد مؤتمر وزاري لدعم مبادرةالحكم الذاتي تحت السيادة المغربية بحضور رفيع المستوى لدول من مختلف المجموعات الإقليمية، وهذا يعكس فعالية الدبلوماسية المغربيةوقدرتها على إسماع صوت المغرب وأسبقياته ومصالحه الحيوية عبر الحشد والمتابعة، واستثمار العلاقات الدولية للشركاء لدعم المبادرة التيتشكل حلا مثاليا لتسوية الملف ضمن المسار الأممي”.
رؤية العاهل المغربي وخاصة قراره استئناف العلاقات مع إسرائيل كان لها أثر إيجابي على المشهد السياسي بالمنطقة
وجاء اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء كتتويج لنجاح دبلوماسية الرباط التي أثمرت افتتاح قنصليات لعدة دول في مدينتي العيونوالداخلة، ما من شأنه أن يقوي الدعم القانوني لملف الصحراء المغربية ويطرح فرضيات تلقّيه دعما من دول أخرى.
وقرّرت الولايات المتحدة مؤخرا فتح قنصلية لها في الأقاليم الجنوبية للمملكة تؤدّي بالأساس مهام اقتصادية.
وأكد مساعد وزيرة الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر، أن “المقترح المغربي للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادلوواقعي”، وينبغي “على المجتمع الدولي أن يدعم هذا المخطط باعتباره حلا جديا”.
من جانبه، أكد وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة أن قضية الصحراء المغربية تشهد تسارعا مهما، مضيفا أن “الإعلان الرئاسيالأميركي لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة لعقود من الدعم القوي من الحزبين الأميركيين للمبادرة المغربية للحكم الذاتي”.
وذكر المشاركون في المؤتمر بإعلان الولایات المتحدة الصادر في ديسمبر الماضي تحت عنوان “الاعتراف بسیادة المملكة المغربیة علىالصحراء”، والذي أكد على دعم اقتراح المغرب الجاد وذي المصداقیة والواقعي للحكم الذاتي باعتباره الأساس الوحید لحل عادل ودائمللنزاع حول الصحراء.
ويستنتج بودن أن “هذه البلدان مجتمعة ستعمل على استثمار شبكة علاقاتها في الأمم المتحدة لدعم مبادرة الحكم الذاتي”، لافتا إلى أن“فكرة المؤتمر تعكس قدرة الدبلوماسية المغربية على الاستباق ونسج التحالفات والمتابعة مستندة على التوجيهات الملكية وقوة المرافعات”.
وخلال السنوات الماضية، استطاع المغرب أن يحقق اختراقات مهمة من حيث التأكيد على حقوقه السيادية على أقاليمه الجنوبية، اعتمادا علىرؤية العاهل المغربي للتحرّكات الدبلوماسية، عبر التركيز على إحداث التوازن في العلاقات بين مختلف الأطراف الدولية، وفتح جسور تواصلمتينة مع أفريقيا، والارتباط بعلاقات قوية مع الدول الكبرى والقوى الصاعدة.