لاتزال تداعيات الخرجة الأخيرة لوزير العدل البلجيكي، فانسا فن كويكنبورن بإتهامه المسؤولين عن الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا و إدارة المسجد الكبير ببروكسيل بالتخابر لصالح المغرب ،و رفضه التحاور مع المسؤولين عن الشأن الديني ببلجيكا، تثير ردود فعل قوية وسط الجسم السياسي البلجيكي و المغربي و بين المهتمين بالشأن الديني.
فالإتهامات الخطيرة و الباطلة التي تأتي في حق السيد صالح الشلاوي نائب رئيس الهيئة التنفيذية لمسلمي بلجيكا و التي جعلت هذا الأخير يستقيل من منصبه يوم 15 دجنبر الماضي ، جرّت على وزير العدل البلجيكي غضب العديد من الوزراء الذين اعتبروا أن كلمات الوزير، غير مسؤولة و تخرج عن نطاق صلاحياته .
فوزير جهة بروكسيل المسؤول عن المسجد الكبير رودي فيرفورد إنتقد في حوار تلفزي وزير العدل البلجيكي المعروف بخرجاته اللامسؤولة لإبراز مكانته و إتهمه بتجاوز صلاحياته في ملف يعني بالخصوص جهة بروكسيل التي لم تتوصل بأي ملف يدخل في نطاق التخابر.
هذا و قد غير وزير العدل البلجيكي من حدة نبراته في خرجات أخرى بخصوص هذا الملف و غير تصريحاته من التخابر إلى سوء التدبير.
و في هذا الصدد و من خلال حوار صحفي لصلاح الشلاوي مع جريدة Le Vif البلجيكية صرحت الصحفية بأن تداعيات وزير العدل في هذا الملف تتجلى في علاقة شركة الحراسة بالقنصلية و السفارة المغربية و كذلك أخد بيانات المصلين قبل ولوجهم للصلاة من طرف حراس الأمن ، الشيء الذي كذبه صالح الشلاوي و نفاه جملة و تفصيلا لأن إدارة المسجد لم تطلب اي بيانات من أحد و كذلك الشركة المسؤولة عن الأمن و كاميرات المراقبة توثق ذلك ، وإدارة المسجد يربطها عقد عمل مع شركة الأمن و ليس لها أي دخل بمؤسسات أخرى
و من خلال حوار الصحفية يتبين أن تقرير أمن الدولة لا يشير لأي إتهامات أخرى تتعلق بموظفي الهيئة التنفيذية أو ادارة المسجد التي كانت محل ادعاءات من جانب وزير العدل ، فهذه الأخيرة تعتبر نموذج متكامل في الأداء ومحل تقدير من جميع المسؤولين البلجيكيين ، فضلا عن العمل على تحقيق نمودج إسلامي بلجيكي و نشر قيم التسامح والتعايش السلمي في بلجيكا.
ووصف سفير المملكة المغربية ببلجيكا السيد محمد عامر من خلال تصريح لجريدة le vif البلجيكية اتهامات وزير العدل بالتخابر والتدخل في الشأن الديني بأنها “مزاعم لا أساس لها وغير مفهومة وغير مقبولة” وتضر بالمصالح الاستراتيجية المشتركة بين المملكتين”.
كما صرح سعادة السفير” بأنه لم يرغب في تضخيم الجدل حول موضوع شديد الحساسية والذي يتطلب معالجة بعيدة عن المشهد الإعلامي ، مع تفضيل القنوات المتعددة الموجودة بين البلدين”. “لقد كنت سفير بلدي في بلجيكا لأكثر من أربع سنوات وأنا أعلم جيدًا أن العلاقات بين بلدينا هي على مستوى من التميز لا مثيل له في الماضي ، ولا سيما التعاون القضائي والهجرة وفوق كل ذلك التعاون الأمني ، الذي وصلت إلى مستوى غير مسبوق تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس وجلالة الملك فيليب. لهذا السبب صدمت عندما لاحظت سلسلة من التصريحات العدوانية النادرة إتجاه بلد منخرط للغاية مع بلجيكا وأوروبا في مشاريع استراتيجية للغاية”.
كما أكد أنه ” لا يمكننا أن نلتمس تعاون المغرب في القضايا الحساسة وندعو إلى مزيد من التواطؤ في إدارتها وفي نفس الوقت ندين ذلك في الساحة العامة من خلال اتهامه ظلماً بالتجسس والتدخل في الشأن الديني “.و ” أن المغرب غير معني بملف الاعتراف بالمسجد الكبير ببروكسل حتى يتم إبلاغه بقرار الوزير. إنه شأن بلجيكي بلجيكي. علاوة على ذلك ، فإن المنظمة بأكملها التي تم إنشاؤها مؤخرًا ، بما في ذلك إنشاء جمعية de gestion de la Grande Mosque de Bruxelles ، قد تدخلت في أعقاب الاتفاق المبرم بين السلطة التنفيذية لمسلمي بلجيكا ( EMB) والحكومة الفيدرالية. وهذا هو السبب في أن المزاعم الموجهة ضد المغرب لا أساس لها من الصحة وغير مفهومة وغير مقبولة”.
بالنسبة لسفير المملكة ” الهدف من الهجمات ليس الأشخاص الثلاثة الذين حددهم الوزير. بل حارس الأمن ، الذي يُنظر إليه على أنه مسؤول في القنصلية العامة ، ويُقدم كدليل على التدخل المغربي .
أعتقد أن الهدف هو بالأحرى وجود المغاربة في هياكل المسجد الكبير وخاصة الروابط مع مشاعرهم الروحية لهذا السبب أود تقديم الإيضاحات التالية:
1. الجالية المغربية في بلجيكا هي إلى حد بعيد أكبر جالية مسلمة أو أجنبية (أكثر من 750.000 شخص). في بروكسل ، يمثل المغاربة 25٪ من سكان المدينة ، ومعظم أماكن العبادة يديرها أشخاص من أصل مغربي.
عندما نتحدث عن الإسلام في بلجيكا ، علينا أن نميز بين جانبين: الأول يتعلق بإدارته الدينية ، وهو عمل المسلمين في بلجيكا. لم يظهر المغرب قط أي طموح للمشاركة. هذا ليس من اختصاصه وليس لديه مصلحة في القيام بذلك. الجانب الثاني يتعلق بالنقاط التي لها بعد أمني. لا يمكن لوم المغرب على اهتمامه بهذه القضايا التي تهدد أمنه. علاوة على ذلك ، فهي موضوع تعاون وثيق ومثمر بين بلدينا ، يتطلعان إلى أبعد من ذلك ، على غرار ما يحدث مع الدول الأوروبية الأخرى. لكي نكون واضحين وحازمين ، المغرب ليس لديه أجندة خفية. أجندتها هي أمنها وهذا مرتبط بشكل وثيق بأمن بلجيكا وأوروبا. هناك تهديدات لا يمكن مكافحتها إلا بالتعاون الصادق والقوي والشامل. لا أريد أن أذكر أمثلة لا تزال ماثلة في الذاكرة”.
و يشار بأن تداعيات هذا الملف ستكشف عن خبايا تضارب المصالح بين أفراد الجالية نتج عنها تراشق بالتقارير المزيفة و الوشايات الكاذبة المرسلة للجهات المسؤولة عن الحقل الديني ببلجيكا للظفر بتسيير المسجد الكبير و الهيئة التنفيذية .