فيضانات فضحت الغش في الصفقات وكشفت الفساد ومطالب بتعجيل محاسبة المتورطين
كشفت أمطار يوم (الثلاثاء)، حقيقة البنيات التحتية للعاصمة الاقتصادية، التي لم تصمد أمام أقل من أربع ساعات من التساقطات، وسببت فيضانات أغرقت مختلف الشوارع والأحياء، وسببت خسائر مادية، تواصل إحصاؤها، صباح (الأربعاء).
وترك المواطنون لمواجهة السيول الجارفة، بوسائل بدائية، بعيدا عن تدخل المعنيين بالأمر، وخارج أعين خلية الأزمة على صعيد ولاية الجهة، على الأقل، والتي يفرض فيها التأهب لتوجيه التدخلات وتوقع حدوث مشاكل، سيما أن نشرات جوية سابقة أنذرت بالاضطرابات الجوية وهطول الأمطار.
وتضررت منازل أحياء كثيرة بمختلف العمالات من تسرب المياه إليها، كما قضى سكانها ليلتهم في صراع مع جرف المياه، التي أتت على الأثاث وأضرت بالبنيان.
وغرقت سيارات في عدد من نقاط المرور بسيدي معروف وأحياء السلامة والسدري وعين السبع وغيرها، كما غمرت المياه الأنفاق التي تشق أهم المحاور الطرقية، ما سبب هلعا وازدحاما كبيرين، وخسائر مادية للناقلات.
وحمل متتبعون المسؤولية لمختلف المسؤولين، وعلى رأسهم والي الجهة وعمدة البيضاء، على اعتبار أنهما المسؤولان عن المراقبة، وكذا لشركات التنمية التي تتهم بأنها استولت على اختصاصات المجلس الجماعي، واستأثرت بالمشاريع الكبرى والطرق والجسور، بل وحتى قطاعات الخدمات من قبيل التطهير والصيانة.
وأفاد الحسين نصر الله، رئيس لجنة التعمير بجماعة البيضاء، أن المسؤول الأول، هو المنتخب الذي صوت عليه البيضاويون، ومعه المكتب المسير للجماعة. وأضاف أنه لا ينفي مسؤولية شركات التنمية كل حسب اختصاصها ولا شركة ليديك، بل مسؤوليتها قائمة، لكن هل كان الرئيس ومعاونيه يشرفون على تنفيذ العقود التي تربط الجماعة بهذه الجهات؟ وهل مارس ما هو منوط به قانونا من خلال آليات التتبع؟ فاختيار هذه الشركات مسؤولية الجماعة، والمواطن لن يحاسب تلك الشركات لأنه لم يصوت عليها ولم يخترها.
وعلق محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، على ما شهدته العاصمة الاقتصادية، أول يوم (الثلاثاء)، قائلا إن ما وقع من أحداث، يفضح التسيب المستشري في التدبير العمومي وانعدام الصيانة والمراقبة، بل وانعدام حتى التدخل في الوقت المناسب، مؤكدا أن انتظار كثير من الوقت لردع المسؤولين المباشرين، سوف يزيد من تعميق الأزمات، إذ يستلزم الأمر، السرعة في اتخاذ قرارات تظهر للبيضاويين أن أموالهم العمومية لها حراس، وتضرب بيد من حديد على كل من تلاعب فيها بأي شكل من الأشكال.
وأضاف المتحدث نفسه أن مدينة المال والأعمال والبورصة وهلم جرا، لم تصمد أمام ساعات قليلة من الغيث الذي كنا ننتظره جميعا وندعو الله للاستجابة، مؤكدا أن الكمية المتهاطلة لا تشكل استثناء وليست غير متوقعة، بل الذي يشكل استثناء هو عدم قدرة البنيات التحتية على استيعاب تساقطات معقولة وفي وقتها، فكيف سيكون الأمر عندما تكون أكثر من المتوقع.
وقال الغلوسي إن الفيضانات عرت الوجه القبيح للفساد والرشوة والتلاعب في الصفقات الخاصة بالطرق وغيرها من المنشآت والبينات التحتية، والأفدح من ذلك أنها كشفت المسؤولين عنها أمام العالم، بسبب النقل التلفزيوني للمباراة التي جرت اليوم نفسه بمركب محمد الخامس، وتفرج عليها الأجانب ليشاهدوا كيف أن أرضية الملعب تحولت إلى برك من المياه، علما أن الملعب استنزف أموالا كثيرة في الإصلاح. وختم القول بعبارة لا بد من ربط المسؤولية بالمحاسبة والقطع مع الإفلات من العقاب، فالفساد والجشع حولا مدننا إلى جحيم، حسب قوله.