بدء العد التنازلي للانتخابات التشريعية المبكرة في الجزائر

بليدي

دخلت الجزائر مرحلة العد التنازلي تحسبا لانتخابات تشريعية مبكرة، وذلك بعد جلسة العمل التي أشرف عليها الرئيس عبدالمجيد تبون وخصصت لمناقشة القانون الانتخابي الجديد المنتظر إصداره وتوزيعه على الطبقة السياسية في آجال قريبة.

ودعا الرئيس تبون خلال لقائه بأعضاء لجنة صياغة القانون الانتخابي، الخميس، إلى الإسراع في الانتهاء من صياغة القانون الجديد، في خطوة تمهد لإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

وقدم أحمد لعرابة، رئيس اللجنة الوطنية المكلفة بإعداد مشروع مراجعة القانون العضوي للانتخابات، تقريرا مفصلا حول مضمون ومراحل صياغة هذا القانون الجديد. وينتظر أن يفتح هذا القانون مرحلة جديدة في انتخاب المجالس التشريعية، بعد أن شكلت طيلة العقود الماضية وجها من أوجه الفساد المالي والسياسي.

وينتظر أن تكون الأشهر القليلة القادمة محطة سياسية هامة في مسار السلطة الجديدة في الجزائر، في ظل الجدل القائم حول جدوى المؤسسات التي أفرزتها مرحلة الحراك الشعبي في تحقيق التغيير السياسي الذي يطالب به الشارع الجزائري منذ فبراير من العام 2019.

وكانت المنظومة التشريعية والمؤسساتية من ضمن التعهدات التي أطلقها الرئيس تبون خلال حملته الرئاسية. وستكون الانتخابات المبكرة القادمة مفصلية في إرساء مؤسسات منتخبة جديدة، في إطار ما أسماه بـ”أخلقة الحياة السياسية وتحييد المال السياسي عن المؤسسات المنتخبة”.

غير أن استمرار حالة الاحتقان السياسي الداخلي، بسبب القبضة الأمنية التي تطبقها السلطة على الحريات السياسية والإعلامية وتراجع مساحة حقوق الإنسان، والتقلبات المتسارعة في البلاد، كلها عوامل تضع مسعى السلطة الجديد في خانة المناورات غير المجدية في ظل بوادر الانفجار الاجتماعي وعودة الاحتجاجات السياسية مع أول تعافٍ من الجائحة الصحية العالمية.

وإلى جانب رئيس اللجنة الوطنية لمراجعة قانون الانتخابات، حضر اللقاء رئيس الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات محمد شرفي، الذي لم يبد أي حرج من نسبة العزوف الشعبي الكبير في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وخلال الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد.

تبون وجه تعليمات صريحة إلى لجنة صياغة القانون الانتخابي بضرورة الانتهاء في أقرب الآجال من إعداد مشروع القانون الجديد

وذكر شرفي حينها أن “الجزائر لأول مرة تفرز رئيسا حلالا، وأن المشاركة المتواضعة في الاستفتاء لن تشكل عقدة لسلطته ما دامت كبرى الاستحقاقات الانتخابية في أعتى الديمقراطيات العريقة لا تستقطب جمهورا كبيرا”.

ووجه الرئيس تبون تعليمات صريحة إلى الحاضرين في جلسة العمل بضرورة “الانتهاء في أقرب الآجال من إعداد مشروع القانون الانتخابي الجديد استعدادا للاستحقاق الانتخابي الهام الذي ينتظر البلاد”. وهو ما يترجم رغبته في الوصول السريع إلى مجالس منتخبة جديدة خلال النصف الأول من السنة الجارية، وذلك تماشيا مع ما عبّر عنه في ألمانيا قبل عودته إلى البلاد من رحلته العلاجية.

وشدد الرئيس الجزائري على ضرورة تضمين القانون الجديد توجهات السلطة لـ”أخلقة الحياة السياسية، وإبعاد تأثير المال على المسار الانتخابي، وفسح المجال أمام الشباب والمجتمع المدني للمشاركة في صناعة القرار السياسي من خلال المؤسسات المنتخبة”.

كما ألمح الرئيس الجزائري إلى “ضمان الشفافية والنزاهة في الاستحقاق الجديد من أجل إفراز مؤسسات تعبر عن الإرادة الشعبية وتُحدث القطيعة نهائيا مع ممارسات الماضي، وتنبثق عنها مؤسسات ديمقراطية ذات مستوى ومصداقية”.

وفي انتظار الكشف عن مضمون القانون الانتخابي الجديد، تبقى اللجنة محل انتقادات شديدة من طرف قوى سياسية إسلامية ومحافظة، على خلفية توجهات أيديولوجية وسياسية برزت حسب هؤلاء في الدستور الجديد المعتمد منذ أيام قليلة.

وبالرغم من كل هذه الانتقادات، إلا أن ذلك لا ينفي وجود آراء تحمل تفاؤلا بشأن توجيهات الرئيس الجزائري. وذكر الخبير الدستوري رشيد لوراري أن “الرئيس كان بإمكانه إصدار القانون بموجب أمر رئاسي، إلا أنه اختار إشراك جميع الفاعلين في هذه العملية السياسية التي تمهد لمرحلة جديدة تعيد الثقة بين الحاكم والمحكوم، وتعلن في نفس الوقت القطيعة مع الممارسات السابقة.”

ومن المنتظر أن يستلم الرئيس تبون مشروع قانون الانتخابات من لجنة الخبراء التي كلفها في 19 سبتمبر الماضي بإعداد النص. وقال آنذاك إن “هذا القانون هو الخطوة التي تأتي ما بعد الدستور”، ويطمح من ورائها إلى تجديد المجالس المنتخبة.

وكان مققرا وفق أجندة الرئيس تبون الأولى أن تجرى الانتخابات النيابية والمحلية قبل نهاية العام 2020.

وتتوقع أوسط سياسية جزائرية استدعاء وشيكا للهيئة الناخبة لتنظيم الانتخابات التشريعية وإعادة المصداقية للبرلمان الحالي الذي يتعرض للكثير من الانتقادات المشككة في شرعيته.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: