تدرس الحكومة البريطانية بزعامة بوريس جونسون إنجاز نفق تحت البحر يربط جبل طارق بطنجة، وذلك بالشراكة مع الحكومة المغربية، وقد شرعت لندن بشكل جدي في إعداد دراسات حول المشروع الذي سيربط بين أوروبا وأفريقيا، عبر ربط علاقات تجارية مع المغرب.
ويهتم المغرب وبريطانيا، بالإضافة إلى اتفاقية الشراكة التي تم توقيعها في عام 2020، بعد بريكست بأن يكون مضيق جبل طارق الذي يقع تحت السيادة البريطانية مركزا لنفق على مسافة 28 كيلومترا يوحد البلدين.
وأشار السفير البريطاني السابق بالرباط، توماس ريلي، في مقابلة مع جريدة “الإسبانيول” في أغسطس الماضي، إلى أن هناك العديد من الفرص للربط بين المغرب وجبل طارق، ويجب الاستفادة منها في مختلف المجالات.
بوريس جونسون يعتزم زيارة الرباط للاتفاق على مشروع الربط القاري عبر جبل طارق
ويأتي المشروع البريطاني المغربي ليعوض المشروع الإسباني المغربي الذي استمر التفكير فيه أكثر من أربعين عاما دون نتيجة، إذ على المستوى الإسباني بدأت مرحلة تجريبية سابقة بحفر معبر تحت الأرض بطول 600 متر في مدينة قادس جنوب الأندلس، وما يزيد قليلاً عن 200 متر في المغرب، وتم إغلاقه بعد ذلك بعامين بسبب الفيضانات ومشاكل الصيانة.
وبعد الاتفاق على ملف خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، سيشرع البريطانيون في تولي المشروع وتطويره. وسيربط الخط بين أوروبا وأفريقيا عبر المدن الأقرب إلى صخرة جبل طارق.
وسيكون النفق بالقرب من ميناء طنجة المتوسطي الذي يعتبر أبرز شريان اقتصادي في البحر المتوسط، ولهذا يعتزم بوريس جونسون زيارة الرباط قريبا لبسط مشروع الربط القاري عبر جبل طارق.
ويمكن أن يكون المشروع جسرا معلقا على دعامات ثابتة، أو جسرا معلقا على دعامات عائمة، أو نفقا مغمورا ومدعوما في قاع البحر على غرار النفق الذي يربط بريطانيا بفرنسا، اعتمادا على التقنيات الحالية.
وفي الوقت الحالي لا يؤكد الطرفان رسميّا خطة واقعية، لكن نية إنجاز ذلك النفق أو الجسر بين المغرب وجبل طارق ظلت في المفاوضات منذ توقيع الاتفاقيات بين البلدين في أكتوبر 2019.
ويعود الحوار الإستراتيجي الأول بين المملكة المتحدة والمغرب إلى الخامس من يوليو 2018 في لندن، وقد نظمه بوريس جونسون، وزير الخارجية آنذاك، وحضره وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة. وهدف إلى تقوية التعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والأمنية.
ويستشرف مسؤولون بريطانيون، مثل وزير شؤون التجارة الدولية كونور بيرنز، علاقات متميزة بين المغرب والمملكة المتحدة إذا صادق الاتحاد الأوروبي على ما تم الاتفاق عليه بين إسبانيا والمملكة المتحدة بخصوص مستقبل جبل طارق داخل منطقة شنغن، معتبرين أن النفق بالنسبة إلى المملكة المتحدة يعني الحفاظ على طريق مفتوح مع أوروبا والمنافسة المباشرة داخل الجزيرة الخضراء.
وقال صبري الحو، الخبير في القانون الدولي، إن المغرب يظهر كبديل ذي امتياز وأفضلية بالنسبة إلى بريطانيا لتعويض ما كانت تستورده من مواد زراعية من إسبانيا والبرتغال وإيطاليا، وذلك بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
إلا أن إسبانيا لا تخفي مخاوفها من التقارب المغربي البريطاني في حال تنفيذ مشروع الربط القاري بين جبل طارق والمغرب.
وأكد الحو في تصريح لـه أن التعاون الوثيق مع بريطانيا هو بمثابة فرصة اقتصادية وسياسية للمغرب، الذي سيعمل على تسويق منتجاته الزراعية وتصدير مواد أولية معدنية، على أن يتم ذلك في إطار اتفاقيات إستراتيجية يكون العائد السياسي فيها لصالح الوحدة الترابية المغربية.
وعلى المستوى التجاري فقد اتفق المغرب والمملكة المتحدة عام 2019 على الحفاظ على الروابط التجارية المغربية الأوروبية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وبصرف النظر عن الاتفاق التجاري فقد عقد البلدان مجموعة من الاتفاقيات، بما في ذلك اتفاق متبادل لوصول المنتجات القادمة من الصحراء المغربية -بينها الأسماك والفوسفات- إلى السوق البريطانية.
ويرى الحو أن المشاريع العملاقة من قبيل الربط القاري بين المغرب وجبل طارق، ميزت سياسة العاهل المغربي الملك محمد السادس، وهو ما سيمكن المغرب من أن يكون محل تنافس شديد بين إسبانيا وبريطانيا، وسيشرع المغرب قريبا في بيع الطاقة النظيفة لبريطانيا، كما سيطلق رحلات جوية وبحرية نحو جبل طارق لتسهيل سفر المغاربة إلى المضيق الذي يقع تحت السيادة البريطانية.