الموانئ المغربية تثبت قدرتها على الصمود رغم الوباء

Belbazi

تمكنت الموانئ المغربية من الحفاظ على دورها المحوري في دعم الاقتصاد رغم جائحة كورونا. ونجح هذا قطاع في الحفاظ على انسيابية السلع وذلك بفضل استراتيجية طموحة تقوم على مخططات تشغيلية متكيّفة مع الأزمة الصحية.

حافظت الموانئ المغربية على إيراداتها التجارية وذلك بفضل مخطط استمرارية أنشطة الموانئ الذي أمن تشغيل كافة الخدمات دون انقطاع، ما عزز خطط استراتيجية دعم تموقع الرباط كمنصة لوجيستية في منطقة حوض المتوسط.

وتمثل الموانئ المغربية، باعتبارها رافعة مهمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ومحركا لتنافسية الاقتصاد المحلي، الحلقة الرئيسية ضمن السلاسل اللوجيستية للمبادلات الخارجية.

ونسبت وكالة المغرب العربي للأنباء إلى المديرة العامة للوكالة الوطنية للموانئ نادية العراقي، قولها إنه “منذ بداية الأزمة الصحية المرتبطة بفايروس كورونا، ركزت الوكالة الوطنية للموانئ إلى جانب جميع الفاعلين في منظومة الموانئ، على تنفيذ مخطط استمرارية أنشطة الموانئ”.

وتعد الموانئ نقطة عبور لجلّ المبادلات سواء بالنسبة إلى الواردات أو الصادرات. وفي المغرب تؤمن البنية التحتية للموانئ نحو 98 في المئة من المبادلات الخارجية، وتشكل بالتالي قطاعا حيويا بالنسبة إلى الاقتصاد.

نادية العراقي: نشاط الموانئ سار بشكل عام في اتجاه إيجابي

وبفضل تدبير شامل ومندمج للخطر الناجم عن تفشي جائحة كورونا، أظهر قطاع الموانئ في المغرب مرونة وقدرة كبيرة على التكيّف.

ويتوقع أن يحقق النشاط نموا معتدلا بنسبة 3.6 في المئة في حركة الموانئ التابعة للوكالة الوطنية للموانئ، بحجم إجمالي يبلغ 95.4 مليون طن، والذي من المرتقب أن يصل إلى 109.7 مليون طن بحلول العام 2025.

وركزت الوكالة الوطنية للموانئ على التدابير الاحترازية الهادفة إلى احتواء مخاطر الوباء، وذلك بهدف تأمين تشغيل جميع الخدمات المينائية دون انقطاع.

وأضافت العراقي أنه “بالنظر إلى كونها النقطة الحدودية الوحيدة التي واصلت نشاطها بعد إغلاق المطارات والحدود البرية خلال فترة الحجر الصحي، فقد اعتمدت الموانئ الوطنية على نحو سريع مخططات تشغيلية تتناسب مع السياق الجديد الذي يتطلب الأخذ بعين الاعتبار تدابير السلامة الصحية لمواجهة انتشار كورونا”.

وتابعت أنه بفضل هذه الإجراءات تمكنت الموانئ التابعة للوكالة الوطنية للموانئ من ضمان استمرارية سلاسل تموين المملكة بالمنتجات الاستراتيجية وسمحت بعبور الصادرات المغربية.

وأوضحت أن نشاط الموانئ سار بشكل عام في الاتجاه الإيجابي (زائد 5.3 في المئة) مع نهاية نوفمبر 2020، مدعوما بشكل خاص بالانتعاش القوي بنسبة 27.7 في المئة في واردات الحبوب بمستوى تاريخي قدره 8.8 مليون طن، وذلك نتيجة التوجه الجيد إلى نشاط الفوسفات ومشتقاته.

وأضافت أن بعض الأنشطة تأثرت رغم ذلك بتداعيات هذه الأزمة، لاسيما الحاويات ومنتجات الصلب والخشب ومشتقاته والنقل الطرقي الدولي والرحلات البحرية.

وخلال تطرقها إلى آفاق قطاع الموانئ، أوضحت العراقي أن المغرب وضع استراتيجية تهدف إلى تموقع الرباط كمنصة لوجيستية، لاسيما في منطقة حوض المتوسط.

وقالت إن “هذه الاستراتيجية لا تهدف فقط إلى مواكبة تطور حركة الموانئ، ولكن بالخصوص إلى اغتنام الفرص الجديدة التي قد تتاح لإدماج المغرب بشكل أكبر في الاقتصاد العالمي”. وأشارت إلى أن هذه الرؤية ترتكز على استراتيجية تنموية طموحة ومنسقة بشكل وثيق مع مختلف السياسات القطاعية التي انخرطت فيها الرباط وتأخذ بعين الاعتبار بُعد التهيئة المجالية.

وتابعت المديرة أن الدعائم الأساسية لهذه الاستراتيجية تقوم على ثلاثة محاور، وهي إنشاء ستة موانئ جديدة (الناظور غرب المتوسط، والقنيطرة – الأطلسي، وميناء آسفي الجديد، والداخلة الأطلسي)، وتوسعة البنى التحتية للموانئ الحالية وإعادة تأهيل بعض الموانئ (طنجة المدينة، والقنيطرة، والميناء القديم للدار البيضاء، وآسفي..).

واعتبرت أنه “في ما يتعلق بتوقعات النشاط، ومع فرضية الانجلاء التدريجي لخطر الوباء خلال النصف الأول من سنة 2021، نراهن على نمو معتدل بنسبة 3.6 في المئة في حركة الموانئ التابعة للوكالة، بحجم إجمالي يبلغ 95.4 مليون طن. ومن المنتظر أن يصل هذا الحجم إلى 109.7 مليون طن بحلول عام 2025”.

وخلصت إلى أن استكمال تنفيذ المشاريع المهيكلة الكبرى وتعزيز منظومة تقنين الموانئ والشروع في ورشات رقمنة ونزع الطابع المادي عن العمليات المينائية، كلها عوامل ستساهم بشكل أكبر في تعزيز نسيج قطاع الموانئ في المغرب وتنافسيته وقدرته على التكيف والصمود.

وتتجاوز الموانئ المغربية كونها مجرد واجهة لنمطين من النقل، البري والبحري، إذ تشكل حلقة وصل استراتيجية في سلسلة الخدمات اللوجيستية للتجارة الخارجية.

98

في المئة نسبة المبادلات التجارية التي تؤمنها البنية التحتية للموانئ مما يدعم الاقتصاد

وتعد الموانئ نقطة عبور إلزامية للغالبية العظمى من مبادلات المغرب سواء بالنسبة إلى استيراد المنتجات والسلع الضرورية للاستهلاك الداخلي والنشاط الصناعي أو كذلك للصادرات الضرورية لتطوير الاقتصاد المغربي.

وبالنظر إلى هذا الدور الاستراتيجي للموانئ الوطنية، تعمل الوكالة الوطنية للموانئ على تعبئة جميع الفاعلين في منظومة الموانئ لإقامة مشاريع مجتمعية تهدف إلى تحسين تنافسية القطاع.

وأنشأت الوكالة الوطنية للموانئ “بورنت”، وهو الشباك الوحيد لخارطة التجارة الخارجية للمملكة. وتسعى الوكالة إلى تسريع رقمنة العمليات ونزع الطابع المادي عليها من أجل مرونة أكبر للعبور المينائي.

وعلى صعيد آخر، وكجزء من مقاربة للتطوير تهدف إلى تحسين الأداءات وتجويد إجراءات عبور الموانئ، أطلقت الوكالة الوطنية للموانئ مشروع إنشاء مرصد تنافسية الموانئ المغربية. ويتعلق الأمر بأداة تسمح بهيكلة التدبير الاستراتيجي لأداء الموانئ.

وفي إطار نفس الهدف المتمثل في تحسين القدرة التنافسية للموانئ، تعمل الوكالة الوطنية للموانئ على مختلف مستويات التأطير ومواكبة مختلف الفاعلين في قطاع الموانئ، وإعادة هندسة عمليات الاستغلال، وإنشاء منصة تدريب من أجل الرفع من احترافية الفاعلين.

وفي وقت سابق أعلن المغرب أن  الاستثمارات العامة في مشاريع البنية التحتية تضاعفت خلال السنوات العشر الماضية لتصل إلى أكثر من 17.1 مليار دولار خلال العام 2015.

وتخطط وزارة التجهيز واللوجيستيك المغربية إلى زيادة استثمارات قطاع الموانئ والنقل البحري على المدى المتوسط والبعيد إلى نحو 93 مليار دولار حتى العام 2035.

ويراهن المغرب على الشراكة بين القطاعين العام والخاص للقيام بالعديد من الاستثمارات في العديد من أنشطة الموانئ، وتطوير البنية التحتية حتى تصبح أكثر تنافسية وتسهل الحياة بالنسبة إلى المواطنين.

ويملك المغرب 33 ميناء منها 12 ميناء مفتوحا للتجارة الخارجية وتضم أكثر من 40 كيلومترا من الأرصفة، أكثر من نصفها مخصص للتجارة.

ويرى خبراء أن انفتاح المغرب على تجارب واستثمارات دول متعددة من آسيا وأميركا وغيرهما، كشركاء لبناء وتشييد الموانئ الوطنية ومن بينها ميناء طنجة المتوسطي ذي الأهمية الاستراتيجية، تؤهله للحصول على حصة متقدمة من سوق التجارة البحرية الدولية لتحريك عجلة التنمية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: