توقعت أوساط سياسية مغربية أن تفتتح الولايات المتحدة قنصلية عاملة لها في مدينة الداخلة، في خطوة ستشكل اعترافا أميركيا رسميا وعمليا بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية .
وتوقعت وسائل إعلام محلية أن يجري حفل افتتاح القنصلية الأميركية في مدينة الداخلة من طرف وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة وديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي المكلف بشؤون الشرق الأوسط. وسيكون تواجد شينكر في المغرب فرصة لافتتاح القنصلية التي ستعمل على تشجيع الاستثمارات الأميركية والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية لسكان الأقاليم.
وكانت وزارة الخارجية الأميركية قد أعلنت مؤخرا، أن شينكر سيقوم ما بين الـ12 والـ13 من يناير الجاري، بجولة ستقوده إلى الأردن والرباط لمناقشة التعاون الاقتصادي والأمني.
ويرى متابعون أن زيارة شينكر إلى المغرب تأتي في سياق تأكيد الدعم الأميركي لمغربية الصحراء في مواجهة استفزازات البوليساريو المستمرة وإصرارها على انتهاك القرارات الأممية.
وسبق أن أوضح وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أن “بلاده بدأت في ترتيبات فتح قنصلية في الصحراء المغربية”. وشدّد على أن “واشنطن ستواصل دعم المفاوضات السياسية لتسوية الخلافات بين المغرب وجبهة البوليساريو الانفصالية في إطار خطة الحكم الذاتي المغربية”.
وذكر الديوان الملكي المغربي في ديسمبر الماضي أن “ترامب أبلغ الملك محمد السادس هاتفيا بإصدار مرسوم رئاسي يقضي باعتراف واشنطن بسيادة المغرب الكاملة على إقليم الصحراء، وكأول تجسيد لهذه الخطوة السيادية الهامة قررت الولايات المتحدة فتح قنصلية بمدينة الداخلة”.
وخطت الولايات المتحدة خطوة كبيرة في توثيق علاقتها بالمغرب بعد إعلان ترامب أن بلاده تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء، وأن اقتراح الرباط الجاد والواقعي بحكم ذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم من أجل السلام والرخاء.
مايك بومبيو: ترتيبات فتح قنصليتنا في الصحراء المغربية انطلقت بالفعل
ووصف القرار بأنه انتصار دبلوماسي حققه المغرب بعد عقود من التضحيات والنضال لأجل الانتصار لقضية وحدته وسيادته على كافة التراب الوطني.
ويجمع المتابعون على أن اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على صحرائه هو نجاح لدبلوماسية الرباط التي توجت بافتتاح قنصليات لعدة دول في مدينتي العيون والداخلة، ما من شأنه أن يقوي الدعم القانوني لملف الصحراء المغربية.
ومن شأن التحول اللافت في السياسية الأميركية تجاه الرباط أن يعزز العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وينقلها إلى مرحلة أكثر واقعية، خدمة لمصالح المنطقة العربية والأفريقية على حد سواء.
واعتبر وزير الخارجية المغربي في تصريحات سابقة أن “اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على كل تراب الصحراء المغربية خطوة هامة”، مشيرا إلى أن “واشنطن قررت أيضا افتتاح قنصلية لها في مدينة الداخلة”.
وشهد توالي افتتاح قنصليات في الصحراء تطورا لافتا خاصة بعد أن عبرت العديد من الدول العربية والأوروبية عن تأييدها للمغرب بعد قرار تأمين معبر الكركرات من استفزازات البوليساريو.
وارتفع إجمالي القنصليات الأجنبية بالصحراء المغربية إلى 18 قنصلية: 10 في العيون، و8 في الداخلة مع افتتاح كل من البحرين وهايتي لقنصليتين في ديسمبر الماضي.
ورأى بوريطة أن “توالي فتح القنصليات بالإضافة إلى ما يمثله من دعم لمغربية الصحراء، يجعل من مدينة الداخلة مركزا قنصليا ودبلوماسيا مهمّا ونقطة ربط بين أفريقيا جنوب الصحراء وشمالها”.
وأبرز أن “الجميع يرى في مدينة الداخلة مركزا مهمّا بالنظر إلى موقعها الجغرافي والإمكانيات التي تتيحها، وكذلك آفاق النمو التي تتوفر عليها”.
وشهدت مدينتا الداخلة والعيون في العام الماضي دينامية دبلوماسية قوية بافتتاح القنصليات العامة لكل من غامبيا وغينيا وجيبوتي وليبيريا وبوركينا فاسو وغينيا بيساو، بالإضافة إلى غينيا الاستوائية.
وخلال السنوات الماضية، استطاع المغرب أن يحقق اختراقات مهمة من حيث التأكيد على حقوقه السيادية على أقاليمه الجنوبية، اعتمادا على رؤية العاهل المغربي للتحرّكات الدبلوماسية عبر التركيز على إحداث التوازن في العلاقات بين مختلف الأطراف الدولية، وفتح جسور تواصل متينة مع أفريقيا، وارتباط بعلاقات قوية مع الدول الكبرى والقوى الصاعدة.