أعلنت السعودية أمس الثلاثاء عودة العلاقات الكاملة بين الدول المقاطعة وقطر، بعد قمة خليجية في مدينة العلا السعودية، وبذلك ينتهي فصل قاس من تاريخ الأزمة الخليجية، للمضي نحو تعزيز مسار المصالحة، بعد الإعلان عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين قطر ودول الحصار الأربع التي قطعت منذ يونيو 2017.
وسادت أجواء إيجابية في القمة الخليجية التي احتضنتها محافظة العُلا غير بعيد عن المدينة المنورة، والتي تعقد لأول مرة بحضور قطر منذ أزيد من ثلاث سنوات.
وعكست صور استقبال الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، للشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، لحظة وصول طائرة الوفد القطري الأراضي السعودية، الروح الجديدة المنتظرة من مسار المصالحة الخليجية التي بذلت الكويت برعاية أمريكية جهوداً معتبرة للوصول إليها.
وبعث أمير قطر برقيتين للعاهل السعودي وولي عهده يشكرهما على الحفاوة وحسن الاستقبال، في مؤشر يجسد حسن النوايا، والرغبة في ترجمة التوافقات على أرض الواقع.
وشارك في القمة الخليجية الـ41 التي ترأسها الأمير محمد بن سلمان، إلى جانب الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، كل من الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات، والأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي عهد البحرين، والسيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في عمان.
وشدد الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي على أنه تم طي كامل للخلافات السابقة، وعودة العلاقات الدبلوماسية بين دول الحصار الأربع وقطر، وتسوية القضايا العالقة، وهو اختراق يساهم على حد تأكيده في تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وقال الوزير في مؤتمر صحافي عقد في ختام قمة العُلا إن الاتفاق يساهم في حلحلة كافة الإشكالات العالقة، وستعود الأمور إلى طبيعتها ما قبل فرض الحصار على قطر.
وأضاف: “ما تم اليوم في القمة طي كامل للخلاف مع قطر وعودة كاملة للعلاقات الديبلوماسية”. واستطرد أن “القمة كان عنوانها المصارحة والمصالحة وأفضت لطيّ صفحة الماضي والتطلع إلى مستقبل يسوده التعاون”.
وقال إن أهم ضمانة لتحقيق الاتفاق هو الإرادة السياسية، مع وجود رغبة لمواجهة التحديات، مشيراً إلى أن الجميع متفائل للوصول إلى تضامن عربي.
واعتبر وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الثلاثاء، أنه بعقد قمة العلا “تنطوي صفحة الخلاف” الخليجي.
وفي تغريدة عبر حسابه على تويتر، قال آل ثاني: “تنطوي اليوم صفحة الخلاف، بروح من المسؤولية والسعي لفتح صفحة جديدة ترسخ معاني التضامن والتعاون لما فيه خير الشعوب الخليجية ولمواجهة التحديات التي تتعرض لها المنطقة”.
وأعرب عن “الشكر والتقدير لدولة الكويت على جهودها الكبيرة في رأب الصدع ولمّ الشمل الخليجي”.
وأضاف: “تحت قيادة وبحكمة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد، تتطلع دولة قطر إلى مواصلة العمل الخليجي والعربي المشترك الذي يعود بالخير على الشعوب الخليجية، وعلى أمن واستقرار المنطقة، آملين أن يحقق هذا الاتفاق المزيد من التقدم والازدهار والرخاء”.
وشدد بيان العُلا في ختام قمة دول مجلس التعاون الخليجي على ضرورة تعزيز التعاون بين دول الخليج وتطوير الشراكات الاستراتيجية مع الدول والمنظمات الإقليمية بما يضمن المصالح المشتركة. وتلا كل من الأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي، والدكتور نايف الحجرف الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي البيان الختامي.
وأكد بيان العلا على عمق العلاقات الراسخة بين العواصم الست، ودعا لتوطيد العلاقات واحترام مبادئ حسن الجوار، حيث تم التأكيد على تكاتف دول الخليج في وجه أي تدخلات مباشرة أو غير مباشرة في شؤون غيرها، وعدم المساس بأمن أي دولة أو استهداف أمنها أو المساس بسيادتها.
كما أكدت قمة دول مجلس التعاون التي سميت قمة السلطان قابوس والشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، على تعزيز دور مجلس التعاون الإقليمي عبر توحيد المواقف السياسية وتطوير الشراكات الاستراتيجية. وشدد البيان على أن توقيع مصر على بيان القمة يعكس حرص القاهرة على التضامن مع دول المجلس.
ورحب الأردن بإنهاء الازمة بين قطر وجيرانها. واعتبر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الثلاثاء أن “بيان العلا يشكل إنجازاً كبيراً ذلك أن رأب الصدع وإنهاء الأزمة الخليجية وعودة العلاقات الأخوية إلى مجراها الطبيعي يعزز التضامن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، ويخدم طموحات شعوبها بالنمو والازدهار”.
من جانبه، كتب وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر “نبارك لقطر نجاحها في مقاومتها الشجاعة مقابل الضغط والابتزاز. ويدري جيراننا العرب أن إيران ليست عدوا ولا تهديدا. كفى إلقاء اللوم على الآخرين، خاصة عندما يترك ذلك المتمرد السلطة”، في إشارة إلى ترامب.
وكتب نائب رئيس الإمارات ورئيس الحكومة محمد بن راشد آل مكتوم الذي شارك في القمة، في تغريدة على “تويتر” بعد انتهاء الاجتماع “قمة إيجابية… موحدة للصف… مرسخة للإخوة برعاية أخي خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمير محمد بن سلمان”.
وأضاف “المتغيرات والتحديات المحيطة بنا تتطلب قوة وتماسكا وتعاونا خليجيا حقيقيا وعمقا عربيا مستقرا”.
ورحب المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين في تركيا طلعت فهمي بالتقارب بين قطر والدول الأخرى.
وتكللت الجهود الكويتية والجولات الماراثونية التي قام بها وزير الخارجية الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح للعواصم الخليجية، بتحقيق اختراق في أزمة دول مجلس التعاون، وإعلان الرياض إنهاء الحصار المفروض على الدوحة، وفتح الأجواء والحدود البرية والبحرية ابتداء من مساء الإثنين، وهو ما ساهم في عقد القمة. وكاد بعض الخلافات التي طرأت على مسار المصالحة الخليجية منذ إعلان بيان الكويت نهاية السنة الماضية، أن يعصف بالقمة، وبالتفاهمات التي تم التوصل إليها.
ويرى مراقبون أن ما تحقق هو خطوة أولى في مسار إعادة البناء لمجلس التعاون الخليجي، ما لم تسع أطراف لنسف ما تحقق حتى الآن.
وتعتبر شعوب المنطقة أول المستفيدين من حل الأزمة الخليجية، خصوصاً العوائل المشتركة التي تضررت من الحصار الذي فرضته في يونيو 2017 كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر على قطر.