تحولت جزر الكناري جنوب إسبانيا إلى مقصد للمهاجرين غير الشرعيين من الدول المغاربية لاسيما الجزائر والمغرب الباحثين عن حياة أفضل في الدول الأوروبية.
يذكر أن جزر الكناري كانت تستقطب أعدادا غفيرة من السياح وعشاق الرياضات المائية من جميع أنحاء العالم، فهي إحدى أجمل الوجهات السياحية بالنسبة لإسبانيا، غير أن تنامي عدد المهاجرين بات يفقدها هذا السحر.
ويرى العديد من الناشطين في المجال السياحي أن وجود المهاجرين في الفنادق قد أساء للصورة السياحية للأرخبيل الإسباني وتسبب في ابتعاد السياح، وهو ما زاد في تعميق التداعيات الاقتصادية الناتجة عن وباء كورونا.
ووفقا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، تم إحصاء 22249 مهاجرا في هذا الطريق منذ بداية العام. وفي العام السابق، كان العدد يقل حتى عن 2700 مهاجر.
وبحسب تقديرات المنظمة الدولية للهجرة في أكتوبر الماضي يشكل المغاربة النسبة الأكبر من الواصلين إلى جزر الكناري، إذ بلغوا أكثر من الثلث منذ بداية العام.
وتظهر المعطيات الإسبانية أن المهاجرين المغاربة كما المنحدرين من أفريقيا جنوب الصحراء، لا يزالون يفضلون ركوب أمواج البحر للعبور إلى الضفة الأخرى، وهو ما يذكّر بواقع الجزر اليونانية التي تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى نقطة عبور للاجئين من عدة مناطق في الشرق الأوسط، لاسيما السوريين والعراقيين واللبنانيين (حيث تشهد بلدانهم أزمات) نحو “الجنة الأوروبية”.
وكان أغلب الوافدين، في الأشهر الأربعة الأخيرة من العام، من المغرب، حسب بيانات الداخلية الإسبانية، حيث أبحروا من سواحل الصحراء المغربية، بعدما كانت نقطة الانطلاق قبل أكثر من 14 عاما، من موريتانيا والسنغال وغامبيا.
ورغم تكرار حوادث غرق مراكب المهاجرين، ترصد هيئة الإنقاذ الإسبانية استمرار تدفق هؤلاء إلى الشاطئ، حيث تتولى نقلهم لتسجيلهم وتلقي العناية، وأعلنت أواخر سنة 2020 أنها تمكنت من إنقاذ حوالي 150 مهاجرا أفريقيا من ثلاثة قوارب كانت تبحر في مياه المحيط الأطلسي قبالة جزر الكناري الإسبانية.
وكتبت منظمة سالفامينتو ماريتيمو للإنقاذ البحري على تويتر أن المهاجرين نُقلوا إلى الشاطئ لتلقي الرعاية والتسجيل.
وبحسب منظمة الهجرة الدولية فإن “واحدا من أصل 24 مهاجرا يلقى حتفه على طريق الهجرة عبر الأطلسي باتجاه جزر الكناري الإسبانية”.
وارتفع عدد الوافدين إلى الأرخبيل سنة 2020 مع لجوء المهاجرين إلى مسالك بديلة للوصول إلى أوروبا بعد تعزيز دوريات خفر السواحل في المتوسط قبالة سواحل جنوب إسبانيا.
وبالإجمال توفي 2170 مهاجرا عام 2020 وهم يحاولون الوصول إلى إسبانيا بواسطة قوارب، مقابل 893 توفوا عام 2019، بحسب تقرير صادر عن منظمة “كاميناندو فرونتيراس” غير الحكومية التي تراقب حركة المهاجرين.
وقال التقرير إن 85 في المئة من المهاجرين لقوا حتفهم هذا العام، أو 1851 شخصا، وكان ذلك جراء 45 حادث غرق لقوارب كانت تبحر باتجاه جزر الكناري.
إنها رحلات محفوفة بالمخاطر وأمل الحياة فيها شبه منعدم، حيث تشير مقاطع يتداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن قوارب الهجرة صغيرة وتضم في كل رحلة من عشرة إلى خمسة عشر شخصا، وتستغرق بين يومين وثلاثة أيام، وتكلف الفرد الواحد 1500 دولار يدفعها المهاجر للمهربين.
وأدى تدفق المهاجرين إلى اكتظاظ مراكز الاستقبال في جزر الكناري، ما أجبر الآلاف من المهاجرين الشهر الماضي على إقامة مخيم مؤقت ليأويهم على رصيف ميناء في جزيرة غران كناريا، قبل أن يتم نقلهم إلى مخيمات عسكرية في الجزيرة.
وتخصص جزر الكناري فنادق في غراند كناريا لإيواء المهاجرين حاليا، يتم دفع 45 يورو لكل مهاجر في الليلة، وفقا لتوم سمولدرز، رئيس اتحاد فنادق جزر الكناري.
ويعمل المغرب بالتنسيق مع السلطات الإسبانية على إعادة المهاجرين من جزر الكناري عبر رحلات جوية أسبوعية، كما يتم التفكير في إعادة القاصرين عبر المعابر الحدودية لسبتة ومليلية.
وتبعد جزر الكناري الإسبانية أقل من 100 كيلومتر عن سواحل المغرب الجنوبية في المحيط الأطلسي.
وتجاور السواحل المغربية نظيرتها الإسبانية أيضا في البحر المتوسط حيث تقترب شواطئ المغرب من إسبانيا، فضلا عن الحدود مع جيبي سبتة ومليلية الساحليين شمال المغرب.