عزز حزب الحركة الشعبية، المشارك في الائتلاف الحكومي في المغرب، صفوفه بعد انضمام نشطاء جبهة العمل السياسي الأمازيغي إلى الحزب.
واستطاع حزب الحركة الشعبية، إقناع عدد من أعضاء جبهة العمل السياسي الأمازيغي في المغرب بالانضمام إلى هياكله السياسية، بعدما اقتنعت الجبهة بضرورة العمل من داخل المؤسسات، وتأتي الخطوة حسب متابعين في سياق الاستعداد للانتخابات الجهوية والتشريعية المزمع إجراؤها خلال هذا العام.
وقرر أعضاء جبهة العمل السياسي الأمازيغي، الاندماج بحزب الحركة الشعبية المشارك في الحكومة، فيما التحق آخرون قبل شهرين بحزب التجمع الوطني للأحرار.
بعد دسترة الأمازيغية سنة 2011، حدد القانون التنظيمي مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة
ورأى المتابعون أن هذا الاندماج ذو مغزى سياسي مهم، يتعلق بانفتاح النظام السياسي على كافة المكونات الهوياتية والأيديولوجية، الذي يعطي الفرصة للمشاركة في الحقل السياسي بقواعد قانونية تحفظ استقرار واستمرارية المجتمع والدولة.
واعتبر الأمين العام للحركة الشعبية امحند العنصر خلال توقيع البيان المشترك أن “انضمام أعضاء الجبهة يعد بمثابة انطلاقة لما يؤمن به حزب الحركة الشعبية من كون القضية الأمازيغية هي قضية هوياتية وتهم جميع المغاربة، ولا يمكن أن تختزل في الصراع السياسي والتنافس الحزبي”، مشددا على “ضرورة أن تكون قضية تميز المغربي عن باقي المكونات، رغم الانتماءات العدة للمغاربة الأفريقية والعربية والإسلامية التي توحد المغاربة”.
وتفاديا لأي قراءة خارج السياق السياسي العام، أكد العنصر أن “حزبه لم يسع لتسييس القضية الأمازيغية منذ 60 سنة، ولا يهدف للكسب الانتخابوي أو أصوات انتخابية”، بقدر ما كان يؤمن بضرورة أن “تتم نصرة القضية الأمازيغية وإن اقتضى الأمر دفع الثمن”.
من جهته أكد محيي الدين حجاج المنسق الوطني لجبهة العمل السياسي الأمازيغي، أن “توقيع البيان المشترك محطة تدشن لمرحلة جديدة في الاشتغال وممارسة العمل السياسي من داخل المؤسسات، وتتوج مسارا استمر على مدى تسعة أشهر”.
وكانت جبهة الأمازيغية منكفئة على نفسها لأكثر من 40 سنة خارج الأحزاب ومؤسسات الدولة والتي تحظر تأسيس أحزاب سياسية ذات خلفية عرقية.
وأوضح رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية ، أن “الدستور المغربي يمنع تأسيس أحزاب سياسية ترتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي”.
وبرأيه فإن “اندماج جبهة العمل السياسي الأمازيغي في الحركة الشعبية هو رسالة سياسية وقيمية من الحزب باحتضانه الفعاليات الأمازيغية على اعتبار أصول رئيسه الحالي الأمازيغية واهتمامه بالقضايا التي تهم الأمازيغ، وهي تكملة للمسار والعناية التي بات يعطيها هذا الحزب لحقوق الأمازيغ التي يكفلها الدستور المغربي”.
وتنص المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية بالمغرب على أنه “يعتبر باطلا كل تأسيس لحزب سياسي يرتكز على أساس ديني أو لغوي أو عرقي أو جهوي، أو بصفة عامة على أي أساس من التمييز أو المخالفة لحقوق الإنسان”.
وسبق للسلطات المغربية أن منعت في العام 2008، إنشاء الحزب الديمقراطي الأمازيغي، الذي أسسه حينها الناشط الراحل أحمد دغرني، معللة ذلك بأن القانون يحظر إنشاء أحزاب ذات خلفية عرقية أو طائفية.
وبعد دسترة الأمازيغية سنة 2011، حدد القانون التنظيمي الذي تمت المصادقة عليه قبل عام، مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية باللغة المعيارية بحرف تيفيناغ كما أعدها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وفق قرار المحكمة الدستورية.
وأبرز حجاج أنه “لا يمكن نكران التحولات التي تعرفها بلادنا في ما يتعلق بالقضية الأمازيغية”، مشيرا إلى أنه “بعد 2011، أطلقت الحركة نقاشا أفضى إلى اقتناع بعض الأعضاء بالعمل المؤسساتي وظل آخرون متشبثون بمواقفهم”.
وفي يناير الماضي دعت جبهة العمل السياسي الأمازيغي، مختلف مناضلي الحركة إلى الانخراط في الحياة السياسية والمؤسسات الرسمية بكل جهات المغرب، للانتقال نحو المشاركة السياسية المباشرة، لضمان وتيرة قوية للعمل داخل المؤسسات بحثا عن التغيير من الداخل.
استطاع حزب الحركة الشعبية، إقناع عدد من أعضاء جبهة العمل السياسي الأمازيغي في المغرب بالانضمام إلى هياكله السياسية، بعدما اقتنعت الجبهة بضرورة العمل من داخل المؤسسات
وبين أحمد أرحموش عضو الجبهة الأمازيغية، أن “المؤسسات الدستورية لا تتضمن أعضاء من الحركة الأمازيغية، وفي البرلمان الأسماء معدودة”.
ورغم تفاوت ردود الأفعال داخل الجبهة من هذه الخطوة خوفا من الانصهار في حزب سياسي بعينه، إلا أن مراقبين اعتبروا أن العمل والمشاركة السياسية من داخل تنظيمات حزبية معيار أساسي للمصالحة مع الذات والمؤسسات والدولة، وأيضا لتفادي أي صدام مع هيئات سياسية أخرى لها توجهاتها لا يخدم مصالح الدولة والمجتمع.
وأقر المنسق الوطني لجبهة العمل السياسي الأمازيغي بأن “الدولة المغربية والأحزاب والجبهة لها رغبة في التغيير”. موضحا أن المغرب فتح ورش كبرى سياسية واجتماعية وثقافية، وكوطنيين لا يمكن إلا أن نكون جزءا من البناء لا الهدم”.