تنوي الرباط ومدريد إجراء قمة على مستوى حكومتي البلدين خلال شهر فبراير/شباط المقبل، ولم يتم تحديد تاريخ معين. وتفيد معلومات حصلت عليها “القدس العربي” بصعوبة إجراء اللقاء نظرا للاختلاف حول ملفين وهما نزاع الصحراء وطريقة معالجة الهجرة غير المنظمة التي تعرف بـ”الهجرة السرية”. وكانت القمة الثنائية مرتقبة يوم 17 ديسمبر الماضي، وجاء تأجيلها بمبرر خطورة وباء فيروس كورونا، وهو مبرر لم يكن مقنعا لأحد. وجاء التأجيل نتيجة طلب من المغرب الذي كان يعد لعملية التطبيع مع إسرائيل وإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مغربية الصحراء. ورغم الحديث عن شهر فبراير/شباط المقبل، لم يتم تعيين يوم بعد، والمشاورات حول القمة المقبلة مجمدة حتى الآن. وتفيد معلومات حصلت عليها جريدة “القدس العربي” من مصادر سياسية في إسبانيا بصعوبة إجراء هذه القمة خلال الثلاثة أشهر المقبلة نتيجة الاختلاف القائم بين الرباط ومدريد مؤخرا حول ملفين رئيسيين وهما الصحراء والهجرة. وبطريقة غير مباشرة، قدمت وزيرة الخارجية الإسبانية أرانشا غونثالث لايا يوم الأربعاء من الأسبوع الجاري الخطوط العريضة للسياسة الخارجية لبلادها سنة 2021، ومن ضمنها التركيز على ملف الهجرة عبر التعاقد مع الدول التي ينطلق منها المهاجرون. وتعاني إسبانيا من الهجرة غير المنظمة نظرا لكون هذا البلد بوابة أوروبا انطلاقا من إفريقيا سواء عبر سواحل الأندلس أو جزر الكناري. والنقطة المحورية الثانية تتجلى في رهان ودفاع مدريد عن التعددية في القرارات الدولية بدل الأحادية لا سيما مع عودة الحزب الديمقراطي إلى البيت الأبيض ممثلا في الرئيس الجديد جو بايدن. ويعتبر المغرب محوريا في السياسة الخارجية الإسبانية، وتمسه النقطتان المشار إليهما بشكل مباشر بل ويوجد اختلاف حولهما. وهذا ما سيجعل القمة الثنائية على مستوى رئيسي حكومتي البلدين تتأجل بدون شك وفق المعطيات التي حصلت عليها “القدس العربي”. وهكذا، يرفض المغرب نظرة إسبانيا إلى الهجرة، وصرح وزير الخارجية ناصر بوريطة منذ أيام: “المغرب لن يلعب دور دركي أوروبا” في مواجهة الهجرة. ولم تنجح مفاوضات مغربية إسبانية في هذا الصدد بل مفاوضات أوروبية-مغربية، حيث تلتزم الرباط باستقبال مواطنيها الذين يتواجدون بطريقة غير قانونية في أوروبا، ووفق إيقاع مقبول ومتدارس، وترفض استقبال باقي الجنسيات التي تمر من المغرب نحو إسبانيا. ويعد المغرب طريقا رئيسيا للهجرة السرية نحو أوروبا منذ أكثر من ثلاثة عقود. وعلاقة بالنقطة الثانية وهي التعددية في العلاقات الدولية، يسود إحساس وسط الطبقة السياسية وخاصة الحكومية في إسبانيا بأن المغرب لن يقبل بعقد قمة ثنائية على مستوى رئاستي الحكومية لا تتضمن إشارة واضحة إلى مغربية الصحراء، لا سيما بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية هذه المنطقة المتنازع عليها بين الرباط وجبهة البوليساريو. وكانت مدريد قد أعربت عن رفضها لموقف الرئيس ترامب الاعتراف بمغربية الصحراء، وطالبت بالتراجع عنه. وأكدت فتح مباحثات مع فريق الرئيس الجديد بايدن في هذا الشأن. ولم يتم عقد قمة ثنائية منذ أكثر من أربع سنوات، حيث كانت ظروف إسبانيا لا تساعد بسبب غياب الاستقرار الحكومي نتيجة الانتخابات التشريعية الأربع التي شهدتها بسبب ظهور أحزاب جديدة ساهمت في بلقنة المشهد السياسي، والآن يحصل الاختلاف حول ملفات الهجرة والصحراء. ونجح البلدان منذ أسبوعين في احتواء الأزمة التي ترتبت عن تصريحات رئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني بتفكير المغرب باستعادة سبتة ومليلية المحتلتين، حيث استدعت مدريد السفيرة المغربية ويبدو أنها اقتنعت بالتوضيحات التي قدمتها.

العطاوي

عملاؤها بفرنسا يتكلفون بشكايات كيدية ضد مسؤولين ويعرقلون تشكيل مجالس دينية

لا تكل الاستخبارات الجزائرية من فتح جبهات جديدة في “حربها” مع المغرب، بفبركة ملفات وأخبار زائفة، أو تحريض عملائها في بعض الدول لاستهداف تمثيليات المهاجرين المغاربة، كما هو الشأن بالنسبة إلى ملف الشأن الديني للمهاجرين في فرنسا وإسبانيا.
وحبكت الاستخبارات نفسها، أول أمس (الاثنين)، مؤامرة لوأد تشكيل مجلس وطني للأئمة في فرنسا، الذي تراهن عليه الرئاسة الفرنسية لمواجهة “التطرف والنزعة الانعزالية”، ودعت بعض مواطنيها الحاملين للجنسية الفرنسية للانسحاب من المجلس بدعوى أن “المغاربة يسيطرون على مراكز القرار في الجمعيات والهيآت الإسلامية”.
ولم تقف أيدي عبث الاستخبارات الجزائرية عند هذا الحد، إذ تكلفت بتعميم شكايات كيدية ضد مسؤولين مغاربة في جمعيات بدول المهجر، لكن تحريات أوربية أثبتت أن لا أساس من الصحة للاتهامات الموجهة إلى أئمة مغاربة بتلقي تمويلات أجنبية، بناء على تقارير فرق أمنية، أحدثت في الآونة الأخيرة، التي تكلفت بجمع معلومات دقيقة عن الأئمة والمؤطرين الدينيين وأساتذة مغاربة مكلفين بتأطير أفراد الجالية المغربية، لتحديد ميولاتهم السياسية وعلاقاتهم مع بعض الجمعيات الدينية، خاصة التي تصنف بالمتشددة.
وفشل عملاء الاستخبارات الجزائرية في تأليب الدول الأوربية على الأئمة المغاربة، رغم أنهم سعوا إلى “تقزيم أدوارهم” في تأطير الأطر الدينية من أئمة ومرشدين دينيين لنزلاء السجون والمستشفيات الفرنسية، وملف المقابر وأماكن دفن موتى المسلمين، وإشراكهم في مناقشة قضايا تمويل الجمعيات والهيآت الإسلامية وضرورة تمكين المسلمين من تمويل ذاتي.
ويحظى الأئمة المغاربة بتقدير السلطات الأوربية، خاصة الفرنسية، لدورهم في مواجهة الإرهاب، خاصة أن أئمة وشخصيات إسلامية مغربية نجحوا في نزع فتيل “الاحتقان الديني”، في ظل التخوفات من عمليات إرهابية، منذ نشر صحيفة فرنسية صورا مسيئة للرسول (ص).
وفي السياق نفسه، أعلن الجزائري شمس الدين حافظ، عميد مسجد باريس، انسحابه من مشروع تشكيل مجلس وطني للأئمة في فرنسا، بدعوى أن “المكون الإسلامي داخل المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، خصوصا المرتبط بأنظمة أجنبية وصفها بالمعادية لفرنسا، عطل بخبث المفاوضات عبر طعنه ببعض الفقرات المهمة في ميثاق المشروع”، حسب قوله، نكاية في المغربي محمد الموسوي، الذي يتولى رئاسة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، المحاور الرئيسي للدولة الفرنسية في قضايا تنظيم الديانة الإسلامية وفوضت له تشكيل مجلس وطني للأئمة.
وتجدر الإشارة إلى أن الموسوي انتخب، في بداية السنة الجارية، رئيسا للمجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، الذي يتحدث باسم حوالي خمسة ملايين مسلم في فرنسا، وعد بالاستجابة لرغبة الرئيس إيمانويل ماكرون في محاربة التطرف.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: