ملفات ثقيلة تحاصر الرئيس الجزائري بعد عودته من رحلة العلاج

بليدي

عاد الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مساء الثلاثاء إلى بلاده بعد رحلته العلاجية الطويلة التي جعلت الملفات تتراكم في انتظار معالجتها على غرار الأزمة الاقتصادية والوضع الصحي المتداعي مع استمرار تفشي الإصابات بفايروس كورونا. وينتظر أن تسرّع السلطات الصحية في عملية اقتناء اللقاح والبدء في توزيعه، علاوة على المهام الدستورية التي تنتظره وغيرها من الملفات.

تنتظر الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بعد عودته من رحلته العلاجية ملفات متراكمة على مختلف الجبهات، السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وتزامن انتشار الوباء العالمي مع الوعكة الصحية للرئيس، ما أصاب البلاد بشلل كبير زاد من حدة الاحتقان الداخلي، خاصة مع الغموض الذي اكتنف مصير ومستقبل أعلى مؤسسة في الدولة بسبب غيابه لفترة كبيرة.

واجتمع تبون، الأربعاء، مع قائد أركان الجيش الفريق السعيد شنڨريحة، في أول نشاط لتبون بعد عودته من رحلة علاج في ألمانيا دامت شهرين.

وقالت الرئاسة الجزائرية، في بيان “عقد، الأربعاء، رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبدالمجيد تبون، جلسة عمل مع رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي السيد الفريق السعيد شنقريحة”.

ويعقد اليوم الخميس الرئيس تبون أول اجتماع لمجلس الوزراء المعطل منذ حوالي ثلاثة أشهر لبحث مختلف الملفات العالقة، خاصة في المجالات الصحية المرتبطة بالجائحة العالمية، والاجتماعية والاقتصادية وحتى التشريعية. وسيكون الاجتماع فرصة للمصادقة على قانون الموازنة العامة للعام 2021 وعلى الوثيقة الدستورية من أجل رفع اللبس عن احترام الرئيس للآجال الدستورية.

وسيكون اجتماع مجلس الوزراء انطلاقة متجددة للسلطة الجديدة بقيادة الرئيس تبون، ودافعا للحكومة من أجل تنفيذ الالتزامات التي قطعها الرجل خلال حملته الانتخابية في ديسمبر الماضي، خاصة بعد الشلل الذي أصاب الجهاز التنفيذي نتيجة الافتقاد لمركز القرار المرتكز دستوريا في أيدي رئيس الجمهورية.

كما يعتبر الاجتماع المذكور فرصة جديدة للجزائريين من أجل الاطلاع عن كثب على الوضع الصحي لرئيسهم، في ظل الشكوك الكبيرة التي عكسها ظهور الرجل أمام الرأي العام في أعقاب عودته مساء الثلاثاء إلى بلاده، باعتبار أن سيناريو الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة لا يزال عالقا في أذهانهم.

وأبدى الرئيس الجزائري في تصريحه المقتضب أمام مستقبليه في القاعة الشرفية لمطار بوفاريك العسكري، من مسؤولين كبار في الدولة، حرصه الشديد على التكفل بانشغالات “الفئات الاجتماعية الهشة وذوي الاحتياجات الخاصة”، التي أولت لها الحكومة في قانون المالية تحويلات مالية مهمة، رغم الضائقة المالية التي تمر بها البلاد.

تبون عقد أول لقاء له مع قائد الجيش الجنرال السعيد شنقريحة الأربعاء في أول نشاط للرجل منذ عودته

وذكرت برقية لوكالة الأنباء الرسمية أن “قانون المالية للعام 2021، يولي أهمية قصوى للمحافظة على كل أشكال الدعم العمومي من أجل ضمان القدرة الشرائية للفئات الهشة من المجتمع، وذلك في إطار السياسة الاجتماعية للدولة، على الرغم من الصعوبات المالية التي يشهدها البلد، بسبب تفشي فايروس كورونا المستجد وتهاوي أسعار البترول”.

وتشكل الوضعية الصحية في البلاد جراء تفشي وباء كورونا، أولوية مستعجلة بالنسبة إلى الرئيس تبون، الذي أمر حكومته منتصف الشهر الجاري في ظهوره المسجل على حسابه الشخصي في تويتر، بتوفير اللقاح والشروع في توزيعه خلال شهر يناير الداخل. وتم رصد مبلغ 150 مليون دولار لاقتنائه، إلا أن السلطات المختصة لم تعلن إلى حد الآن عن الممون، ولو أن اللقاح الروسي أو الصيني هو الأقرب لاقتنائه.

وبالموازاة مع التصديق المنتظر على الوثيقة الدستورية الجديدة ودخولها حيز التنفيذ، ستكون مراجعة قانون الانتخابات أول نتائج العملية، ولا يستبعد الإعلان عنها في غضون هذا الأسبوع من أجل طرحها للمناقشة والإثراء، تحسبا لصدور قرار حل المجالس المنتخبة، ودعوة الهيئة الناخبة إلى انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة، يرجح أن تكون خلال الثلاثي الأول من العام الجديد.

وكان تبون قد صرح في شهر سبتمبر الماضي أن “الهدف المتوخى من إعداد قانون انتخابات جديد وتنظيم انتخابات تشريعية ومحلية، يتمثل في تحديد مقاييس انتخابية شفافة، تقطع نهائيا مع ممارسات الماضي السلبية، بمنع المحاصصة في توزيع المقاعد وشراء الذمم والفصل بين المال والسياسة، كشروط لا بد منها لأخلقة الحياة السياسية، وضمان انتخابات تعبر حقا ودون منازع عن الإرادة الشعبية، وبذلك تنبثق عنها مؤسسات ديمقراطية نظيفة، ذات مستوى ومصداقية، مفتوحة للشباب لاسيما للجامعيين منهم، والمجتمع المدني”.

مساع لدفع عجلة الاقتصاد

ويرى متابعون للشأن الجزائري أن عودة الرئيس تبون إلى بلاده واستئناف مهامه، ستكون لها ارتدادات قوية على بعض الدوائر التي استغلت غيابه لطرح مسألة الشغور الرئاسي والذهاب إلى انتخابات رئاسية مبكرة، أو الإعلان عن مرحلة انتقالية في البلاد. ولذلك لا يستبعد هؤلاء إمكانية قيامه بحملة تطهير عميقة في بعض المؤسسات المهمة داخل الدولة، من أجل ضمان الانسجام بين هذه المؤسسات.

ويرجح أن تشهد حكومة رئيس الوزراء عبدالعزيز جراد تعديلا كبيرا في المدى القريب، بعد ظهور مواطن خلل في أداء العديد من الوزراء وبروز بوادر تمرد على سلطة القرار المركزي. وهي المسألة التي كانت مطروحة منذ الدخول الاجتماعي الأخير، إلا أن الوعكة الصحية التي ألمّت بالرئيس تبون عطلت التعديل الذي يستهدف التخلص من تركة التجاذبات السابقة وضخ دماء جديدة للاضطلاع الجدي بالملفات المطروحة في مختلف الجبهات.

وستكون الجبهة الدبلوماسية على رأس تلك الأولويات بعد تراجع مفاجئ للدور الجزائري في الملفات الإقليمية خلال الأشهر الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بالوضع في ليبيا ومالي. وهو ما يكون قد بادر إليه الأربعاء وزير الخارجية صبري بوقادوم، من خلال الاتصالات المنفردة التي أجراها مع نظيريه في كل من تونس وطرابلس، وهما عثمان الجرندي ومحمد طاهر سيالة.

وعلى الصعيد الاقتصادي ينتظر أن تسرّع عودة تبون من وتيرة الإصلاحات الاقتصادية التي تم الشروع فيها في مختلف القطاعات ضمن مخطط الانتعاش الاقتصادي 2020 – 2024، فضلا عن تنمية المناطق النائية والمهمشة، والتي هي من بين الأولويات في برنامجه الرئاسي والتعهدات التي قطعها للناخبين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: