منذ إيعاز الرئيس عبدالمجيد تبون في ظهوره المسجل إلى السلطات المختصة بمباشرة تعديل قانون الانتخابات، تحسبا لحل المجالس المنتخبة الحالية والذهاب إلى انتخابات برلمانية ومحلية في غضون الثلاثي الأول من العام الجديد، بدأت المياه الراكدة في الأحزاب السياسية تتحرك استعدادا للاستحقاق الذي يكون الأول من نوعه بعد احتجاجات العام 2019.
وسرّع حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم من وتيرة ترتيب البيت الداخلي، واستكمال هيكلة الحزب بما يتوافق مع توجهات القيادة الجديدة التي يديرها أبوالفضل بعجي، في خطوة توحي بدخول الحزب في الاستعداد لخوض غمار الانتخابات المبكرة.
ويواصل القيادي عبدالقادر قاسي جولاته المكوكية داخل الهيئات المحلية للحزب، من أجل ترتيب الأوراق واستعادة الاستقرار والشرعية المحلية لها، من أجل دخول الاستحقاق المنتظر بعيدا عن التجاذبات التي تميز الحزب في كل استحقاق انتخابي، بسبب الزحمة التي يعيشها من أجل الظفر بموقع متقدم في لوائح الترشيحات.
ورغم أن المسار الذي باشرته القيادة الجديدة لم يحظ بإجماع الفاعلين داخل الحزب، على اعتبار أن البعض منهم امتعضوا مما أسموه بـ”الاستراتيجية الجديدة لإقصاء المناوئين لأبوالفضل بعجي وأعضاء المكتب السياسي”، عبر بوابة إعادة الهيكلة المحلية، إلا أن أصداء من اجتماعات مفتوحة تشير إلى دخول القوة السياسية الأولى بالبلاد في مسار التحضير للانتخابات المبكرة.
وإذ يعتبر الأمر عاديا خاصة بالنسبة للأحزاب السياسية والمستقلين، فإن إيعاز الرئيس تبون للسلطة المختصة من أجل مراجعة قانون الانتخابات، لا يزال يلفه الكثير من الغموض، بسبب الجمود الذي يخيم على مصير ومستقبل القوى السياسية التي تنتظر الضوء الأخضر من وزارة الداخلية للدخول في مرحلة الشرعية.
رئيس حزب تيار السلام يهدد بالاستقالة من منصبه احتجاجا على عدم استعداد السلطة لتحقيق انفتاح سياسي
وكان “تيار السلام”، الذي استوفى شروط الاعتماد لدى وزارة الداخلية بحسب تصريحات رئيسه فؤاد بن غنيسة، قد عبر عن امتعاضه من “مماطلة وزارة الداخلية في الترخيص للحزب”، وهدد بالاستقالة من منصبه احتجاجا على عدم استعداد السلطة لتحقيق انفتاح سياسي حقيقي في البلاد، في إطار مشروع “الجزائر الجديدة”.
وتنتظر منذ سنوات عديدة الكثير من القوى والتشكيلات السياسية الحصول على ترخيص رسمي من وزارة الداخلية، للشروع في ممارسة نشاطها السياسي والمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية، إلا أنه ومنذ الحزمة التي تم اعتمادها العام 2012 من طرف سلطة بوتفليقة، تماشيا مع إفرازات مرحلة الربيع العربي، تم تجميد عملية الاعتماد إلى غاية الآن، مما يثير إشكالية حول خطاب الانفتاح السياسي الذي تردده السلطة.
وفي خطوة لتلافي هاجس المقاطعة الشعبية للاستحقاقات الانتخابية في البلاد، طالب رئيس حزب صوت الشعب لمين عصماني بـ”إجراء الانتخابات التشريعية والمحلية القادمة في يوم واحد، من أجل تحفيز المواطنين على المشاركة القوية في الاستحقاق، على اعتبار أن انتخابات المجالس البلدية لها طابع محلي يستقطب سكان البلديات والولايات”.
وأوضح المتحدث في اليوم الدراسي حول مقترحات تعديل القانون العضوي للانتخابات، أن “الانتخابات المحلية تشهد مشاركة قوية مقارنة بنظيرتها التشريعية، وإذا نظمتا في يوم واحد سنقلل من هذا العزوف ونساهم في رفع نسبة المشاركة، وإذا كانت هناك حاجة إلى عدم تنظيمهما في نفس اليوم فأقترح إجراء الانتخابات المحلية قبل التشريعية”.
واعتبر رئيس حزب صوت الشعب أن “الجزائر في حاجة إلى أخلقة العمل السياسي وتقويم التجارب السابقة من أجل استخلاص الدروس والعبر، وأن ذلك لن يتحقق إلا بسن قوانين ترافق العملية الانتخابية في القانون العضوي للانتخابات الذي ينتظر عرضه في الأيام القادمة”.