رفض المبعوث الجديد للصحراء يكرس عرقلة البوليساريو للحل السلمي

ماموني

يتداول ترشيح رئيس الوزراء ووزير الخارجية الروماني الأسبق، بيتري رومان، ليشغل منصب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، حيث يعمل أنطونيو غوتيريش لإنهاء فراغ المنصب الذي استمر منذ مايو من العام 2019 بعد استقالة المبعوث السابق الألماني هورست كوهلر لدواع صحية.

وتم طرح اسم رومان على طاولة الأمين العام بالتزامن مع الزخم الكبير الذي تعرفه قضية الصحراء المغربية، وذلك لكونه دبلوماسيًا محنكا ورجل دولة، وأكثر من ذلك فإنه يعرف حقائق المنطقة ومطلع على حيثيات ملف الصحراء.

وسبق للناطق الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، أن وضح بأن “مسلسل اختيار المبعوث الشخصي إلى الصحراء أمر جار وأن الأمين العام سيعين المعبوث الشخصي بمجرد انتهاء هذا المسلسل”.

رضا الفلاح: التعيين الجديد سيكون إيجابيا على إحياء مسار التسوية السياسية

وترفض جبهة البوليساريو بشكل قاطع تسمية بتري رومان مبعوثا شخصيا للأمين العام للأمم المتحدة للملف، وذلك نسبة لمشاركته في نسختي 2015 و2018 من منتدى كرانس مونتانا في مدينة الداخلة، وهو ما تدعيه جبهة البوليساريو تحيزا للمملكة المغربية.

وتتهم الجزائر والبوليساريو رومان كونه غير محايد رغم أنه يحمل رأيا خاصا يتناغم مع موقف الأمم المتحدة في قضية الصحراء المغربية، والخاص بفرض الحكم الذاتي بدلًا عن استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي الذي لم تعد الأمم المتحدة تعيره أي اهتمام في قرارات مجلس الأمن.

وأكد رضا الفلاح، أستاذ القانون الدولي، أنه في الوقت الذي يتقوى الاعتراف الدولي بسيادة المغرب على أقاليمه الصحراوية، تبرز ملامح الحل السياسي والعادل تحت ريادة الأمم المتحدة.ويُجمع المجتمع الدولي وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي الأخير 2548 على وجوب تعيين مبعوث أممي جديد لإحياء العملية السياسية.

وأوضح الفلاح، في تصريح لـه، أن تعيين المبعوث الخاص الجديد سيكون له وقع إيجابي على إحياء مسار التسوية السياسية وسيضع مرة أخرى على المحك جدية وإرادة الجزائر والبوليساريو في التوصل إلى حل نهائي وواقعي ومتوافق بشأنه لهذا النزاع المفتعل.

ولا تخرج تقديرات أصحاب القرار والشؤون السياسية بالأمم المتحدة بالنسبة إلى الصحراء عن الرؤية المتقدمة للدبلوماسي الروماني، حيث صرح قبل سنتين أن مدينة الداخلة تمثل معجزة في القارة الأفريقية، وهي قصة نجاح ملحوظة، قائلا “الآن نرى كيف أن هذه المنطقة وتحديدًا الداخلة، يمكنها أن تتطور بشكل شامل، ونعلم أن أفريقيا حاليا محتاجة لمثل هذه النماذج من النجاح، هي الآن حالة فردية لكن يمكننا أن نرى هذه المعجزات تتكرر في أماكن أخرى”.

وقالت مصادر دبلوماسية إن اقتراح رومان، يأتي كترجمة لمفاصل الحل الذي تتبناه الأمم المتحدة والدفع باتجاه مباحثات تخرج الملف من قاعة انتظار دامت أكثر من سنة بعد صعوبات سياسية في إيجاد مبعوث يخلف هورست كولر. وأوضحت ذات المصادر، أن اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالصحراء المغربية سيغير الكثير من قواعد اللعبة ومنها طريقة اختيار المبعوث الأممي للصحراء، خصوصا وأن الجزائر تخاف من أي تحولات في منطق تعاطي بعض الدول الأوروبية كإسبانيا ودول شمال أوروبا كالسويد مع ملف الصحراء بتأييد رؤية المبعوث الأممي الجديد.

اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالصحراء المغربية سيغير الكثير من قواعد اللعبة ومنها طريقة اختيار المبعوث الأممي للصحراء

ومن البديهي، حسب الفلاح، أن أي اعتراض للبوليساريو والجزائر على تعيين مبعوث أممي جديد يكرس الوهن المزمن الذي يعتري الموقف الانفصالي ويبصم على اهتزاز طرحهما الراديكالي وغير الواقعي.

وتعمل الجزائر على إقناع كل من روسيا والصين وجنوب أفريقيا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا، حتى لا يتم تنصيب وزير الخارجية الروماني الأسبق مبعوثا أمميا للصحراء المغربية، ويقول مراقبون إن الدول الكبرى في مجلس الأمن لها حساباتها الجيوسياسية التي لا تتقاطع بالضرورة مع أمنيات الجزائر.

وتعيش الجزائر على وقع الضربة الجديدة التي تلقتها داخل اجتماع مجلس الأمن مؤخرا بعدما لم يتم إدانة اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بالصحراء المغربية، وهو ما سيذهب بالملف إلى مستويات أخرى من النقاش مدعوما بسياسة أميركية جديدة حول الملف.

ولا يخدم الواقع الميداني ما تذهب إليه البوليساريو والجزائر حيث إن جل الدول تتعاطى بواقعية مع المغرب ومقترحه في إيجاد حل سياسي عادل وهو ما سيكون ضمن دائرة تحرك المبعوث الأممي الجديد، خصوصا بعد تدخل الجيش المغربي لتحرير معبر الكركرات بطريقة مهنية وباحترام المواثيق الدولية.

ونجح المبعوث الأممي السابق في جمع كل من المغرب والجزائر وموريتانيا و”جبهة البوليساريو” على طاولة مباحثات في سويسرا في ديسمبر 2018، وفي مارس 2019. ويتوقع أن يبدأ المبعوث الجديد من حيث انتهى سلفه مع الأخذ بعين الاعتبار المتغيرات التي نتجت في الآونة الأخيرة وأهمها سيطرة القوات المغربية على معبر الكركرات واعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه.

ويأتي الحديث عن استمرار العملية السياسية بمجرد تنصيب مبعوث جديد للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء، ووفقًا لستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، فإن غوتيريش “يظل ملتزماً” ببذل قصارى جهده لتجنب انهيار وقف إطلاق النار لعام 1991، وهو مصمم على “بذل كل ما في وسعه لإزالة جميع العقبات التي تحول دون استئناف العملية السياسية” خصوصا بعدما أعلنت البوليساريو الشهر الماضي عن تحللها من اتفاق وقف إطلاق النار.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: