التطبيع مع إسرائيل يُربك إخوان المغرب

حنان الفاتحي

مع توقيع المغرب، مساء الثلاثاء، لإعلان التعاون المشترك مع الولايات المتحدة وإسرائيل، يجد حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين، نفسه في مأزق حقيقي بين استرضاء الدولة أو التنظيم.

ويقود حزب العدالة والتنمية الإسلامي الائتلاف الحكومي في المغرب ما جعله يعيش ارتباكا حقيقيا بدا واضحا من خلال تصريحات أعضائه والمسؤولين الذين يتقلدون مناصب في الحكومة منذ إعلان الرباط عزمها استئناف العلاقات مع تل أبيب.

ويبدو أن هذه المستجدات ستجعل الحزب يدفع ثمنا باهظا في الانتخابات البرلمانية والمحلية المقبلة التي من المتوقع أن تجري العام القادم وذلك في ظل الانتقادات اللاذعة التي يواجهها الحزب، لاسيما أن بعض قياداته من الذين يتقلدون مناصب حكومية أطلقوا تصريحات لا تتماشى والخط الدبلوماسي الذي تنتهجه الدولة في محاولة لعدم إغضاب أنصارهم.

وأعلن المغرب في العاشر من ديسمبر الجاري اعتزامه استئناف الاتصالات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل “في أقرب الآجال” وذلك خلال اتصال هاتفي أجراه العاهل المغربي الملك محمد السادس، مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب لتعقبه بعد ذلك رحلة تجارية جرت الثلاثاء وقادها وفد أميركي – إسرائيلي من تل أبيب إلى الرباط.

وبين المغرب وإسرائيل نحو 6 عقود من التعاون. أما رسميا، فبدأت العلاقات بينهما عام 1994 على مستوى منخفض عبر فتح مكاتب للاتصال بالبلدين، ثم جمدتها الرباط عام 2000، إثر اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

وأظهرت المواقف داخل حزب العدالة والتنمية وأذرعه ارتباكا واضحا، فبينما تجنب الحزب إعلان موقف صريح مباشر حيال التطبيع، أعلنت كل من شبيبة الحزب (منظمة لشباب الحزب) وحركة “التوحيد والإصلاح”، الذراع الدعوية للحزب، رفضهما لتلك الخطوة.

وبعد يومين من إعلان الرباط بشأن استئناف العلاقات مع إسرائيل، أصدر الحزب بيانا اتسم بالتناقض، حيث حاول الثناء على القرار الذي اتخذه الملك محمد السادس، لكنه أشار في نفس الوقت إلى وقوفه “ضد الاحتلال الصهيوني ومحاولاته تطبيع علاقاته واختراق المجتمعات الإسلامية”.

وقال إن “مواقف الحزب ثابتة بخصوص الاحتلال الصهيوني وما يقترفه ضد الشعب الفلسطيني من جرائم تقتيل وتشريد وعدوان على المقدسات”.

المواقف داخل حزب العدالة والتنمية وأذرعه أظهرت ارتباكا واضحا، فبينما تجنب الحزب إعلان موقف صريح مباشر حيال التطبيع

وبينما كانت الرباط توقع على الإعلان المشترك مع تل أبيب وواشنطن، خرج القيادي في العدالة والتنمية، عبدالعزيز أفتاتي، ليقول إنه “لا داعي لاستباق المجريات، نحن اليوم في وضعية ملتبسة ومطلوب تجليتها في اتجاه تثبيت الموقف العام للمغاربة الرافض لأي تطبيع أو اختراق”.

وأضاف أفتاتي “موقف الحزب مؤطر بهذا الموقف الثابت للمغاربة، والذي يدور حول رفض الكيان الصهيوني ورفض أي تطبيع معه”.

وتابع “وفي المقابل، الاستمرار في إسناد المقاومة الفلسطينية حتى تحصل على المراد في التحرير وإنهاء الاحتلال الصهيوني وعودة اللاجئين وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس”.

وكان رئيس الحكومة الذي يتولى الأمانة العامة للعدالة والتنمية، سعدالدين العثماني، قد أظهر بدوره تناقضا في موقفه، حيث أشار في وقت سابق إلى أن التطبيع مع إسرائيل كان “قرارا صعبا، لذلك تأخر”.

وقال العثماني “لا نريد أن تكون هناك مقايضة بقضية الصحراء، لكن، الانتصار في هذه المعركة اقتضى للضرورة أن يتزامن مع الانفتاح على الآخر”، في إشارة إلى إسرائيل.

ويواجه الحزب انتقادات خارجية لاذعة خاصة بعد خروج بعض المسؤولين المنضوين تحت لوائه على غرار وزير الشغل، محمد أمكراز، لرفض التطبيع ليُعاكس بذلك جهود الدولة.

وقال رشيد لزرق، الأكاديمي المغربي، إن “العدالة والتنمية يحاول أن يتعامل بروح براغماتية ما بين معادلة البقاء في السلطة والمحافظة على الكتلة الانتخابية”.

وأضاف لزرق أن “الحزب يعرف جدلا كبيرا حيال خطوة البلاد نحو إسرائيل، سواء تعلق الأمر بالقياديين أو عبر البيانات والمواقف الصادرة عن حركة التوحيد والإصلاح”.

وانتقد مواقف الحزب التي “تتعارض مع مصالح الوطن”، وهو ما يطرح تساؤلا عن “التزام الحزب ومؤسساته بالوضوح حيال ملفات، بينها استئناف العلاقات مع إسرائيل”.

ورأى لزرق أن “الحزب يبرر كل شيء ويدعي المظلومية، فضلا عن صراع داخله بين جناح العثماني الذي يتسم بالبراغماتية، وجناح عبدالإله بن كيران (الأمين العام ورئيس الحكومة السابق)، الذي يعتمد على المزايدة السياسية”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: