يعقد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الاثنين اجتماع أزمة بشأن إمدادات المملكة المتحدة بعد قرار العديد من الدول بما فيها فرنسا، تعليق الرحلات بسبب السلالة الجديدة من فايروس كورونا المستجد، حيث هدد حظر السفر الأوروبي التدفق المستمر للشحن.
ويتصارع رئيس الوزراء البريطاني ليس فقط مع الوباء الذي وصفه وزير الصحة مات هانكوك الأحد بأنه “خارج عن السيطرة” في أجزاء من إنجلترا، ولكن أيضا مع التهديد الجديد لكيفية تأثير الحظر الفرنسي على الشحن إلى بريطانيا على خطوط الإمداد غير المستقرة بالفعل للسلع الأساسية.
وكان من المتوقع أن تصطف طوابير طويلة من الشاحنات وفوضى السفر عبر كينت، صباح الاثنين، بعد قرار الفرنسيين فرض قيود على التجارة بالإضافة إلى حظر حركة الركاب بما يتماشى مع الدول الأوروبية الأخرى.
وتوقفت حركة الشاحنات والتوريدات للبلاد مما جعل الأزمة أكبر من مجرد مرض، حيث منع مرور الشاحنات من بريطانيا إلى أوروبا، في وقت ازدحم فيه عشرات الآلاف من السائقين الأوروبيين الذين لا يستطيعون العودة من بريطانيا بشاحناتهم الفارغة لتحميل الشحنات.
وأعلن ميناء دوفر (جنوب شرق) المرفأ البريطاني الرئيسي على بحر المانش إغلاق حركة المرور الصادرة “حتى إشعار آخر”. ويقول اتحاد النقل البري البريطاني إن نحو عشرة آلاف آلية شحن تمر يوميا عبر هذا المرفأ.
وحذر عمال النقل وصناعة الأغذية والمشروبات من إمكانية أن يكون لهذا الشلل التام تأثير “مدمر” على الإمدادات خلال فترة العطلة.
ومن المحتمل أن تكون لإغلاق فرنسا الطرق الحدودية تداعيات خطيرة على التجارة في المملكة المتحدة، والتي شهدت في الأيام الأخيرة مرور حوالي ألف شاحنة عبر ميناء دوفر كل 24 ساعة.
ويتكون جزء كبير من التجارة التي تمر عبر موانئ القنال من سلع قابلة للتلف وتحتاج إلى الوصول إلى وجهتها بسرعة.
وجاء هذا الإغلاق في وقت سيء خصوصا لأن الموانئ البريطانية تشهد حاليا حركة مرور كبيرة تتسبب في بعض الأحيان في حدوث تأخير واختناقات مرورية على الطرق المؤدية إليها، مع قيام العديد من الشركات بالتخزين استعدادا لخروج المملكة المتحدة من السوق الأوروبية الموحدة مساء 31 ديسمبر.
وقبل عشرة أيام من هذا الموعد النهائي لم تنجح مفاوضات التجارة بين لندن والمفوضية الأوروبية في التوصل إلى اتفاق. وفي حال فشلها، يثير فرض حصص ورسوم جمركية مخاوف كبيرة من فوضى في إمدادات البلاد.
وسيستأنف الجانبان المحادثات في بروكسل الاثنين على الرغم من النتيجة غير الحاسمة الليلة الماضية مما يعني أن بريطانيا يمكن أن تبدأ عام 2021 دون أي اتفاق، حيث أكد البرلمان الأوروبي أنه لن يصوت على أي اتفاق يتم التوصل إليه بعد الموعد النهائي الأحد.
وتظل المشكلة الرئيسية تتمثل في تهديد الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم جمركية على البضائع البريطانية إذا منعت حكومة المملكة المتحدة الوصول إلى مياه الصيد.
وقال وزير النقل البريطاني غرانت شابس في تغريدة على تويتر “نتوقع اضطرابات كبيرة في المنطقة”، مؤكدا أنه يعمل على اتخاذ “إجراءات طارئة” لتقليل تأثير ذلك.
وأثار اعتراف جونسون بأن إجراءات الإغلاق الأخيرة قد تستمر لأشهر، انتقادات جديدة من حزب العمال وحزب رئيس الوزراء نفسه حول كيفية التعامل مع الأزمة، ولاسيما انعطاف السبت “الفظيع للغاية” في تجمعات عيد الميلاد.
وعلقت الصحافة البريطانية على الوضع العام بالبلاد بوصفه بـ”الرجل المريض” مستذكرة بذلك ما كان يطلق على الدولة العثمانية أيام احتضارها.
ولا يزال العلماء يحققون في السلالة الجديدة من الفايروس، الذي يعتبر أكثر قدرة على العدوى بنسبة 70 في المئة، على الرغم من أنه من المأمول أن تستمر اللقاحات المطورة حديثا في توفير الحماية.
ودفعت السلالة الجديدة من كورونا الحكومة البريطانية إلى إعادة فرض قيود على 16 مليون نسمة في لندن وجنوب شرق إنجلترا بسرعة الأحد.
وقال وزير الصحة مات هانكوك للتلفزيون البريطاني إن الفايروس “خارج عن السيطرة” في المملكة المتحدة حيث تسبب في زيادة الإصابات ودخول المستشفيات.
وأضاف “سيكون من الصعب للغاية إبقاؤه تحت السيطرة حتى يتم تعميم لقاح”، ملمحا إلى أن القيود قد تستمر “شهرين” على الأقل.
وبريطانيا واحدة من أكثر الدول تضررا في أوروبا، إذ أودى وباء كوفيد – 19 فيها بحياة أكثر من 67 ألف شخص، بينما سجل يوم الأحد وحده رقما قياسيا في عدد الإصابات بلغ 36 ألفا.
ومع تأكيد دعمه للقيود، اتهم زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر بوريس جونسون بـ”الإهمال الجسيم” لتأخره في التحرك وتجاهله المؤشرات المقلقة “لأسابيع”.
وكان رئيس الوزراء المحافظ صرح الأربعاء بأن إلغاء عيد الميلاد سيكون “غير إنساني”.
وتبذل دول القارة العجوز، التي أصبحت المنطقة الأكثر تضررا بوفاة أكثر من 500 ألف شخص بكوفيد – 19 فيها منذ ظهور الوباء قبل عام، جهودا شاقة للحد من انتشار فايروس كورونا خاصة مع قرب أعياد الميلاد ورأس السنة، وعززت دول عديدة إجراءاتها لاحتواء الموجة الثالثة من انتشار الفايروس.
ومن المفترض أن تحزم وكالة الأدوية الأوروبية قرارها حول لقاحات فايروس كورونا المستجد بحلول نهاية شهر ديسمبر الجاري.
وحذرت الحكومة البريطانية منظمة الصحة العالمية من قدرة السلالة الجديدة على زيادة سرعة انتشار الفايروس، كما أوضحت أنها أصابت 60 في المئة من الحالات الموجودة في لندن.
وتمكن العلماء من اكتشاف الآلاف من الطفرات المختلفة في عينات الفايروس المسببة لمرض كوفيد – 19، لكن رغم اختلافها، لم تثبت هذه التغيرات أي تأثير على سرعة انتقال العدوى، أو مدى خطورة الأعراض.
ودعت منظمة الصحية العالمية أعضاءها خاصة في أوروبا، التي تشهد انتشارا واسعا للفايروس، إلى “تعزيز قيودهم وتوسيع قدراتهم على تحديد ماهية السلالة الجديدة”، على خلفية انتشارها في المملكة المتحدة، فيما جرى تسجيل بضع حالات إصابة مماثلة خارج الأراضي البريطانية، بينها تسع في الدنمارك وحالة في كل من هولندا وأستراليا وإيطاليا.