أثار ظهور سلالة جديدة من فايروس كورونا في المملكة المتحدة، يقول خبراء إنها خطيرة ومعدية أكثر من السلالات الأخرى، قلق علماء الأوبئة، وحالة هلع عالمية دفعت العديد من الدول إلى تعليق الرحلات الجوية القادمة من الأراضي البريطانية الأحد.
وحذرت الحكومة البريطانية منظمة الصحة العالمية من قدرة السلالة الجديدة على زيادة سرعة انتشار الفايروس، كما أوضحت أنها أصابت 60 في المئة من الحالات الموجودة في لندن.
وتمكن العلماء من اكتشاف آلاف الطفرات المختلفة في عينات الفايروس المسببة لمرض (كوفيد-19)، لكن رغم اختلافها، لم تثبت هذه التغيرات أي تأثير على سرعة انتقال العدوى، أو مدى خطورة الأعراض.
ودعت منظمة الصحية العالمية أعضاءها خاصة في أوروبا، التي تشهد انتشارا واسعا للفايروس، إلى “تعزيز قيودهم وتوسيع قدراتهم على تحديد ماهية السلالة الجديدة”، على خلفية انتشارها في المملكة المتحدة، فيما جرى تسجيل بضع حالات إصابة مماثلة خارج الأراضي البريطانية، بينها تسع في الدنمارك وحالة في كل من هولندا وأستراليا.
وقررت دول أوروبية الأحد تعليق الرحلات الآتية من المملكة المتحدة بعد اكتشاف هذه السلالة “الخارجة عن السيطرة”.
وأعلن وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، تعليق بلاده، التي سجّلت أعلى معدلات انتشار الوباء في أوروبا، الرحلات الجوية مع المملكة المتحدة.
وكتب دي مايو على حسابه في فيسبوك “أطلقت المملكة المتحدة تحذيرا يتعلق بشكل جديد من كوفيد هو نتيجة تحوّل للفايروس. ونحن كحكومة، من واجبنا حماية الإيطاليين ولذلك سنوقع، مع وزير الصحة، مرسوما يقضي بتعليق الرحلات مع بريطانيا”، لكن لم يحدد موعد بدء تنفيذ هذا الإجراء.
وقال إن هذه السلالة الجديدة من فايروس كورونا قد تكون معدية بنسبة تصل إلى 70 في المئة أكثر من السلالات الأخرى التي رصدت حتى الآن.
ووفقا لقناة “سكاي تي.جي – 24″ الإخبارية، فقد حظرت بالفعل عمليات الصعود إلى الطائرات المتجهة إلى المملكة المتحدة من فيوميتشينو، المطار الرئيسي في روما.
وتأتي هذه الخطوة المفاجئة في اليوم التالي لإعلان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون عن إعادة إغلاق لندن وجنوب شرق إنجلترا وجزء من شرقها، بعد اكتشاف سلالة جديدة من كوفيد – 19 في هذه المناطق.
وأعلنت بلجيكا أيضا أنها ستغلق حدودها أمام القطارات والطائرات القادمة من المملكة المتحدة. كما علقت هولندا الرحلات الجوية، فيما طلبت إسبانيا الأحد من بروكسل ردا “منسقا” للاتحاد الأوروبي في شأن تعليق الرحلات الآتية من المملكة المتحدة بعد اكتشاف السلالة الجديدة من فايروس كورونا.
وقالت الحكومة الإسبانية في بيان إن “الهدف يكمن في حماية حقوق المواطنين الأوروبيين عبر التنسيق وتجنب اتخاذ إجراءات أحادية”.
من جهتها، أعلنت ألمانيا أنها تدرس فرض قيود على الرحلات الجوية من المملكة المتحدة وجنوب أفريقيا، التي اكتشفت أيضا سلالة جديدة من فايروس كورونا، كما تعتزم النمسا أيضا حظر الرحلات الجوية من بريطانيا.
وتبذل دول القارة العجوز، التي أصبحت المنطقة الأكثر تضررا بوفاة أكثر من 500 ألف شخص بكوفيد – 19 فيها منذ ظهور الوباء قبل عام، جهودا شاقة للحد من انتشار فايروس كورونا خاصة مع قرب أعياد الميلاد ورأس السنة، وعززت دول عديدة إجراءاتها لاحتواء الموجة الثالثة من انتشار الفايروس.
ومن المفترض أن تحزم وكالة الأدوية الأوروبية قرارها حول لقاحات فايروس كورونا المستجد بحلول نهاية شهر ديسمبر الجاري.
وسارعت دول عربية أيضا إلى تعليق الرحلات القادمة من المملكة المتحدة، إذ أعلنت الكويت، الأحد، الامتناع عن استقبال الرحلات الجوية القادمة من بريطانيا.
وقالت السلطات الكويتية إنه “بناء على تعليمات السلطات الصحية تم إضافة المملكة المتحدة إلى الدول عالية الخطورة المحظور الطيران القادم منها إلى الكويت”، دون الإشارة لمدة الحظر.
وتحدثت منظمة الصحة العالمية عن “مؤشرات أولية تفيد بأن عدوى السلالة قد تكون أكبر”، فضلا عن أنها “قد تؤثر في فاعلية بعض أساليب التشخيص”، موضحة أن “لا دليل على تبدل في خطورة المرض” رغم أن هذا الموضوع لا يزال موضع أبحاث.
وقالت متحدثة باسم فرع المنظمة في أوروبا إن المنظمة ستدلي بالمزيد من المعلومات “حين تكون لديها رؤية أكثر وضوحا عن صفات هذه السلالة”.
وقالت المنظمة أيضا “في أنحاء أوروبا، حيث تنتقل العدوى بشدة وعلى نطاق واسع، يتعيّن على الدول مضاعفة قيودها وإجراءاتها الوقائية”.
وعلى الصعيد العالمي، وبعد أن أدى الوباء إلى وفاة 1.67 مليون شخص في العالم، أوصت المنظمة “كل الدول بتعزيز قدراتها على تحديد سلالات فايروس سارس – كوف – 2 حين يكون ذلك ممكنا وتقاسم المعلومات على الصعيد الدولي، وخصوصا إذا تم تحديد الطفرات الإشكالية نفسها”.
وإضافة إلى الدول التي رصدت على أراضيها السلالة التي مصدرها المملكة المتحدة، “أبلغت دول عدة أخرى منظمة الصحة العالمية بوجود سلالات أخرى تتضمن بعض التغييرات الجينية للسلالة البريطانية”، وخصوصا طفرة تعرف باسم “أن 501 واي”.
ورأت جنوب أفريقيا التي رصدت بدورها سلالة جديدة الجمعة، أن الطفرة المذكورة تشكل مصدرا لعدوى واسعة النطاق.
وأكدت منظمة الصحة العالمية أن الدول “تجري أبحاثا إضافية من أجل فهم أفضل للعلاقة”، فيما دعت أعضاءها في الاتحاد الأوروبي إلى ضرورة “مضاعفة قيودها” مع ظهور هذه السلالة.
وحتى مساء الأحد، تجاوزت الإصابات عالميا 76 مليونا و771 ألفا، توفي منهم مليون و694 ألفا و659، وتعافى 53 مليونا و887 ألفا و513، حسب موقع “وورلد وميتر”.