العالم ولحظة الحقيقة.. ما يُعرف وما لا يُعرف عن لقاح كورونا

حنان الفاتحي

بدأت حملة الإنقاذ العالمية التي طال انتظارها للتصدي لفايروس كورونا المستجد، تقترب على الأقل بالنسبة إلى البعض من الناس مع بدءدول في استخدم لقاحات كوفيد – 19، ولأن نتائج الدراسات خلال المراحل النهائية من التجارب أظهرت أنها آمنة وفعالة، فإن التحدي المهمهو معرفة الحقائق حول فوائد أخذ هذا اللقاح لاسيما وأن ثمة فئة تتردد في استخدامه.

بروكسل باشرت دول مثل بريطانيا وروسيا وكندا والبحرين والولايات المتحدة المصادقة على استخدام اللقاح الذي أعلنت عنه شركة الأدويةالعالمية فايزربيونتيك للتصدي لفايروس كورونا المستجد وبدأت بتطعيم مواطنيها.

في هذه الأثناء، أعلنت شركات أدوية عالمية أخرى عن توصلها إلى اكتشاف لقاح فعّال مثل شركة موديرنا الأميركية التي تعتزم طرح لقاحهافي مراكز الاستعمال نهاية هذا الشهر بعد أن تتم المصادقة عليه من قبل السلطات الصحيّة الأميركية.

وبعد أن بدأت روسيا في استخدام لقاحهاسبوتنيك في، ظهرت قائمة من اللقاحات في طريقها للوصول إلى الساحة الدولية إثر انتهاءالمراحل الأخيرة من التجارب السريريّة وتنتجها شركة جونسون وجونسون ببلجيكا وشركة أسترازينيكا البريطانية ولقاحهاأكسفوردولقاحسينوفاكالصيني وغيرها.

ونظرا لأن لقاح كوفيد – 19 يستخدم لأول مرة، فإن الكثير من الأسئلة ما زالت الإجابة عنها غير متاحة، حيث يتطلب استعماله فترات أطولللتوصل إلى معرفة الحقيقة، ومن بينها؛ ما هي الآثار الجانبية المحتملة على المدى البعيد؟ وما هي فترة الحصانة ضد الفايروس التييكتسبها الجسم بعد التطعيم؟ وهل المُطعّم يمكنه نقل الفايروس إلى غيره؟ وهل يمكن تطعيم النساء الحوامل؟ وما هو العمر الأدنىللأشخاص الذين يجب تطعيمهم؟ وغيرها.

نجاعة اللقاح عالية

معظم اللقاحات التي تم تبينها حتى اليوم لها كفاءة كبيرة في صد الفايروس، حيث تصل فعالية اللقاح إلى 95 في المئة، وهي نسبة كبيرةإذا قورنت مع اللقاحات الأخرى المستخدمة ضد الفايروسات المسببة للإنفلونزا الموسمية.

أما في ما يتعلق بالآثار الجانبية التي قد تحصل جراء التطعيم، فتتراوح بين غير محسوسة وخفيفة ومتوسطة تتجلى في ألم وورم واحمرار أوتخرش في منطقة الحقن مع ألم في الذراع، إضافة إلى حمى وصداع وشعور بالتعب ووجع في العضلات مع ضيق في التنفس والسعالوفي بعض الأحيان إسهال وتقيؤ.

هذه الأعراض تختلف شدتها من شخص إلى آخر ومن لقاح إلى آخر، حيث تشبه إلى حد ما الأعراض التي تحصل عند الإصابة الحقيقيةبالفايروس، لكنها لا تدوم لفترة تزيد عن يومين، ولا تكون خطيرة في كل الأحوال، وقد تكون أكثر وضوحا بعد حقن اللقاح في المرة الثانية.

وتصل نسبة الأشخاص الذين تبدو عليهم آثار جانبية خفيفة للقاح إلى 78 في المئة من المطعمين، وتعد دلالة صحيّة كونها تعكس استجابةالجسم للقاح، كما أن الآثار الجانبية ليس بالضرورة أن تحصل جميعها.

وتظهر غالبية الأعراض الجانبية بعد التطعيم خلال الأيام الأولى، ولكن هناك أعراض أخرى قد تظهر خلال فترة الأربعين يوما الأولى بعدالتطعيم، حيث تشكل نسبة الآثار الجانبية، عموما، في هذه الفترة أكثر من 90 في المئة من الآثار الجانبية الكلية (المنظورة وبعيدة الأجل) لأي لقاح تم استعماله من قبل.

ومن متطلبات لقاح كوفيد – 19، كي يكون فعالا، حقنه مرتين في الذراع، تفصل بين الحقنة والأخرى فترة ثلاثة إلى أربعة أسابيع حسبنوعية اللقاح، كي يصبح اللقاح في أوج كفاءته وفعاليته.

أما الآثار الجانبية على المدى البعيد والتي تشكل أقل من 10 في المئة فهي غير معروفة لأن اللقاح حديث الاستعمال، ومهما يكن من أمر فإنالآثارالخطيرةتكون نادرة الحدوث عادة كما هو الحال في اللقاحات المعروفة والمستخدمة سابقا، حيث تتراوح نسبتها بحالة خطيرة واحدةمن كل 250 ألف تطعيم أو أكثر من ذلك.

وأهم ما يمكن أن يحصل من مخاطر جسيمة نادرة الحدوث جراء اللقاحات بشكل عام وعلى المدى البعيد هو ظاهرة التقليد الجزيئي، حيث أنهناك جزيئات صغيرة في اللقاحات قد تتشابه في تركيبتها مع أنسجة موجودة في الدماغ والحبل الشوكي أو أنسجة أعضاء الجسمالداخلية كالكبد، وهذا التشابه يوهم المضادات الجسمية بأن التراكيب هي فايروسات فتحاول إتلافها.

أما الآراء التي تعتقد بأن مرسال الحمض النووي الريبوزي الموجود في اللقاح سيتضارب مع المادة الوراثية المعروفة بـدي.أن.إيالموجودةفي أنوية خلايا الجسم فهذا غير صحيح.

ولن تحصل الحصانة ضد الإصابة بالفايروس بعد التطعيم مباشرة وإنما تكون متكاملة وآمنة بعد مرور أسبوع تقريبا على التطعيم الثاني،كما أن التطعيم قد لا يمنع نهائيا الإصابة بالمرض عند البعض رغم أنه يحمي الشخص من الإصابة بشكل عام، ومهما يكن وحتى لو حصلتالإصابة رغم التطعيم فسوف تكون خفيفة وغير مؤثرة.

تطعيم الناس لن يكون سريعا بل على مراحل، وذلك لأسباب تقنية تتعلق بالإنتاج والتصدير والحفظ والتوزيع والاستخدام، حيث تستهدفالخطوة الأولى العاملين في قطاع الرعاية الصحية، الذين هم على تماس مباشر بالمرضى، ثم على المستشفيات ودور العجزة بسكانهاوالمشتغلين فيها.

وسيأتي دور الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل مرضى السرطان والسكري ومرضى القلب والجهاز التنفسي والمصابونبالسمنة وغيرهم من الذين تكون إصاباتهم شديدة ككبار السن الذين تتجاوز أعمارهم الـ65 عاما، ثم العاملين الذين هم على تواصل مستمرمع الناس مثل أجهزة الأمن والمدرسين.

ولاحقا، يطرح اللقاح أمام الجميع من الذين تتجاوز أعمارهم الـ18، ولكن يبقى العمر الأدنى للتلقيح محل نقاش وبحث بين المختصين، حيثتتضارب الآراء، لكن قسما منهم يرى تخفيض عمر التلقيح إلى حد 14 عاما.

ورغم فائدة التطعيم في شل حركة الوباء المدمرة للصحة والاقتصاد والمجتمع، فمن غير المحتمل أن يكون التطعيم إجباريا، وربما يكون كذلكفي بعض مؤسسات السفر أو المؤسسات التي يزدحم فيها الناس.

وبما أن البحوث لم تحصل بعد على أجوبة صريحة ومؤكدة عن إمكانية تطعيم الحوامل، فستبقى هذه الفئة بدون لقاح في الوقت الحاضرحتى وصول معلومات كافية بعد الدراسات.

كما يستثنى تطعيم من هم دون الـ16 عاما ومن لهم تاريخ تحسسي ضد اللقاحات أو أولئك الذين لديهم حساسيّة قوية الدرجة سواء أكانتضد بعض الأدوية أو ضد بعض أنواع المأكولات أو الحوافظ أو غيرها.

وثمة شق من الأطباء يرى أنه من الأفضل عدم إعطاء اللقاح لأولئك الذين لديهم خلل ونقص في المناعة لسبب أو لآخر، كهؤلاء الذينيستخدمون أدوية مضعفة للمناعة أو المصابون بأمراض تحبط المناعة.

ولا تُعرف بعد المدة القصوى والدنيا للحصانة التي سيتمتع بها الشخص المطعم ضد الفايروس، فالزمن وحده كفيل بالإجابة عن هذا السؤال،فلو فرضنا جدلا أن فترة الحصانة بعد التطعيم تكون منتهية خلال بضعة أشهر، فسيتحتم إعادة التطعيم بانتهاء فترة الحصانة.

ولكن الأشخاص الذين اكتسبوا مناعة طبيعية نتيجة إصابة مباشرة بالفايروس فلن تبقى لفترة طويلة وإنما تنتهي بعد فترة تتراوح بين 4 إلى6 أشهر بعد الإصابة، ما يعني أن المصابين سابقا عليهم أن يطعموا أنفسهم لأنهم معرضون للإصابة مرة ثانية بعد زوال مناعتهم الطبيعيةمع الوقت.

السؤال الذي يطرح نفسه كمحصلة عامة لهذه المعلومات، هل نتطعّم بهذه اللقاحات المعلنة والموثوقة حينما تصل إلى بلداننا؟ الجواب وبكلإصرار: نعم، لأن المعادلة واضحة والمقارنة جليّة، إذ أن تأثيرات الوباء السلبية على الأفراد وعلى المجتمع من الناحية الصحية والنفسيةوالاقتصادية والاجتماعية، أكبر بكثير من أي أثر جانبي سلبي محتمل لهذه اللقاحات.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: