السلطات الاسبانية منشغلة بإعادة فتح الحدود مع المغرب وخبراء يزعجهم وصف سبتة ومليلية بالمدينتين المحتلتين

حنان الفاتحي

تسعى الحكومة الإسبانية إلى طرح موضوع إعادة فتح الحدود مع المغرب على مستويي سبتة ومليلية، بحكم تضرر الاقتصاد المحلي في هاتين المدينتين، وفق ما ذكر مصدر إعلامي محلي إسباني. في الوقت نفسه، تنشغل الأوساط السياسية والإعلامية والأكاديمية في إسبانيا بالوضع السياسي للمدينتين المذكورتين، معربة عن انزعاجها من وصف الرباط لهما بالمدينتين المحتلتين، ومحاولة البحث عن الحجج في مسعى لإبعاد هذه الحقيقة التاريخية.
وأفادت صحيفة محلية إسبانية أن موضوع إعادة فتح الحدود سيطرح للمناقشة خلال الاجتماع رفيع المستوى للجنية العليا المشتركة الإسبانية المغربية التي ستعقد في الرباط خلال فبراير المقبل. ونقل المصدر نفسه عن المتحدثة الرسمية باسم حكومة مدريد، ماريا خيسوس مونتيرو، قولها أول أمس الثلاثاء، إن إعادة فتح الحدود البرية المغربية مع سبتة ومليلية سيكون بلا شك موضوع تحليل ومناقشة في الاجتماع المرتقب مع السلطات المغربية. وأضافت أنه ستناقش القضايا ذات الاهتمام المشترك، ومن بينها الصعوبات المتعلقة بمرور الأشخاص والبضائع عبر الحدود مع المغرب في سبتة ومليلية.
وكان من المقرر أن تنعقد اللجنة العليا المشتركة بين البلدين اليوم الخميس 17 ديسمبر، لكن حكومتي البلدين أعلنتا الأسبوع الماضي عن تأجيلها إلى  فبراير، بسبب القيود الصحية والإجراءات الاحترازية المعمول بها في المغرب، نتيجة وباء كورونا المستجد.

إغلاق الحدود البرية

وسبق للمغرب أن أصدر قراراً بإغلاق الحدود البرية مع سبتة ومليلية في 13 مارس، وهو اليوم نفسه الذي علق فيه الاتصالات الجوية والبحرية. وفي حالة مليلية، مضى أكثر من عامين منذ أن أغلقت الرباط أيضاً مكتب الجمارك التجارية في بني أنصار لتعزيز مينائها الخاص.
ومنذ إغلاق الحدود بسبب الوباء، سمحت السلطات المغربية لما مجموعه 9500 إسباني و4500 أوروبي بمغادرة الحدود لمدة عشرة أيام. واعتباراً من  مايو، كانت هناك عمليات إعادة أخرى عبر السفن، كما قامت الحكومة المغربية بعمليات إعادة محددة لمواطنيها «المحاصرين» في المدينتين المتمتعتين بالحكم الذاتي.
وفي 14  يوليو، فتح المغرب الموانئ والمطارات، لكن كان مجرد إجراء جزئي محدود، ولم تكن هناك عملية عبور لمضيق جبل طارق، وحالياً جرى استئناف الرحلات الجوية، حيث أصبحت البلاد مفتوحة في وجه السياح الذين لديهم حجز فندقي.

سبتة ومليلية

في سياق متصل، اهتمت أوساط إعلامية إسبانية بالتقرير الذي صدر أخيراً تحت عنوان «سبتة ومليلة: الحدود البرية لإسبانيا والاتحاد الأوروبي في أفريقيا» حيث أكد أحد مؤلفي التقرير، أستاذ القانون الدولي العام روموالدو بيرميخو غارسيا، على أهمية الاعتراف بالحدود واحترامها للحفاظ على إطار التعاون والصداقة بين إسبانيا والمغرب. وحذر من أن «عدم وجود حدود معترف بها يولد عدم ثقة بين الدول المجاورة». وقال إن تصنيف سبتة ومليلية كمستعمرتين هو أمر شائن، معتبراً أن هذا التصنيف «ليس خطأ فادحاً فحسب، بل إنه انتهاك قانوني».
وأضاف قائلاً: «يجب علينا ألا نغفل الخصوصيات التي تطبع حدود سبتة ومليلية مع الدولة المجاورة، والتي لا تعتبر إقليمية فحسب، بل هي أيضاً اقتصادية واجتماعية». ودعا إلى ضرورة التسلح بالحجج في هذه الجوانب لمواجهة ما يعتبره آراءً مبسطة ومتكررة نسبياً حول وضع المدن المستقلة وحدودها مع المغرب، وفق تقرير إخباري أوردته صحيفة «أ بي ثي» الإسبانية.
ويقول مدير مرصد سبتة ومليلية، كارلوس إتشيفيريا، إن التطلعات الإقليمية للمغرب بشأن سبتة ومليلية أمر لا ينبغي إغفاله، معرباً عن اعتقاده أن مشكلات المدن المستقلة تتجاوز المشكلات المحلية، لهذا السبب، يجب إيلاء اهتمام خاص بها، يستنتج مناشداً السلطات الإسبانية والهيئات الأوربية إلى تحمل مسؤولياتها واتخاذ إجراءات واضحة وملموسة في هذا الشأن.ويحذر العقيد أنطونيو سييراس، مسؤول الحرس المدني في مليلية، من إغراء تطبيق نسب مماثلة على سبتة ومليلية مقارنة ببقية الأراضي الإسبانية. ففي رأيه، من الضروري مراعاة الدور الذي تلعبه كلتا المدينتين في بيئتهما الجغرافية، حيث توفر الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية وفرص العمل لجيرانهما المغاربة.
كما تساهم في توفير الاستقرار والأمن كما يمثلهما وجود مليلية في منطقة الريف.
وحلل عالم السياسة والاجتماع إنريك أفيلا، عن المركز الجامعي لسبتة، ظاهرة الهجرة عبر حدود المدينتين المتمتعتين بالحكم الذاتي مع المغرب، حيث يحدث الانقسام الأكثر حدة في العالم وفقاً لمؤشر التنمية البشرية. علاوة على ذلك، وبالنظر إلى الطبيعة الإسبانية للإقليم – وبالتالي الأوروبية – يتم تقديم الهجرة للشباب المغربي على أنها «تحرير» وفق تعبير الخبير المذكور.
يتضمن التقرير ثلاثة جوانب، أولها عبارة عن مقاربة قانونية لمسألة الحدود، والثاني يعالج الخصوصية المتولدة عن الحدود كما تظهر في وضع مليلية، فيما يتطرق الجانب الثالث إلى أوضاع الهجرة غير النظامية وتأثيرها على المدينتين المتمتعتين بالحكم الذاتي.
ضمن السياق نفسه، اهتمت صحيفة «الأحداث المغربية» في عددها ليوم أمس الأربعاء، بالتقرير الإخباري الذي نشرته صحيفة «إسبانيول» الإسبانية حول المشروعات الضخمة التي أطلقها المغرب في مناطقه الشمالية، وأوضحت أن العاهل المغربي محمد السادس أولى اهتماماً بالمدن التي تقع شمال المغرب، وأطلق مخططات اقتصادية عملاقة غيّرت من ملامح المنطقة. وأضافت أن المغرب قضى عقداً من الزمن في إنجاز المشروعات الكبرى بهدف تضييق الخناق على سبتة ومليلية، وإجبار إسبانيا على التفاوض بشأنهما، معتبرة أن الورش التي يطلقها العاهل المغربي في المدن الشمالية ستفرض في النهاية سيادة مغربية إسبانية مشتركة على المدينتين المذكورتين.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: