قدم النائب الألماني في البرلمان الأوروبي خواكيم شوستر استقالته الثلاثاء من رئاسة الهيئة الداعمة للبوليساريو في البرلمان، بسبب اعتراضه على انتهاك الانفصاليين لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع المغرب منذ العام 1991.
ويرى متابعون للشأن المغربي أن هذه الاستقالة ستعمق عزلة الجبهة الانفصالية خاصة في ظل الدعم الدولي الذي تحظى به مبادرة الرباط لحل النزاع حول الصحراء المغربية.
وتنص هذه المبادرة على أن تُمنح الصحراء حكما ذاتيا، لكن تبقى تحت سيادة المملكة.
وقال شوستر في رسالة استقالته التي وجهها إلى زملائه من النواب الأوروبيين، إن “وقف العمل باتفاق وقف إطلاق النار يُعد خطأ استراتيجيا خطيرا”، موضحا “لا أرى كيف يمكن أن يساعد ذلك في تحفيز حل سلمي للنزاع بل أرى في ذلك تصعيدا من شأنه تأجيج هذا الخلاف بشكل كبير”.
ويرى مراقبون أن هذه الاستقالة بما حملته من رسائل حول الخطوات التي اتخذتها جبهة البوليساريو فإنها “ستزيد من ارتباك الانفصاليين” خاصة مع تزايد الدعم الدولي لمقاربة المغرب في حلحلة ملف الصحراء من خلال تعزيز التمثيليات الدبلوماسية في الأقاليم الجنوبية للمملكة.
وقال عادل بنحمزة، المحلل السياسي والقيادي في حزب الاستقلال، إن “العزلة التي تعيشها الجبهة الانفصالية تدفعها إلى اتخاذ مواقف وقرارات ارتجالية لا توضح ارتباكها فقط بل تفقدها حتى ما تبقى من متعاطفين”.
وأضاف بنحمزة “هذا بالضبط ما تمثله استقالة شوستر لأن الأوروبيين لا يمكن أن يدعموا جبهة انفصالية ترفع شعارات الحرب في منطقة حساسة بالنسبة إلى الأمن الاستراتيجي الأوروبي”.
عادل بنحمزة: شوستر أدرك أن موقف البوليساريو لا يساهم في بناء السلام في الصحراء
وأوضح أن استقالة شوستر أرجعها هو نفسه إلى الخطوة التي قامت بها البوليساريو في ما يتعلق بإعلان تحللها من الالتزام بوقف إطلاق النار، وتقديره كان هو أن “هذا الموقف لا يساهم في بناء عملية السلام في الصحراء”.
ويشدد المحلل السياسي المغربي على أن “وقف إطلاق النار لم يكن اتفاقا ثنائيا بين المغرب وجبهة البوليساريو، بل هو على شاكلة باقي الالتزامات كانت مع الأمم المتحدة ولهذا أعلن المغرب أنه لا يزال ملتزما بوقف إطلاق النار إلا ما كان من رد عدوان على قواته المسلحة”.
وتأتي استقالة شوستر بعد إعلان البوليساريو مؤخرا عن انسحابها من اتفاق وقف إطلاق النار في أعقاب عملية خاطفة قام بها الجيش المغربي لتحرير معبر الكركرات على الحدود مع موريتانيا، وهو معبر قامت عناصر من الجبهة الانفصالية بتعطيل حركة السير فيه في خطوة نددت بها الرباط.
وأوضح شوستر أنه “قبل برئاسة هذه المجموعة قصد المساهمة في التوصل إلى حل سلمي لهذا النزاع من خلال تشجيع الاتحاد الأوروبي على القيام بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي على دعم مقاربة بناءة في أفق تعيين ممثل خاص جديد للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء”، مسجلا أن الأمور أخذت منعطفا “دراماتيكيا” مع إعلان الانسحاب من اتفاق وقف إطلاق النار من قبل البوليساريو.
وكانت البوليساريو قد أعلنت في فبراير الماضي عن تشكيل هذه الهيئة تحت مسمى “المجموعة المشتركة للصحراء المغربية”، وضمت نوابا من مختلف الأطياف السياسية الممثلة في البرلمان الأوروبي.
وينص النظام الداخلي للبرلمان الأوروبي على أن المجموعات المشتركة ليس بإمكانها القيام بأنشطة تحيل على الخلط بينها وبين الأنشطة الرسمية للبرلمان وأجهزته أو “من شأنها التأثير على العلاقات مع المؤسسات الأخرى للاتحاد أو العلاقات مع بلدان أجنبية”. كما يمنع عليها استخدام اسم أو شعار البرلمان الأوروبي أو المجموعات السياسية التي تشكلها في أنشطتها.
ويربط مراقبون استقالة شوستر بالأحداث الأخيرة التي شهدتها الصحراء المغربية، علاوة على الاعتراف الأميركي الأخير بسيادة المغرب على الصحراء، وهي مستجدات وفقا لهؤلاء ليست في “صالح الجبهة الانفصالية”.
ونشرت واشنطن الثلاثاء مرسوما رئاسيا في السجل الفيدرالي الأميركي الذي يعد بمثابة الجريدة الرسمية في الولايات المتحدة ينص على اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء.
وفي هذا الصدد يقول بنحمزة، إن “هذه المستجدات ستدفع حتما الكثيرين إلى إعادة النظر في مقاربتهم للنزاع في الصحراء”.