ك
تُسابق مؤسسات دستورية وشخصيات قانونية مستقلة في الجزائر الزمن من أجل إدخال الدستور الجديد حيز التنفيذ دون تصديق الرئيس عبدالمجيد تبون، الغائب بسبب رحلته العلاجية، عليه.
وتُحاول أوساط قانونية وسياسية الترويج لعدم وجود آجال محددة للتصديق على الدستور الجديد من قبل الرئيس وذلك بعد جدل تصاعد حول هذه العملية.
وأثار غياب تبون انتقادات وتوجسا بشأن التصديق على الدستور كما على إمكانية حدوث فراغ على مستوى السلطة، قبل أن يخرج الرئيس الجزائري في كلمة له للجزائريين في وقت سابق ليبدد مخاوف حدوث فراغ دستوري، لكنه أبقى على الجدل بشأن الوثيقة الدستورية.
وترك رئيس اللجنة المستقلة لتنظيم الانتخابات محمد شرفي، المجال مفتوحا أمام تبون، للتصديق على الدستور الجديد للبلاد.
ووضع “تماثله للشفاء” موعدا للعملية، وهو ما يعتبر تمهيدا لإسقاط ما يتم تداوله في دوائر سياسية وقانونية، حول ضرورة تصديق الرئيس على الوثيقة في الخمسين يوما التي تلي يوم الاستفتاء، وإلا أصبح لاغيا.
وتوقع رئيس السلطة المستقلة الوطنية للانتخابات، في تصريح أدلى به للتلفزيون الحكومي أن “تتم عملية التصديق بعد تماثل الرئيس للشفاء” مؤكدا أنه “لا وجود لآجال دستورية محددة تفرض على الرئيس إخراج مرسوم نشر الدستور في زمن معين”.
ومن جهتها، أعلنت الخبيرة الدستورية فتيحة بن عبو، “أن عدم وجود أي نص في هذا السياق لا يرغم رئيس الجمهورية على التصديق على الوثيقة الدستورية في آجال معينة”، مما يمهّد لتجاوز ما يتم تداوله في بعض الأوساط السياسية والقانونية عن مهلة الـ50 يوما.
واعتبر متابعون للشأن الجزائري بأن ظهور تبون في تسجيل بث على حسابه الخاص في تويتر، حمل دلالات ورسائل موجهة إلى جهات معينة في السلطة بغية إثبات قدرته على الاستمرار في منصبه، والردّ على الجهات التي تدفع في اتجاه تفعيل بند الشغور الرئاسي.
وذكرت في هذا الشأن المحامية والناشطة الحقوقية المعارضة زبيدة عسول، أن “ظهور الرئيس تبون، كان من أجل تمرير رسائل معينة لدوائر في السلطة، وليس من أجل طمأنة الجزائريين، لأنه لو كان في نيته ذلك، لرفع منذ أسابيع اللبس القائم حول وضعه الصحي، ولما وقعت الرئاسة في كل تلك التناقضات، فالبيانات الصادرة عنها تذكر بأنه سيعود قريبا، بينما ظهر أن الرجل ليس لديه تاريخ تقريبي للعودة، وغيابه مرشح لأن يطول أكثر”.
وأوضح محمد شرفي أن “الظرف الاستثنائي لرئيس الجمهورية هو الذي تسبب في تأخر إصدار الدستور، وفي الحالة العادية لا يوجد ما يجبر الرئيس إصداره في تاريخ معين”.
وأضاف “انطلاقا من أحكام الدستور الجديد سيتم ربط القانون العضوي للانتخابات مع قانون السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، حيث سيكون تنظيم هياكل السلطة مستقبلا استرشادا بالقانون العضوي للانتخابات الذي سيسن لاحقا”.
وتابع “اللجنة المكلفة بقانون الانتخابات، كانت تنتظر إصدار النص النهائي للدستور، حتى تشرع في أشغال صياغة القانون، لأنه لا يمكن تصور قانون الانتخابات الجديد بمعزل عن مضمون الدستور، وبالرجوع لتعليمات رئيس الجمهورية في خطابه الأخير ستقوم اللجنة برفع وتيرة التحضير المادي لهذا المشروع في ضوء النص الدستوري المتاح لاعتباره وثيقة رسمية”.
ووفق تصريح رئيس السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات، فإن مجرد مباشرة مراجعة قانون الانتخابات تحسبا لانتخابات برلمانية ومحلية قريبة، يكون الدستور الجديد قد دخل حيز التنفيذ، مما يبعد فرضية التصديق عليه في مهلة الخمسين يوما التي تلي الاستفتاء.