التطبيع مع إسرائيل يضع إخوان المغرب في مأزق

ماموني

يجد حزب العدالة والتنمية (الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في المغرب) نفسه في مأزق بعد إعلان الرباط تطبيع العلاقات مع تل أبيب بوساطة أميركية وهو الإعلان الذي تزامن مع اعتراف واشنطن بمغربية الصحراء.

وقوبل بيان الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي، بانتقادات واسعة من قبل أنصار الإخوان والإعلام القطري والمؤيدين للخطوة المغربية.

واتسم البيان بالتناقض حيث حاول الحزب الثناء على القرار الذي اتخذه العاهل المغربي الملك محمد السادس، لكنه أشار في نفس الوقت إلى وقوفه “ضد الاحتلال الصهيوني ومحاولاته تطبيع علاقاته واختراق المجتمعات الإسلامية”.

وزادت تصريحات القيادي في الحزب الذي يتولى منصب وزير الشغل محمد أمكراز، تعميق أزمة العدالة والتنمية.

وخلفت تصريحات أمكراز، استياء كبيرا في الشارع المغربي بعد انتقاده للنهج الدبلوماسي الذي اختارت الرباط توخيه بعودة قنوات التواصل مع تل أبيب.

وطالب كثيرون بإعفاء أمكراز من منصبه بعد أن هاجم الرباط من قناة الميادين الشيعية المقربة من إيران وهي وسيلة إعلامية معادية للوحدة الترابية للمملكة لاسيما أن تصريحه جاء في وقت تمر فيه قضية الصحراء المغربية بظرف دقيق.

محمد أمكراز: شبيبة العدالة والتنمية تعارض التطبيع مع إسرائيل، موقفنا واضح

وقال أمكراز في تصريحاته التي حذفتها الميادين إن شبيبة العدالة والتنمية التي يترأسها تعارض “التطبيع مع إسرائيل”، مضيفا “موقفنا مبدئي، وواضح و ليس عليه غبار في موضوع التطبيع وفي باقي المواضيع الأخرى المتعلقة بالقضية الفلسطينية، فنحن نعبر عن موقف الشبيبة التاريخي وموقف جميع المغاربة”.

وأضاف “وبالتالي، نحن نعبر بأريحية كبيرة عن مواقفنا، وهذا لا إشكال فيه على المستوى الوطني ولا خلاف عليه أصلا.. الشعب المغربي هو الذي أبدع شعار ‘من المغرب لفلسطين.. شعب واحد مش شعبين’”.

وأثارت هذه التصريحات موجة استنكار واسعة في الشارع المغربي ولدى المعلقين السياسيين أو المحللين كونها تتعارض مع الدبلوماسية التي تنتهجها الرباط.

وقال رشيد لزرق، أستاذ العلوم السياسية، إن “ما قام به أمكراز هي خطة متفق عليها بشكل مسبق داخل الحزب من خلال خروجه بقبعة شبيبة العدالة والتنمية بغاية انتقاد قرار الدولة، رغم أنه يشغل منصب وزير مسؤول عن تنفيذ التزامات الحكومة”.

وأوضح لزرق، في تصريح له ، أن “تصريحات أمكراز تقع ضمن الممارسات المعهودة لحزب العدالة والتنمية المتناقضة حيث إنه يتشبث بالحكومة دون تحمل المسؤولية السياسية عما صرح به الوزير مناقضا توجهات الدولة التي هو عضو في حكومتها”، مضيفا أن حزبه يغير خطابه خدمةً لمصلحته كمشروع.

وواجه أمكراز انتقادات لاذعة بشأن هذا التصريح حيث يقول منتقدوه إن ذلك يمس من الدعم الذي تمكن المغرب من حشده لملف الصحراء المغربية.

وقال المحلل السياسي والأستاذ الجامعي، عمر الشرقاوي، مخاطبا أمكراز “إذا لم يعجبك ما حققه المغرب من اعتراف (بالصحراء المغربية)، فأقل شيء قدم استقالتك من الحكومة التي يوجد فيها وزير مثل بوريطة يعمل ليل نهار”.

وتباينت المواقف داخل العدالة والتنمية الإسلامي بشأن تصريحات أمكراز حيث قال عبدالسلام بلاجي القيادي والبرلماني السابق عن الحزب إن “قرار التطبيع في هذه الظروف من نتائج تصلب النظام العسكري الجزائري المتهالك المجرم في حق الجزائر والمغرب العربي.. اليوم ربحنا اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء وهذا مهم. لكن علينا أن نناضل حتى إسقاط التطبيع وإخراج الصهاينة من المغرب وفلسطين”.

رشيد لزرق: تصريحات الوزير أمكراز تتناقض مع توجهات الدولة

فيما عبرت البرلمانية عن العدالة والتنمية أمينة ماء العينين عن موقفها بالقول “لن يتخلى المغاربة عن الشعب الفلسطيني ومطالبه العادلة والمشروعة، ولا يمكن أن ينجح التطبيع في بنية ظلت تقاومه لعقود بإصرار ومبدئية”.

وخلقت تصريحات أمكراز انقساما كبيرا بين الأحزاب المغربية حيث قالت ابتسام عزاوي، البرلمانية عن حزب الأصالة والمعاصرة، إن “حرية التعبير مكفولة للجميع، لكن لا يحق لأي مجموعة أن تتحدث باسم الشعب المغربي، وأن تستخدم عبارة من قبيل ‘الشعب المغربي يرفض’”.

ومن جهتها شددت النائبة البرلمانية عن فريق التجمع الدستوري، وفاء البقالي على مقاطعتها الجلسات البرلمانية التي سيحضرها الوزير أمكراز.

وقال رشيد لزرق إن تصريحات أمكراز تتعارض مع موقف هؤلاء الثابت رغم ممارسة بعض الوزراء من العدالة والتنمية التقية السياسية، موضحا أن ما قام به الوزير يكشف الولاء والانتماء للحزب قبل الوطن.

واستبعادا لأي لبس أكد الملك محمد السادس لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أن موقفه “الداعم للقضية الفلسطينية ثابت لا يتغير. وقد ورثه عن والده المغفور له الملك الحسن الثاني”.

وشدد العاهل المغربي على أن “الرباط مع حل الدولتين، والمفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي هي السبيل الوحيد للوصول إلى حل نهائي دائم وشامل لهذا الصراع”.

وأكد أن “المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة”.

وقبل عامين قطع المغرب علاقاته مع إيران بعدما ثبت دعمها العسكري واللوجستي للبوليساريو عبر السفارة الإيرانية في الجزائر، بالإضافة إلى اتهام حزب الله اللبناني بتدريب عناصر عسكرية من الجبهة الانفصالية بدعم من سفارة إيران بالجزائر.

وأشار منتقدو أمكراز إلى أنه يُعاب عليه أيضا أنه خرج بتلك التصريحات على قناة من تمويل إيراني وذلك للتعبير عن انتقاده لقرار الدولة المغربية، دون أن يراعي منصبه كوزير في الحكومة.

وتساءل الشرقاوي في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع فيسبوك “هل يوجد رجل دولة عاقل يعلم أن القناة ومموليها يقاطعها المغرب ومع ذلك يذهب إليهم لانتقاد أكبر إنجاز دبلوماسي خلال العقود الأخيرة” مضيفا أن “العيب في أن يظل مثل هذا الشخص في منصبه دون أن يتقدم رئيس الحكومة بمقترح لإعفائه”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: