في سابقة عربية.. المغرب يشرع في تدريس الثقافة اليهودية

Belbazi

يواصل المغرب تقدّمه في مسيرته الإصلاحية للمنهج التعليمي، إذ أقرّ إدراج تاريخ الجالية اليهودية وثقافتها في المناهج الدراسية للبلاد بداية من الفصل الدراسي المقبل.

وجاءت هذه الخطوة قبل إعلان تطبيع علاقاته مع إسرائيل، فيما ستكون أولى الحصص الدراسية عن الثقافة اليهودية باللغة العربية، وستعطى اعتبارا لطلبة السنة الأخيرة من المرحلة الابتدائية حيث يبلغ عمر التلاميذ حوالي 11 عاما.

ويعتبر الأمين العام للجالية اليهودية في المغرب أن هذه الخطوة “الأولى في العالم العربي. بمثابة تسونامي”.

ويظهر “الرافد اليهودي” للثقافة المغربية في فني العمارة والطبخ والموسيقى وبات موجودا في المناهج الجديدة للتربية المدنية في المرحلة الابتدائية ضمن فصل مكرس للسلطان سيد محمد بن عبدالله الملقب بمحمد الثالث (القرن الثامن عشر).

واختار هذا السلطان العلوي مرفأ الصويرة وقلعتها التي بناها مستعمرون برتغاليون لتأسيس المدينة التي شكلت مركزا دبلوماسيا وتجاريا أصبح بدفع منه المدينة الوحيدة في العالم الإسلامي التي تضم غالبية يهودية مع تواجد 37 كنيسا فيها.

وأوضح فؤاد شفيقي مدير البرامج المدرسية في وزارة التربية المغربية “مع أن الوجود اليهودي في المغرب سابق للقرن الثامن عشر إلا أن العناصر التاريخية الوحيدة الموثوق بها تعود إلى هذه الفترة”.

ويبقى المغرب حالة نادرة في العالم العربي، إذ إن “هذا البلد لم يمح أبدا الذاكرة اليهودية” على ما تفيد زهور ريحيحيل أمينة المتحف اليهودي المغربي في الدار البيضاء الفريد من نوعه في المنطقة.

ويعيش اليهود في المغرب منذ العصور القديمة وعددهم في هذا البلد هو الأكبر بين دول شمال أفريقيا. وقد زاد على مر القرون لاسيما مع وصول يهود طردهم الملوك الكاثوليك في إسبانيا اعتبارا من العام 1492.

وبلغ عدد أفراد هذه الجالية نحو 250 ألفا نهاية أربعينات القرن الماضي وشكلوا حينها 10 في المئة من إجمالي السكان. وغادر الكثير من اليهود المغرب بعد قيام دولة إسرائيل في العام 1948 ليتراجع عددهم إلى ثلاثة آلاف.

إرث كبير
إرث كبير

وإدراج الموروث اليهودي في المنهج التربوي المغربي يدخل في إطار برنامج واسع لإصلاح المناهج الدراسية بوشر العام 2014.

والإصلاح الذي لم يحظ بتعليقات محلية كثيرة، رحبت به جمعيتان يهوديتان مقرهما في الولايات المتحدة هما اتحاد السفرديم الأميركي ومؤتمر الرؤساء.

وشددت المنظمتان في بيان نشرتاه عبر تويتر في منتصف نوفمبر على أن “السماح للتلاميذ في المغرب بمعرفة كامل تاريخهم على صعيد التسامح هو لقاح ضد التطرف”.

وبعيد ذلك، وقع وزير التربية المغربي مع جمعيتين يهوديتين مغربيتين اتفاق شراكة “لتعزيز مفاهيم التسامح والتنوع والتعايش في المؤسسات المدرسية والجامعية”.

وفي بادرة رمزية، وقع الاتفاق في بيت الذاكرة في الصويرة وهو متحف مكرس للتعايش بين اليهود والمسلمين، بحضور مستشار العاهل المغربي أندري أزولاي وهو يهودي كرس حياته للترويج للتسامح الديني.

يرى محمد حاتمي أستاذ التاريخ المتخصص بهذه المسألة أن إدراج الهوية اليهودية في المنهج الدراسي “سيسمح بإدراك المواطنين الجدد لإرثهم المتنوع”.

ويشدد شفيقي على أن تغيير المناهج الدراسية للمرحلة الابتدائية يهدف إلى “تسليط الضوء على التنوع في الهوية المغربية”، مشيرا إلى أن مراجعة المناهج للمرحلة الثانوية المقررة في 2021 ستلحظ أيضا “بعد التنوع هذا”.

وقد سرت شائعات حول إدراج محرقة اليهود في البرامج التعليمية في المدرسة في سبتمبر 2018 بعد رسالة للعاهل المغربي الملك محمد السادس خلال طاولة مستديرة للأمم المتحدة في تلك الفترة. وشدد يومها الملك على دور التعليم الأساسي في مكافحة العنصرية ومعاداة السامية.

وبدفع من العاهل المغربي وبعد أشهر عدة من المفاوضات برعاية إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أصبح المغرب خلال الأسبوع الحالي رابع دولة عربية تعلن تطبيع العلاقات مع إسرائيل في مقابل الحصول على اعتراف أميركي بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.زث

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: