ظهور الرئيس الجزائري بعد شهرين من الغياب يكرس استمرار مسار السلطة

صابر بليدي

شكل ظهور الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بعد غياب عن الأنظار دام نحو شهرين مؤشرا قويا على استمرار مسار السلطة، بعيدا عن السيناريوهات المتداولة في المشهد الجزائري حول مصير ومستقبل البلاد في ظل شغور رئاسي مستجد.

واعتبرت رسالة الرئيس تبون، في التسجيل الذي بثته الصفحة الرسمية للرجل على تويتر، إيذانا باستمرار مسار السلطة، بما في ذلك حكومة عبدالعزيز جراد، التي اكتنفها الغموض خلال الأسابيع الأخيرة، في ظل التسريبات عن تعديل حكومي معمق تعطل بسبب الوعكة الصحية التي ألمت بالرئيس منذ منتصف شهر أكتوبر الماضي.

وذكر الرئيس الجزائري أنه “يتابع بدقة مجريات الأحداث في البلاد، ويسدي تعليماته من مكان تواجده، وأن السلطة الجديدة ستستكمل المسار المتفق عليه”، وهو ما يوحي بأن الرجل يشرف على أداء الجهاز التنفيذي والمؤسسات من المستشفى الذي يتابع فيه علاجه بألمانيا.

وعرفت حكومة رئيس الوزراء الجزائري عبدالعزيز جراد شللا لافتا بسبب تأثير غياب الرجل الأول في الدولة عن البلاد، قبل أن يظهر الأحد لأول مرة منذ سفره إلى ألمانيا للعلاج، حيث فشل العديد من الوزراء في تحريك قطاعاتهم رغم أن السلطة الجديدة كانت تراهن عليها لدفع عجلة الاقتصاد والتنمية.

واستنكر عدد من نواب المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، عزوف الحكومة عن الرد على أسئلة متراكمة لديها تم طرحها للإجابة على الكثير من الانشغالات المطروحة في الساحة الاجتماعية والاقتصادية والتنموية، واعتبروا ذلك “استعلاء” غير مبرر من الوزراء.

وصرح النائب عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف بأن “عددا من الوزراء في حكومة عبدالعزيز جراد يتجاهلون أو يتماطلون في الرد على أسئلة طرحها عليهم، من أجل تلقي ردود تسلط الضوء على بعض الانشغالات المتصلة بالحياة اليومية للمواطنين”.

وتشهد حكومة عبدالعزيز جراد شللا ملحوظا خاصة خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب غياب رئيس الجمهورية عن البلاد لدواع صحية، وتعطل انعقاد مجلس الوزراء، الأمر الذي يكرس دور الرئيس في الجزائر باعتباره المحرك الأول لمختلف الأجهزة التنفيذية والمؤسسات الرسمية.

ورغم أن الحكومة تمكنت من تمرير قانون المالية للعام الجديد، وافتكاك تزكيته من طرف البرلمان بعد جدل صاخب، إلا أنها وجدت نفسها أمام إكراهات صعبة، انضافت إلى قدرة وكفاءة الطاقم الوزاري، على غرار تداعيات جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية الحادة وتقلص مداخيل البلاد.

وكانت تسريبات قبل سفر الرئيس تبون إلى ألمانيا من أجل العلاج، قد تحدثت عن تعديل وزاري ضخم على وشك التنفيذ، وتم تداول العديد من الأسماء التي فشلت في تحريك قطاعاتها، على غرار الصناعة والمناجم والتجارة والشباب والرياضة.. وغيرها، إلا أن التطورات المستجدة في صحة رئيس الدولة كتبت عمرا جديدا للحكومة المذكورة.

ولا تزال العديد من القطاعات الاقتصادية والخدماتية بعيدة عن تطلعات الشارع الجزائري، ودون تحقيق شعارات السلطة الجديدة في البلاد، حيث يبقى المواطن الجزائري في سباق يومي مع بعض المواد الغذائية وضحية للوبيات المضاربة والاحتكار، رغم تفرغ وزير التجارة كمال رزيق، منذ تنصيبه لتلك المسائل، غير أنه فشل في ذلك، رغم تصريحه بالقول “حققت في فترتي القصيرة ما عجز عنه الوزراء الآخرون طيلة الـ20 عاما الماضية”.

وفي سياق متصل شُنت حملة قوية ضد وزير الصناعة والمناجم فرحات آيت علي، على خلفية التردد وغياب الرؤية الذي يخيم على عدة ملفات تقع تحت وصايته، فضلا عن الإفلاس الذي وصل إليه مصنع التجهيزات الإلكترومنزلية بتيزي وزو، المملوك للحكومة، وتسريح الإدارة لزهاء 1700 عامل.

وانتقد نواب برلمانيون أداء العديد من الوزراء في حكومة عبدالعزيز جراد، خاصة في ظل تعمدهم عدم الرد على الأسئلة النيابية، باعتبارها إحدى آليات الرقابة التي يكفلها دستور البلاد، لمتابعة أداء الحكومة والأجهزة التنفيذية ومختلف السلط والمؤسسات.

وبات مطلب التعديل الحكومي المعطل مرفوعا بقوة من أجل الخروج مما أسماه النائب لخضر بن خلاف حالة “الشلل العام في البلاد”، وهو ما يكون قد ساهم في الوضعية المذكورة، لأن الاهتمام تحول إلى “انتظار مصير ومستقبل الوزير أكثر مما يتركز على الأداء الميداني”، لكن ظهور تبون سيغير الكثير من المعطيات في البلاد، بما فيها مصير الحكومة الحالية.

وكان بعض الوزراء قد فشلوا في ترويج أجندة السلطة والمسار السياسي الذي انتهجته، خاصة ما يتصل بالتعديل الدستوري الأخير، لما سجلت تصريحات وصفت بـ”الاستفزازية”، على غرار ما ذكره وزير الشباب والرياضة سيد علي خالدي، في مدينة تيزي وزو، بأنه “من لم يعجبه الحال يغادر البلد”، في إشارة إلى الرافضين لمسار السلطة الحالية، وهو ما اعتبر “استفزازا مسيئا للسلطة ولخطاب استمالة الشارع”.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: