أعلنت تشكيلة من الأحزاب اليسارية والقومية في تونس عن مبادرة وطنية لتصحيح مسار الثورة ستنخرط في كل الاحتجاجات ضدّ المنظومة الحاكمة.
وتتكون المبادرة من أحزاب ومنظمات وشخصيات وطنية من بينهم حركة تونس إلى الأمام، وحزب العمال، وحزب القطب، وحركة البعث، وحزب الوطد الاشتراكي الموحد، والاتحاد العام لطلبة تونس واتحاد المعطلين عن العمل.
وقال مؤسسو المبادرة، خلال مؤتمر صحافي انعقد الجمعة تحت شعار “لترحل منظومة الحكم” إن النقاش حول المبادرة انطلق منذ مارس الماضي، وإن الباب مفتوح أمام الأحزاب والمجتمع المدني والشخصيات المؤمنة بالثورة لتنخرط في هذا المكون السياسي الجديد.
وأكدوا انخراطهم في كل الاحتجاجات ضد المنظومة الحاكمة التي فقدت شرعيتها دستوريا وسياسيا ونضالهم حتى إسقاط هذه المنظومة.
وقال حمة الهمامي، رئيس حزب العمال أحد مكونات المبادرة، إن الهدف من هذا المكون السياسي الجديد “إسقاط المنظومة الحالية وبناء منظومة جديدة تعمل من أجل اندماج نضالات الشعب ضمن تيار واحد وموحد”.
وطالب الهمامي منظومة الحكم الحالي بالرحيل خاصة وأن تونس تعيش أزمة سياسية تبدو جلية من خلال صراع الرئاسات الثلاث، مشدّدا على أنّ الوضع الاقتصادي المأزوم يعود سببه إلى الخيارات الخاطئة واستشراء الفساد في مفاصل الدولة، لذلك قُدمت مبادرة تصحيح الثورة كبديل عن منظومة الحكم.
واعتبر أن التنسيقيات التي تأسست في مختلف الجهات سلوك شرعي أمام تردي الأوضاع في تونس، مشددا على أن مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل بعقد حوار وطني اقتصادي واجتماعي، يقوده رئيس الجمهورية قيس سعيد، لن تنجح.
وكان الهمامي قال في تصريحات الخميس إنّ ثورة 2011 وقع الغدر بها والالتفاف عليها من طرف كل الحكومات المتعاقبة ولم يتحقق من مطالبها شيء إلى الآن.
واعتبر أن البرلمان الحالي أضحى في واد بعيد كل البعد عن قضايا الشعب واهتماماته، والأحزاب الحاكمة تخدم مصالح اللوبيات، مطالبا التونسيين بتوحيد صفوفهم والنهوض ببلادهم وافتكاك السلطة من هذه المنظومة.
وشهدت الدعوات إلى عقد حوار وطني ينقذ تونس من أزماتها الاقتصادية والسياسية، زخما في الآونة الأخيرة وسط مخاوف من تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية مع تصاعد الاحتجاجات في عدد من المحافظات المطالبة بالتنمية والتشغيل.
وكان الأمين العام لاتحاد الشغل نورالدين الطبوبي عرض على الرئيس قيس سعيد المبادرة التي تتضمن توجهات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
ولم يصدر عن سعيّد إلى حد الآن أي قرار بشأن مبادرة الاتحاد، رغم ترحيبه بها وتمسكه بعدم إشراك من أسماهم بالفاسدين قائلا “لا مجال للحوار مع الفاسدين ولا مجال أيضا لحوار بالشكل الذي عرفته تونس في السنوات الماضية بل يجب أن يتم في إطار تصور جديد يقطع مع التصورات القديمة، ويكون قائما على الاستجابة لمطالب الشعب الحقيقية، بعيدا عن أي حسابات سياسية ضيقة”.
وسيقدم اتحاد الشغل عبر المبادرة، التي عمل على إعدادها فريق من الخبراء والمختصين، تشخيصا لحقيقة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في تونس ومقترحات للخروج من الأزمة، وسيلعب عبر دعوته إلى مؤتمر إنقاذ ينجم عنه حوار وطني موسع دور الوساطة بين جميع الأطراف لتقريب وجهات النظر وتهدئة الأجواء السياسية المتشنجة بهدف إعادة الاستقرار والخروج برؤية مشتركة.
وتباينت آراء الأحزاب بشأن هذه المبادرة بين مرحب، مثل حزب مشروع تونس، وواضع لخطوط حمراء، وهو الحزب الدستوري الحرّ الذي أبدى رفضه للجلوس على طاولة واحدة مع الأحزاب الإسلامية التي يحملها مسؤولية ما آلت إليه تونس.