مطبّات تواجه خطط المغرب لتقليص عجز الموازنة
تواجه محاولات المغرب سدّ عجز الموازنة القياسي مطبات كثيرة، حيث يعرقل تفاقم حاجيات التمويل لتغطية النفقات الجديدة المشاريع الكبرى المرتبطة بالبنية التحتية الاقتصادية والاستثمارات في ظل جمع الرباط لسندات دولية بهدف ردم انخرام التوازنات.
تعكس تحركات الحكومة المغربية مع جمعها لسندات دولية لتعزيز المالية العامة تحديات كبيرة تتعلق بآثار الوباء، من عجز الموازنة والمديونية من جهة، وخطط كبرى مرتبطة بالبنية التحتية والاستثمارات.
وأظهرت وثيقة، الأربعاء، أن المغرب جمع ثلاثة مليارات دولار من بيع سندات على ثلاث شرائح في ظل مساعيه لتعزيز مالية الدولة المتضررة من جائحة كورونا.
وذكرت وثيقة صادرة عن أحد البنوك التي تقود الصفقة واطلعت عليها رويترز، أن الحكومة باعت سندات لآجال سبعة و12 و30 عاما، جمعت من خلالها 750 مليون دولار، ومليار دولار، و1.25 مليار دولار من كل شريحة على التوالي.
وأدار الطرح كل من “باركليز” و”بي.أن.بي باريبا” و”جي.بي مورغان” و”ناتيكسيس”، وتحمل الشرائح عائدا بـ2.37 في المئة وثلاثة وأربعة في المئة على التوالي.
وتأتي سندات المغرب بعد مجموعة إصدارات لحكومات في الشرق الأوسط لجمع تمويل بمستويات قياسية من مستثمرين أجانب هذا العام لاحتواء العجز المتزايد. وقد اجتذبت الإصدارات المستثمرين الباحثين عن عائد مع انخفاض أسعار الفائدة.
وأوضحت وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربية، في بلاغ الأربعاء، أن هذا الإصدار شكل عودة المغرب إلى قسم الدولار بعد غياب دام سبع سنوات، وعرف نجاحا كبيرا لدى المستثمرين الدوليين، وذلك بدفتر طلبات اكتتاب يتجاوز 13 مليار دولار صادر عن 478 مستثمرا، مضيفة أنه تم اكتتاب هذا الإصدار أكثر من أربع مرات.
وأضافت الوزارة أن هذا الإصدار مكن من إعادة ربط الاتصال مع المستثمرين الأميركيين، وتنويع مصادر التمويل وإرساء مراجع جديدة لمنحى القروض في المغرب.
وأشار البلاغ الوزاري إلى أن هذا الإصدار كان ثمرة حملة ترويجية أطلقها وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، إلى جانب فرق مديرية الخزينة والمالية الخارجية لدى المستثمرين الدوليين.
وخلال هذه الحملة الترويجية، تم إبراز الاستقرار السياسي الذي تتمتع به المملكة، ومتانة إطارها الاقتصادي، والإصلاحات الهامة التي تم تنفيذها.
وفي هذا السياق، أكد محمد بنشعبون أن “الحكومة عازمة على الانخراط في مسار تقليص عجز الميزانية، بهدف التحكم تدريجيا في حجم مديونية الخزينة، والحفاظ على قدرة تحمل الدين”.
وكانت السلطات قد قالت إن العجز الحكومي سوف يتسع إلى 7.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 4.1 في المئة في العام الماضي، مما سيؤدي إلى ارتفاع حجم حاجيات التمويل.
وقال أستاذ الاقتصاد محمد ياوحي، في تصريح لـه إن “الخطوط العريضة لميزانية الدولة تعرف ارتفاعا في نفقات الاستثمار العمومي الذي بلغ 250 مليار درهم (27.8 مليار دولار) لتمويل مشاريع أعلن عنها العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطوة اجتماعية غير مسبوقة، منها قروض لفائدة الشركات المتضررة من تداعيات جائحة كورونا”.
وكشف وزير الاقتصاد والمالية أن تدهور عجز الميزانية سيستمر في السنة المقبلة، بسبب تداعيات أزمة كورونا على الاقتصاد، مما يفرض ترشيداً للنفقات وحصرها في الحاجيات الضرورية والملحة فقط.
وقال البنك المركزي إنه من المتوقع أن يرتفع الدين الحكومي للمغرب إلى 76.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020 من 65 في المئة في 2019.
وأوضح الوزير أنه لن يكون هناك تأثير كبير على استدامة الدين، نظرا لأن البنية الحالية للدين سليمة، إضافة إلى أن مؤشرات التكلفة والمخاطر الخاصة به تبقى في مستويات آمنة ومتحكّما فيها.
3
مليارات دولار سندات دولية جمعها المغرب لتعزيز مالية الدولة المتضررة من كورونا
وأثر الوباء على احتياطيات المغرب من العملة الصعبة، مع بلوغ الدين الداخلي مستويات كبيرة لجأت معها الحكومة إلى الاقتراض الخارجي، من البنك وصندوق النقد الدوليين ومؤسسات إقليمية عربية لتحسين وضعية ميزان المدفوعات.
وستمكّن هذه التمويلات من تغطية عجز الميزانية وتعزيز نفقات الاستثمار العمومي والنهوض بالنمو. إلا أن سداد هذا الدين الخارجي يتطلب حوكمة النفقات العمومية وخلق قيمة مضافة لتوفير الموارد.
وأكد الخبير الاقتصادي محمد ياوحي، أن “الاقتراض يحل مشاكل اليوم لكنه ينتج مشاكل أخطر مستقبلا تتحملها الأجيال المقبلة، وهو يعكس قصور الدولة عن إيجاد حلول ذكية وعملية لتمويل حاجيات البلاد بالإمكانيات المتاحة”.
وأورد تقرير وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة أن متأخرات سداد الضريبة على القيمة المضافة وطلبات استرداد الضريبة على الشركات بلغت على التوالي 3.8 مليار دولار وحوالي 369 مليون دولار، في نهاية ديسمبر 2019.
وتضمن مشروع موازنة العام 2021 إحداث مساهمة اجتماعية تضامنية على الأرباح والدخول برسم سنة 2021 بهدف توفير موارد إضافية لصندوق التماسك الاجتماعي، وتم فرض مساهمة بـ1.5 في المئة بالنسبة إلى الأشخاص الذاتيين الذين يتقاضون رواتب شهرية ابتداء من 20 ألف درهم (نحو 2200 دولار) فما فوق.
ويرى خبراء أن لجوء الحكومة المغربية إلى بعض الحلول كالزيادة في الضريبة والاقتراض لمواجهة عجز الميزانية والتحكم في الدين، يعرقل خطط الاستثمارات الضخمة في مجال البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية.
وأضرت الجائحة بصادرات المغرب والطلب فيه، ويتوقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد بما يصل إلى سبعة في المئة في العام الجاري.
وفي الأسبوع الماضي، أقر البنك الدولي قرضا بقيمة 400 مليون دولار لدعم إصلاحات يقوم بها المغرب لتعزيز شبكة الأمان للأسر الأشد فقرا.