حزب الاستقلال يتّهم الحكومة المغربية بحماية الريع والتطبيع مع الفساد

سعيد الزروالي

انتقد الأمين العام لحزب الاستقلال المعارض نزار بركة، انزياح الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية عن قيم النزاهة والشفافية وخدمة الصالح العام، وتخليها عن مسؤولياتها الأخلاقية والسياسية، فضلا عن استسلامها لمجموعات الضغط وذوي المصالح الفئوية والقطاعية الحصرية، في محاولة إقناعه للرأي العام المغربي بأن الحكومة غير قادرة على مواجهة التحديات الراهنة أو حل الإشكاليات المطروحة.

وأشار بركة، إلى أن مشاريع قوانين المالية والمنظومة الاقتصادية ببلادنا أصبحت مجالا خصبا لأنشطة هذه اللوبيات، والتي استطاعت أن تستصدر من الحكومة قرارات لتحقيق مصالحها الذاتية، وهو ما اعتبره الحزب سابقة خطيرة في الحياة السياسية، ويهدد الأمن الدستوري والقانوني ببلادنا.

 وندد بما أسماه سياسة الآذان الصمّاء التي تنتهجها الحكومة إزاء مطالب الشعب المغربي وفئاته الواسعة، وتنكرها للبعد الاجتماعي، باتباع سياسة إغناء الغني وإفقار الفقير وإذلال الطبقة الوسطى، ورفضها الممنهج لجميع المبادرات الخلاقة التي قدمها حزب الاستقلال، كمكون أساسي للمعارضة.

واعتبر رشيد لزرق أستاذ العلوم السياسية، أن موقف حزب الاستقلال بمثابة بداية تسخينات انتخابية، بتبني الشعار الذي رفعه من قبل العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة والذي بنى حملته على إسقاط الفساد ومكافحة الريع والامتيازات.

وأضاف في تصريحه لـه أن حزب الاستقلال يريد دخول معترك الصراع حول المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة ومنافسة حزبي العدالة والتنمية وحزب التجمع الوطني للأحرار”.

وأدان رئيس حزب الاستقلال استمرار الحكومة في حماية الريع والامتيازات، وتطبيعها مع الفساد ومواصلة إهدار المال العام، من خلال استفادة بعض الشركات بما فيها شركات المحروقات من دعم ميزانية الدولة والنظام الجبائي دون وجه حق، مطالبا بالوقف الفوري لهذا الدعم واسترجاع المال العام لخزينة الدولة.

الحزب يستعد إلى تشكيل فريق الحملة الانتخابية الذي سيتولى إعداد البرنامج الانتخابي الوطني والجهوي

ويرى متابعون أن بركة يلمّح إلى رئيس حزب الأحرار صاحب شركة غاز أفريقيا، عندما انتقد استفادة بعض الشركات من دعم ميزانية الدولة، وهذا يعني أن التنافس الانتخابي من باب محاربة الفساد، هو سيد اللحظة بين الاستقلال من جهة والعدالة والتنمية والأحرار من جهة أخرى.

ويشير لزرق إلى أن رئيس حزب الاستقلال يحاول أن يلعب على تناقضات الحزبين اللذين يقودان الحكومة لتحسين وضع تنظيمه السياسي ولا يلعب دور البديل باعتباره يملك آلة انتخابية سواء في القطاعات التجارية أو العمالية، يخشى ضياعها.

وأعاد رئيس حزب الاستقلال الدعوة إلى إقرار الضريبة على الثروة وعلى الكماليات، عوض اللجوء إلى جيوب الطبقة الوسطى لتغطية العجز المالي، مجددا التنبيه إلى خطورة تركيز القرار الاقتصادي في يد جهة حكومية واحدة، والسعي نحو الهيمنة على صناعة القرار في ظل غياب التوازن والرقابة المتبادلة داخل الحكومة.

وأصرّ رئيس حزب الاستقلال على أن يكون تنظيمه السياسي على أهبة الاستعداد للاستحقاقات القادمة، وأن ينطلق مناضلو الحزب بكامل قواهم، معتبرا أن تقوية حضور الحزب في المشهد السياسي والحزبي وتعزيز مكانته محليا وجهويا ووطنيا، يقتضي من الجميع تعبئة كل الجهود من أجل تغطية شاملة لكل الدوائر الانتخابية.

وفي ظل تمهيد حزب الاستقلال لتموقع جيد في الانتخابات، يعتقد أمين السعيد أستاذ العلوم السياسية، في تصريح لـه، أن الاختلالات البنيوية والعميقة التي تنخر بنية أحزاب المعارضة كالاستقلال والأغلبية، تواجه الكثير من التحديات، كضعف قدرتها على الدخول إلى المعركة الانتخابية في ظل سياق داخلي مطبوع بسخط مجتمعي وبطلب شبابي واسع يتجاوز بكثير العرض الذي يمكن أن تقدمه الأحزاب السياسية في صلب برامجها الانتخابية.

المواطن المغربي صار تائها في تحديد اختيارته، حيث لا يوجد عرض سياسي متوازن يتضمن برنامجا علميا لحل المشكلات

ولاستمالة فئة الشباب لم يتوان الحزب المعارض في سياق انتقاده تطبيع الحكومة مع الفساد عدم قدرتها على إيقاف نزيف هجرة الطاقات والكفاءات المغربية إلى الخارج، وهو ما يعمّق من حدة الفوارق الاجتماعية والمجالية، ويوسع من دائرة الفقر، ويهدر ثروة وطنية حقيقية كان ينبغي تعبئتها لتقوية الإمكان البشري.

ويرى مراقبون أن حزب الاستقلال يتوجّس من تحالف ممكن بين الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني في الانتخابات المقبلة، الشيء الذي سيؤثر على حظوظه، لهذا سيعتمد على مجموعة من الآليات الانتخابية منها محاولة استقطاب أعيان القبائل ورجال الأعمال وفئة الطبقة الوسطى في المدن الكبرى.

ومع ذلك يستعد الحزب إلى تشكيل فريق الحملة الانتخابية الذي سيتولى إعداد البرنامج الانتخابي الوطني والجهوي، وتنسيق الحملة الانتخابية والتواصلية، وتقديم الدعم القانوني للمرشحات والمرشحين والدعم اللوجيستي والتكوين.

وطالب الاستقلال بتوفير كافة شروط نزاهة الانتخابات وضمانات وإجراءات الثقة، التي من شأنها توفير مناخ إيجابي يحفز على المشاركة السياسية، ويضمن مبادئ المساواة والعدل والتنافس السياسي الحر والشريف، محذرا في المقابل من خطورة استعمال سلطة المال في الانتخابات والتي ستقضي على ما تبقى من نبل السياسة.

ويرى الاستاذ الجامعي رشيد لزرق، أن المواطن المغربي صار تائها في تحديد اختيارته، حيث لا يوجد عرض سياسي متوازن يتضمن برنامجا علميا لحل المشكلات، وتروج جل الأحزاب ومنها الاستقلال لنفس الخطاب وتقدم ذات الوعود المتعلقة بالتشغيل والتنمية ومحاربة الفساد ولا تفي بها في النهاية.

اترك رد

%d مدونون معجبون بهذه: