مثل أفلام التشويق والإثارة، ما زال انطلاق حملة التلقيح ضد كورونا في المغرب يثير الكثير من التساؤلات. وأمام شح المعلومات الدقيقة من طرف الأجهزة الرسمية، خاصة وزارة الصحة، كثرت الشائعات والافتراضات، لدرجة أن البعض أصبح يتحدث حالياً عن ضرورة التلقيح ضد الأخبار الكاذبة.
يكتفي المسؤولون بالقول «قريباً» ستنطلق الحملة، وحين يُطلب منهم التحديد يقولون: «في غضون الأسابيع المقبلة» مثلما ورد على لسان عبد الحكيم يحيان، مدير مديرية السكان في وزارة الصحة. وحين سئل عن عدد اللقاحات التي سيجري توفيرها، أجاب في تصريح لوكالة الأنباء المغربية: لا يمكنني أن أمدّكم برقم دقيق، لكن الدفعة الأولى ستشمل نحو 10 ملايين جرعة تم طلبها من مختبر «سينوفارم» الصيني. وسيكون هذا اللقاح في شكل حقن مملوءة مسبقاً، فيما ينص جدول التلقيح على حقنتين لكل شخص، بفارق زمني يقدر بـ21 يوماً. وبالتالي، سيستفيد زهاء 5 ملايين شخص من حملة التلقيح المقبلة، وذلك بناء على فرضية تلقي 10 ملايين جرعة.
وزارة الصحة
وأشار إلى أن وزارة الصحة ستحرص على أن تستغرق حملة التلقيح أقل مدة ممكنة، موضحاً أن المدة ستعتمد في الأساس على وتيرة التموين وعدد الجرعات التي سيتسلمها المغرب برسم الدفعة الأولى.
وستتم عمليات التسليم تباعاً. لذلك ـ يقول المسؤول المذكور ـ «لا يمكننا الجزم من الآن بخصوص المدة التي ستستغرقها العملية». وتابع قوله: «لقد تم الانتهاء للتو من المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، والتي تم إجراء جزء منها في المغرب بمشاركة 600 متطوع، وما تزال المعطيات قيد الاستغلال بتنسيق مع الجانب الصيني وجميع الأطراف المعنية».
وجواباً عن سؤال حول ما إذا كانت هناك أي آثار جانبية للقاح، وهل يمكن القول إنه آمن بنسبة مئة في المائة، أكد مسؤول وزارة الصحة أنه يجب توخي الحذر دائماً من الشائعات. فجميع المعطيات المتاحة تشير إلى أنه لقاح واعد، وحتى الآن، لم يتم تسجيل أي آثار جانبية هامة.وأفاد أن السلطات المغربية المختصة اختارت مبدأ مجانية التلقيح بالنسبة للمواطنين. أما فيما يخص كلفته المالية بالنسبة للحكومة، فأوضح أنه لم يتم تحديدها بعد على وجه الدقة «لأننا نسارع للحفاظ على صحة المواطنين. فهذه هي الأولوية القصوى» على حد تعبيره.
أما فيما يخص الجوانب اللوجيستية للقاحات المتعلقة بالنقل والتبريد والتخزين، فأشار إلى أنه على عكس اللقاحات الأخرى، فإن اللقاح الذي طورته (سينوفارم) لا يحتاج إلى تخزين في درجة حرارة منخفضة للغاية. إذ يمكن تخزينه بين زائد درجتين وزائد 8 درجات مئوية، أي مثل لقاح عادي. وسيتم إرساء جميع الخدمات اللوجستية اللازمة: شاحنات تبريد، وصناديق عازلة للحرارة، وثلاجات… وذلك لضمان جودة اللقاح من حيث سلسلة التبريد.وبخصوص سبب الاختيار على المورّدين «سينوفارم» و«أسترازينيكا» ذكر أن هناك سباقاً عالمياً للحصول على لقاح مضاد لـ(كوفيد-19).
فالعرض محدود للغاية، بينما الطلب هائل جداً. ولا يمكن للمنتجين توفير اللقاح للعالم أجمع دفعة واحدة. وفي هذا السياق، ولتجنب مشكلة نفاد المخزون، حرص المغرب على تنويع مورديه، وهما «سينوفارم» و«أسترازينيكا». وكان هذا هو بالضبط الهدف من الاتفاقين اللذين أبرمتهما مسبقاً وزارة الصحة مع هاتين المجموعتين.
وفي البداية ـ كما يوضح المسؤول المغربي ـ سيتم استيراد اللقاح. أما الإنتاج المحلي فسيبدأ قريباً. لهذا، ولتلبية احتياجات حملة التلقيح المعلن عنها، ستستخدم السلطات الصحية اللقاح الذي سيتم إرساله إليها من موقعي الإنتاج (الصين بالنسبة لشركة «سينوفارم» والمملكة المتحدة بالنسبة لشركة «أسترازينيكا»).
وأفاد أن الهدف العام هو تحقيق مناعة جماعية من خلال الوصول إلى 80 في المائة من السكان. ولكن الأمر يتعلق أساساً بوقف انتشار الفيروس، وتخفيف الضغط على أقسام الإنعاش والنظام الصحي، وتقليل أعداد الوفيات. وبالموازاة مع ذلك، سيمكن التلقيح الشامل من إعادة تحريك العجلة الاقتصادية على اعتبار أن المرضى أو الأشخاص الذين يخضعون للحجر الصحي لا يستطيعون العمل، ما يؤدي إلى انخفاض في الإنتاجية.
ولذلك، فإن الرهان مزدوج: أولاً، حماية صحة المواطنين، وتقليص نسبة المرضى بالمستشفيات وأقسام العناية المركزة، وتقليل أعداد الوفيات؛ وثانياً، إنعاش الاقتصاد لأنه عندما يتمتع الأشخاص بالحماية والطمأنينة بشأن صحتهم يكون بإمكانهم الانخراط بشكل كامل وفعال في الحياة الاقتصادية.
ونقل عن مصادر موثوقة إنه كان قد جرى الاتفاق فعلاً خلال اجتماع اللجنة المشرفة على الحملة على مقترح 4 ديسمبر موعد ساعة الصفر للبدء في تلقيح المغاربة بدءاً بالعاملين في الصفوف الأمامية لتتزامن مع عطلة قطاع التعليم، وتم الشروع الفعلي في الاستعدادات بمجموع نقط التلقيح لدرجة أن بعض المراكز نصبت لافتات في الموضوع، قبل أن تعطى التعليمات الصارمة بإزالتها في آخر لحظة والتراجع عن الموعد المحدد بعد اجتماع طارئ في الرباط اتخذ خلاله قرار التأجيل وعدم التسرع في انتظار توصل السلطات المغربية بالترخيص الرسمي من نظيرتها الصينية وحل مشكلة حفظ اللقاح بحرارة منخفضة، حيث استعانت السلطات الصحية في جهة الدار البيضاء في مستودعات «مغرب تثليج». كما ربط الاتصال بمجموعة من المراكز التجارية الكبرى التي تتوفر على غرف تبريد كبرى لاستغلالها في حفظ لقاحات كورونا في عدد من المدن المغربية.
لقاح كورونا
في السياق نفسه، وتحت عنوان «لقاح كورونا… في انتظار ساعة الصفر» أفادت صحيفة «الأحداث المغربية» في عدد أمس الاثنين، أن عدداً من مديري المؤسسات التعليمية المغربية انتهوا من إعداد لوائح تتضمن أسماء الأساتذة الراغبين في الاستفادة من اللقاح المضاد لفيروس كورونا عند انطلاق عملية التطعيم. وجاء إعداد رؤساء المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية للوائح المستفيدين المتوقعين من التلقيح بعد تسلمهم مراسلة تحثهم على الإسراع في عملية إطار التحضير الاستباقي والتهيوء للمرحلة الأولى من التطعيم ضد كوفيد 19.
وجاءت المراسلة في إطار الأولوية التي حصل عليها رجال ونساء التعليم إلى جانب الكوادر الصحية ورجال الأمن والسلطات المحلية، حيث ستكون هذه الفئات من بين الأوائل الذين سيستفيدون من اللقاح عند إطلاق العملية، بالإضافة إلى الفئات الهشة، أي التي تعاني من أمراض مزمنة أو ساعة والأشخاص الذين تفوق أعمارهم 45 سنة.
وفي موازاة مع هذا، شرع أعوان السلطات المحلية في مختلف المناطق المغربية، وعلى وجه الخصوص في جهة الدار البيضاء، في إحصاء المواطنين الذين يعانون من أمراض مزمنة وأولئك الذي يحملون بطاقة المساعدة الصحية الاجتماعية، وذلك قصد تدوين أسمائهم في القوائم الوطنية التي ستستفيد من عملية التلقيح ضد كورونا خلال المرحلة الأولى.